وزراء ونواب تونسيون يرفضون التصريح بممتلكاتهم

26 يناير 2017
تحدثت تقارير حقوقية عن تقصير المسؤولين بالتصريح عن ممتلكاتهم(Getty)
+ الخط -




بات التصريح بالممتلكات والمكاسب والعقارات هاجساً يؤرق كبار المسؤولين التونسيين الذي ضربوا بالدستور والقوانين عرض الحائط، عبر رفضهم القيام بذلك أمام محكمة المحاسبات بمجرد توليهم السلطة، ما يؤشر على عدم احترام للدستور والقوانين التي تنص على الشفافية والحكم الرشيد، بالرغم من مرور 3 سنوات على التصديق على دستور يناير/كانون الثاني 2014، الذي ينص في أحكامه على قيم الشفافية والحوكمة، ومرور 6 سنوات منذ اندلاع الثورة التي رفعت شعارات مناهضة المحسوبية ومقاومة الفساد.

وتأجّج الجدل في الأوساط التونسية حول رفض كبار المسؤولين في الدولة التصريح بمكاسبهم المادية، وخاصة إثر صدور تقرير لمنظمة تعنى بالشفافية ومقاومة الفساد تضمن أرقاماً وإحصائيات حول المسؤولين التونسيين، كما ذكر التقرير أسماء المسؤولين الذين قاموا بواجب التصريح.


وقالت منظمة "أنا يقظ" في بيان أنها حصلت على التقرير من محكمة المحاسبات التونسية وقد كشفت في وثيقتها مدى التزام جميع الذين شغلوا مناصب وزارية وبرلمانية في تونس إثر الثورة، باستثناء حكومتَي الوزير الأول محمد الغنوشي وذلك بسبب قصر فترة عملهما.

وينصّ الدستور التونسي، في بنده الحادي عشر على إجبارية التصريح بالممتلكات ويشمل الأمر "من يتولى رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو عضويتها أو عضوية مجلس نواب الشعب أو عضوية الهيئات الدستورية المستقلة أو أي وظيفة عليا"، حيث يلتزم كل منهم "بالتصريح بمكاسبه وفق ما يضبطه القانون".

وجاء هذا البند الدستوري ليوسع قائمة الملزمين بالتصريح مقارنة بالقانون رقم 17 لسنة 1987، والذي يفرض على أعضاء الحكومة والقضاة والسفراء والولاة ورؤساء المؤسسات الأم والمؤسسات الفرعية القيام بتصريح على الشرف بمكاسبهم وبمكاسب أزواجهم وأبنائهم القصر، وذلك في أجل لا يتجاوز الشهر من تاريخ تعيينهم، مع منحهم أجلاً إضافياً مدته خمسة عشر يوماً لتسوية أوضاعهم.

وجاء في تقرير المنظمة أن حكومة الباجي قائد السبسي، في عام 2011، تعد الأقل تصريحاً بالممتلكات خلال الأشهر العشرة التي أدارت فيها شؤون الحكم، وذلك بنسبة 12.5 بالمائة فقط، فيما لم يصرح سوى 78.5 بالمائة من وزراء حكومة حمادي الجبالي بالممتلكات، في عام 2012، وعددهم 42 وزيراً حيث صرح عشرون منهم خارج الآجال القانونية.

وأما عن حكومة علي العريض، في عام 2013، فسجل التقرير مبادرة 86.8 بالمائة من الوزراء الذين قاموا بواجبهم القانوني بالتصريح، غير أن 27 بالمائة منهم صرح خارج الآجال، واكتفى ستة وزراء بالتصريح عن الشرف بالمكاسب عند مباشرة مهامهم عام 2014.

وأشار التقرير إلى أن نسبة التزام حكومة، مهدي جمعة، بالتصريح بمكاسب أعضائها بلغت 79بالمائة، 8.6 بالمائة منهم مخالف للآجال القانونية معتبرة أن التصريح كان "منقوصاً" في حين يعد التزام حكومتي الحبيب الصيد الأولى والثانية بالتصريح بالممتلكات "ضعيفاً" بنسبة بلغت 52.3 بالمائة.

واعتبرت المنظمة أن تصريح أعضاء الحكومة الحالية التي يرأسها يوسف الشاهد، بالممتلكات هو في حقيقة الأمر "نصف تصريح"، حسب ما جاء في تقريرها، حيث ذكرت أن الوزراء الملتحقين بالحكومة، في عام 2016، سارعوا إلى التصريح بمكاسبهم قبل انقضاء مدة الشهر عن مباشرة مهامهم، في حين اكتفى جزء منهم بالتصريح الأول عند التحاقه بالحكومة السابقة.

وكشفت المنظمة عن قائمة اسمية لأعضاء البرلمان الذين قاموا بالتصريح بممتلكاتهم وعلى رأسهم رئيس البرلمان محمد الناصر من إجمالي 18 نائباً فقط من بين 217 نائباً قاموا بواجبهم الدستوري والقانوني بنسبة تعادل 8.2 بالمائة من إجمالي أعضاء البرلمان.

ويرى الرئيس الأول لدائرة المحاسبات، عبد القادر الزقلي، أنه توجد "ضرورة لمراجعة قانون التصريح على الشرف بمكاسب أعضاء الحكومة وبعض الأصناف من الأعوان العموميين حتى تتحقق الشفافية المطلوبة"، مؤكداً على "وجوب رفع السرية عن تقارير دائرة المحاسبات، فبمقتضى القانون تكون هذه التقارير سرية، ويتطلب الأمر أن يتاح لمحكمة المحاسبات في إطار الدستور الجديد إمكانية النشر المباشر لتقاريرها باعتبارها تابعة للسلطة القضائية وباعتبار أنه لا وصاية على السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية وبالتالي يتم نشر التقرير دون انتظار إذن مسبق".