قانون الكونغرس يفزع برلمان السيسي: علاقة جديدة بإدارة "ترامب"

29 ديسمبر 2016
ترتيبات بالبرلمان المصري لزيارة الكونغرس (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

 

بدأت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري ترتيبات زيارة الكونغرس الأميركي، المُقررة مطلع مارس/آذار المقبل، في محاولة للتقارب مع الإدارة الأميركية الجديدة، وإعادة جسور التواصل مع لجنة الشؤون الخارجية، بعد الانتقادات الحادة التي وجهتها الأخيرة إلى الإدارة المصرية، بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم.

وقال مصدر مُطلع بهيئة مكتب اللجنة البرلمانية، إن نوابها ينتظرون بفارغ الصبر تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمهام منصبه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، لكونه يتفق مع رؤية الإدارة المصرية الحالية في عديد من ملفات المنطقة العربية، وفي مقدمتها الأزمتان السورية والفلسطينية، بهدف إعادة صياغة العلاقات المصرية الأميركية بعد التخلص من إدارة الرئيس أوباما.

وأضاف المصدر في تصريح لـ"العربي الجديد" أن حالة من الفزع انتابت أعضاء البرلمان الأيام الماضية على خلفية مناقشة الكونغرس مشروع قانون خاص بترميم الكنائس في مصر، الأمر الذي دفع رؤساء لجان العلاقات الخارجية والدفاع والأمن القومي وحقوق الإنسان للاجتماع مع رئيس البرلمان، علي عبد العال، ومطالبته بإصدار بيان رسمي، يُعلن خلاله رفض مجلس النواب المصري للمشروع الأميركي.

وأشار المصدر إلى تحفظ عبد العال على مطلبهم، إلا أنه ترك لهم حرية إصدار تصريحات مُنددة بمشروع القانون، مع التوصية بخروج النواب المسيحيين - من أعضاء تلك اللجان- على القنوات الفضائية، وإعلان رفضهم للتدخل الأجنبي في شؤون بلادهم من جانب الولايات المتحدة.

وسجل رئيس لجنة العلاقات الخارجية، أحمد سعيد، رفض اللجنة للتدخل الأميركي في شأن من شؤون مصر الداخلية، ومساسه بسيادتها الوطنية، خاصة أن بناء دور العبادة "يخضع لقانون ارتضاه الشعب المصري، وصادق عليه مجلس النواب، صاحب الاختصاص الأصيل في متابعة ومراقبة تنفيذ نصوصه"، وفق قوله.

وأشار سعيد في تصريحات صحافية إلى أن العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في مصر لم تشهد عنفاً طائفياً، ولكن تتعرض البلاد لعمليات عنف ترتكبها جماعات إرهابية كل فترة، ويذهب ضحاياها من كلا الجانبين على حد سواء، متهماً الإدارة الأميركية الحالية بالصمت تجاه مخاطر الإرهاب، والتصدي لقضية فرعية وإجرائية، مثل مشروع الكنائس.

فيما قالت عضوة لجنة حقوق الإنسان، البرلمانية مارجريت عازر، إنه يجب الربط بين توقيت التقدم بالمشروع الأميركي، ومرور مصر بأزمة اقتصادية صعبة، والذي يدل على حالة التربص بإدارة السيسي من جانب إدارة أوباما، مضيفة في تصريح خاص أن "على الكونغرس إدانة الجماعات المتطرفة التي تورطت في إتلاف الكنائس المصرية، وتصنيفها كإرهابية، وعلى رأسها جماعة "الإخوان المسلمين".

وأُحيل قانون المساءلة المتعلق بالكنائس المصرية، الذي قدمه السيناتور الجمهوري ديف تروت، إلى لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، تمهيداً لمناقشته في يناير، ويطالب وزير الخارجية الأميركي بتقديم تقرير سنوي إلى الكونغرس عن جهود السلطات المصرية الخاصة بإصلاح الممتلكات المسيحية، التى حُرقت أو جرى إتلافها عقب فض اعتصامات أنصار الرئيس السابق محمد مرسي قبل ثلاث سنوات.

وانتقد المشروع الأميركي قانون ترميم وبناء الكنائس، الصادر عن البرلمان المصري نهاية أغسطس الماضي، وعدم تفعيل نصوصه بشأن الكنائس التي تعرضت للإتلاف منذ العام 2013، رُغم وعود السيسي بشأن ترميم الكنائس المتضررة من هجمات العناصر المتطرفة، في ظل عدم ترميم 29 مبنىً تابعاً للكنائس في 24 موقعاً، وترميم المسيحيين 23 كنيسة على نفقتهم الخاصة.

وينظر مختصون إلى المشروع الأميركي على أنه "تعدٍّ على سيادة الدولة المصرية، إذ أن الأمم المتحدة تعد الجهة المنوط بها مساءلة النظام المصري عن عدم ترميم الكنائس المتضررة من خلال ربطها بالمساعدات العسكرية والاقتصادية للقاهرة، ضمن برنامجها للمساعدات السنوية".

وأعربت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، على لسان متحدثها أحمد أبو زيد، الأربعاء، عن رفض القاهرة لمشروع القانون الذي يُتيح لجهة أجنبية حقوقاً تمس السيادة الوطنية، ويتصور إمكانية خضوع السلطات المصرية للمساءلة أمام أجهزة تشريعية أو تنفيذية خارجية، معتبرة أن الرقابة على إجراءات السلطة التنفيذية في مصر مُخولة فقط للمؤسسات الدستورية في الداخل.

وفي الوقت الذي دانت فيه الكنيستان الأرثوذكسية، والإنجيلية المشروع الأميركي، بشكل رسمي، التزمت الكنيسة الكاثوليكية المصرية الصمت، ولم تصدر بياناً رسمياً، مكتفية بعبارات الشجب التي تصدر عن بعض القساوسة المحسوبين عليها.

ودافعت الكنيسة الأرثوذكسية عن الحكومة المصرية، قائلة إنها أدت واجبها كاملاً في ملف إصلاح وترميم الكنائس، وأن الهيئة الهندسية، التابعة للجيش، تعمل على إعادة إصلاح وترميم الكنيسة البطرسية، الملحقة بالكاتدرائية المرقسية بالعاصمة القاهرة، بعد تفجيرها في ديسمبر الجاري، بهدف إعدادها للصلاة في عيد المسيحيين في 7 يناير المقبل.​

بدورها، أعلنت الطائفة الإنجيلية بمصر، برئاسة أندريه زكي، عن رفضها أي تدخل أجنبي في الشأن المصري الخاص، بحجة أن الإدارة المصرية وقفت إلى جانب المسيحيين في أعقاب أحداث 30 يونيو/حزيران، وعملها على ترميم معظم الكنائس التي تعرضت للحرق والتدمير على يد جماعة من المتطرفين في أعقاب فض اعتصامات أنصار جماعة الإخوان، وفقاً لكلامه.