كشف موقع "بزنس إنسايدر"، أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأحد محامي الدفاع عنه، وقبيل وقت قصير من دعوته "الوقحة" لإغلاق التحقيق في ملف التدخل الروسي المحتمل بالانتخابات الرئاسية 2016، تلقّيا قائمة أسئلة من المحقق الخاص بالقضية روبرت مولر.
وجاء هذا التطور في الوقت الذي يعمل فيه فريق ترامب القانوني، منذ أشهر، على تجنّب أو تقليص نطاق المقابلة بشكل كبير بين مولر والرئيس، والذي أظهر ميلاً إلى المبالغة في الحقائق وإدلاء بيانات مضللة.
ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإنّ تغريدات ترامب على "تويتر" المهاجمة للتحقيقات، في نهاية هذا الأسبوع، جاءت بعد أن أرسل مولر الأسئلة، كجزء من المفاوضات مع فريق ترامب القانوني، بشأن المقابلة التي يرجوها مع الرئيس.
وما يزال مولر يسعى لإجراء مقابلة مع ترامب، حسب ما ذكرت مصادر لصحيفة "نيويورك تايمز"، لكنّه أرسل قائمة الأسئلة، كنقطة انطلاق يمكن اعتمادها فيما بعد لطرح أسئلة المتابعة.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"، قد نقلت، قبل أسبوعين، عن مصدر مطلع على التحقيقات بملف التدخل الروسي، أنّ "محاميّ الرئيس الأميركي يسعون إلى عقد صفقة مع مولر، تتضمّن موافقة ترامب على مقابلته، مقابل تعهّد مولر بإنهاء التحقيقات خلال 60 يوماً من موعد المقابلة".
وقد وضع محاموه مراراً وتكراراً جداول زمنية عامة، يتوقعون انتهاء التحقيق ضمنها، لكن توقعاتهم كانت تخيب دائماً.
وقال جون دود محامي ترامب الشخصي، لموقع "ذا ديلي بيست"، صباح يوم السبت، إنّه يجب إغلاق التحقيق حول تدخل روسيا.
وأضاف، في رسالة نصية، وفقاً للتقرير: "أدعو الله أن يحذو وزير العدل بالنيابة (رود) روزينستاين، حذو المثال الرائع والشجاع لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ولوزير العدل جيف سيشنز، وأن يضع حدّاً للتحقيق المزعوم في التواطؤ الروسي الذي صنعه جيمس كومي رئيس أندرو ماكيب، بناء على ملف احتيالي وفاسد".
وكان دود، الذي يمثّل نقطة الاتصال الرئيسية بين ترامب ومولر، قد قال في البداية، إنّه يدلي بهذا التصريح بصفته محامي ترامب، لكنّه سرعان ما تراجع عن ذلك، وقال إنّه كان يتصرّف بصفته الشخصية وليس بالنيابة عن ترامب.
وبعد ساعات من هذا التصريح، انتقد ترامب في تغريدة، حملت صدى مضمون ما قاله دود، حول وصم التحقيق بشأن التدخل الروسي المحتمل بالانتخابات بـ"الاحتيال".
وقال ترامب، في تغريدة على "تويتر"، يوم السبت، "كان لا ينبغي أبداً أن يبدأ تحقيق مولر على أنّه لم يكن هناك تواطؤ وليس هناك جريمة"، مضيفاً أنّ ملف التحقيق "كان مبنياً بالاستناد على أنشطة احتيالية وملف مزيف، تم دفعه من قبل هيلاري (كلينتون) الملتوية والحزب الديمقراطي، واستخدمت بشكل غير صحيح في محكمة FISA (المحكمة الأميركية لمراقبة الاستخبارات الأجنبية) من أجل مراقبة حملتي. مطاردة ساحرات!".
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 18, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 18, 2018
|
وواصل ترامب، الأحد، سلسلة تغريداته، التي تهاجم التحقيق الذي يجريه مولر، معتبراً أنّه منحاز ضده، إلا أنّه لم يستهدف المحقق الخاص بشكل صريح، بعد تحذيرات من أعضاء في مجلس الشيوخ من أّن إقالته ستكون "تجاوزاً خطيراً للخط الأحمر".
وهاجم الرئيس الأميركي أيضاً كلاً من نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" أندرو ماكيب، الذي أقيل الجمعة قبل يومين من موعد تقاعده، والمدير السابق للمكتب جيمس كومي، الذي أقاله ترامب، العام الماضي، على خلفية التحقيق.
