دلالات التصعيد الروسي الأوكراني: أبعاد سياسية بلا حرب متكاملة

27 نوفمبر 2018
موجة جديدة من التصعيد بين موسكو وكييف (Getty)
+ الخط -
هيمنت واقعة الاشتباك بين العسكريين الروس والأوكرانيين في مضيق كيرتش على عناوين الصحافة الروسية الصادرة اليوم الثلاثاء، إذ شكلت الحادثة سابقة لصدام مباشر بين عسكريي البلدين لأول مرة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وإقدام روسيا على ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، وسط ترجيحات أن يظل التصعيد ذا طابع سياسي دون التطور إلى حرب مفتوحة.

وفي مقال بعنوان "ليست هناك حرب، ولكن تتوفر ذريعة"، ذكرت صحيفة "فيدوموستي" أن حادثة، مساء الأحد، ناجمة عن "تباين الرؤى لمكان الحدود البحرية بين البلدين في عام 2018"، موضحة أن إعلان الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، حالة الحرب لمدة 30 يوماً يشكل سابقة أيضاً، إذ لم يتم فرضها لا بعد ضم القرم ولا أثناء المراحل الأكثر حدة من النزاع في منطقة دونباس التي تضم مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك المواليتين لروسيا شرق أوكرانيا. 

وأشارت الصحيفة إلى أن بوروشينكو فرض حالة الحرب وسط تراجع شعبيته، مقللة في الوقت نفسه من واقعية أن يساعده ذلك في تعبئة الناخبين حوله بصفته القائد الأعلى، كون ذلك ليس أول نزاع منذ بدء ولايته الرئاسية عام 2014.


وخلصت إلى أن "احتجاز السفن بلا ضحايا لا يبدو ذريعة بديهية لبدء حرب متكاملة"، معتبرة أن "ذلك قد يكون ثمنا مبالغاً فيه حتى بالنسبة إلى بوروشينكو مقابل إعادة انتخابه" في الاستحقاق الرئاسي في العام المقبل.

ولما كانت حالة الحرب تتيح تأجيل الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا، تساءلت صحيفة "فزغلياد" هي الأخرى عن علاقة التصعيد الروسي الأوكراني مع الانتخابات المرتقبة، مرجحة أن "الاستفزاز بمشاركة سفن بحرية في مضيق كيرتش، قد يساعد الرئيس الأوكراني في مخالفة مواعيد الانتخابات الرئاسية في ربيع عام 2019 وسط تراجع شعبيته إلى أدنى مستوى". 

ونقلت الصحيفة عن عضو لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، فرانتس كلينتسيفيتش، قوله: "إذا تعاملنا وفقاً للقوانين الروسية تماماً، فإن هذه السفن دخلت إلى أراضينا الإقليمية، وتم إصدار أوامر لها بالتوقف، ولكنها لم تستجب لها، وكان يجب قتل من كانوا موجودين على متنها رمياً بالرصاص. مَن خطط لكل ذلك، كان يعول على مثل هذا الرد، دون النظر إلى حياة هؤلاء الـ20 شاباً".

أما صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"، فأشارت في مقال بعنوان "من يستفيد من تصاعد النزاع بين موسكو وكييف؟" إلى أن روسيا وأوكرانيا كلتيهما تدركان جيداً أن "من يسيطر على الأجندة ويحددها، هو من يفوز في السياسة"، ملخصة منطق البلدين في مبدأ "لا تغيير للقادة أثناء الحرب". 

وأضافت الصحيفة أن "العقوبات وضغط الغرب أمر يزعج روسيا، ولكنه يتيح للسلطات الروسية إبعاد الأنظار عن المشكلات الاقتصادية أو تفسير حتميتها وتبريرها".

وحول استفادة السلطات الأوكرانية من الواقعة، تابعت: "تصاعد النزاع مع موسكو لن يحسن الأوضاع داخل أوكرانيا بأي شكل من الأشكال. إلا أن صورة "العدو على الأبواب" وأهمية مواجهته، توفران للسلطات في كييف فرصة لتأجيل حل المشكلات الداخلية".

بدوره، قلل الصحافي الروسي المعارض، أوليغ كاشين، من احتمال نشوب حرب متكاملة بين روسيا وأوكرانيا، معتبراً أن بحر آزوف "هو المكان الأنسب للمواجهة السياسية المثيرة"، كونه يتبع لروسيا وأوكرانيا فقط دون المساس بمصالح أي طرف ثالث حتى لو "اشتعل سطحه بالكامل"، على حد تعبيره.


وفي مقال بعنوان "هذه ليست حرباً. لماذا إطلاق النار بجوار جسر القرم يجب ألّا يثير مخاوف أحد؟" نشر بصحيفة "ريبابليك" الإلكترونية، ذكر كاشين أن "بحر آزوف حوض صغير جدا بمقاييس المحيط العالمي"، معتبراً أن "الإمكانات اللوجستية والسياحية لبحر آزوف محدودة جداً مقارنة بإمكاناته السياسية".

وكانت ثلاث سفن تابعة للقوات البحرية الأوكرانية، قد عبرت مساء الأحد الماضي ما تعتبر روسيا أنه بات حدودًا بحرية جديدة لها بعد ضم القرم، فأطلقت النار عليها، كما احتجز جهاز الأمن الفدرالي الروسي السفن "المخالفة" والبحارة الذين كانوا موجودين على متنها، مما تسبب في موجة جديدة من التصعيد بين موسكو وكييف اللتين سارعتا لتبادل الاتهامات.

وكما هو حال الأزمة الأوكرانية منذ اندلاعها، تجاوزت الواقعة حدود التصعيد بين موسكو وكييف، بل انتقلت المواجهة إلى مجلس الأمن الدولي، حيث اعتبرت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أن "السفن الأوكرانية كانت متجهة من ميناء أوكراني إلى آخر، إلا أن قوات حرس الحدود الروسي عرقلتها"، مؤكدة بذلك تمسك بلادها بعدم الاعتراف بانضمام القرم إلى روسيا.

دلالات
المساهمون