وكان ترامب تفادى، حتى الآن، مهاجمة مولر بشكل مباشر. ومولر مدير سابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، تولّى التحقيق في التدخل الروسي بعد إقالة كومي، في 9 مايو/أيار 2017.
إلا أنّ ترامب استهدف فريق المحامين الكبير الذين تم اختيارهم، بناء على خبراتهم في الاحتيال المالي وغسل الأموال والفساد والرشاوى والجريمة المنظمة. وتساءل ترامب، في تغريدة، "لماذا يضم فريق مولر 13 ديموقراطياً متشدداً، بعض كبار مناصري هيلاري الفاسدة، ويخلو من أي جمهوري؟ ومؤخراً أضيف ديموقراطي آخر".
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 18, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 18, 2018
|
واستغلّ حلفاء الرئيس الجمهوريون حقيقة أنّ بعض أفراد طاقم مولر؛ 7 من 17 محامياً، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، تبرّعوا بأموال سابقاً إلى مرشحين سياسيين ديموقراطيين. إلا أنّ المدافعين عن مولر يقولون إنّه ومكتب التحقيقات الفيدرالي بشكل عام، لديهم ضوابط تجنّب تلوث أي تحقيق بالسياسة.
ماذا يريد مولر؟
وذكر "بزنس إنسايدر"، أنّ المحتوى الدقيق للأسئلة التي قدّمها مولر إلى ترامب، لا يزال غير واضح، لكن التقارير العامة والمتابعات من قبل الكونغرس، تشير إلى وجود بعض الخطوط العريضة للموضوعات التي استفسر عنها مولر.
وعلى وجه التحديد، يحقّق مولر، فيما إذا كان ترامب سعى إلى عرقلة العدالة في ملف التدخل الروسي المحتمل بالانتخابات، عندما أقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" جيمس كومي، في مايو/أيار الماضي.
أما كومي وماكيب اللذان احتفظا بمذكرات تفصيلية حول محادثاتهما مع ترامب، فهما شاهدان حاسمان في التحقيق، إذ قد تشكّل تلك المذكرات مادة دسمة للتحقيق الذي يجريه مولر في احتمال عرقلة الرئيس مسار العدالة.
وأضاف ترامب، في سلسلة تغريداته، "أمضيتُ القليل من الوقت مع أندرو ماكيب، لكنّه لم يدون أي ملاحظات عندما التقيته. لا أعتقد أنّه كتب مذكرات إلا من أجل أجندته الخاصة، على الأرجح في وقت لاحق. الأمر نفسه ينطبق على الكاذب جيمس كومي".
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 18, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 18, 2018
|
وبعد إقالته أعلن ماكيب أنّه ضحية "حرب" تشنّها إدارة ترامب ضد مكتب التحقيقات الفيدرالي والمحقق الخاص. بدوره أعرب كومي عن رفضه لما كتبه ترامب، وقال في تغريدة "سيدي الرئيس، سوف يسمع الشعب الأميركي قصتي قريباً جداً، وبإمكانهم أن يقرروا بأنفسهم من هو المستقيم ومن ليس كذلك".
— James Comey (@Comey) March 17, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— James Comey (@Comey) March 17, 2018
|
كما يُعتبر ترامب موضع اهتمام لمولر، نظراً لكونه يحقق أيضاً فيما إذا كانت حملة الرئيس قد تواطأت مع روسيا خلال انتخابات عام 2016.
وعلى وجه الخصوص، يُقال إنّ مولر ينظر فيما إذا كان لدى ترامب أي علم مسبق، باختراق روسيا للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وما تبع ذلك من نشر مواد مسروقة من ملفاتها ورسائلها.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، يوم الخميس، أنّ مولر قد أصدر مذكرة يطلب بموجبها وثائق من مجموعة شركات ترامب. وبحسب ما نشرته الصحيفة، فهذه أول مرة يطلب فيها مولر الحصول على وثائق تهم مباشرة الأعمال التجارية والمالية لترامب، وهو ما يعني أنّ التحقيقات باتت تقترب أكثر من الرئيس الأميركي.
ويمكن أن يشكّل ذلك خرقًا لـ"الخط الأحمر"، الذي اعتبر ترامب أنّ مولر سيتجاوزه، إذا غامر في التحقيق بالوصول إلى المسّ بالأمور المالية الشخصية لعائلة ترامب.