منظمات حقوقية عربية: الرئيس السوداني الهارب من العدالة يواجه الشعب بالرصاص

26 ديسمبر 2018
المنظمات طالبت البشير بالاستجابة لمطالب الإصلاح (Getty)
+ الخط -
دانت 21 منظمة حقوقية مصرية وعربية استخدام السلطات السودانية للقوة المفرطة في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

ودعت المنظمات، في بيان مشترك صادر اليوم الأربعاء، السلطات السودانية إلى التوقف الفوري عن استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين، والاستجابة الفورية لمطالب الإصلاح السياسي والاقتصادي المقدمة من المجتمع المدني والأحزاب السياسية في السودان.

واندلعت شرارة الاحتجاج بدءًا من مدينة عطبرة، شمال السودان، يوم الأربعاء 19 ديسمبر/كانون الأول، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية، والتي ازدادت سوءًا بعد قرار الحكومة برفع أسعار الخبز وعدد من السلع الأساسية في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وشح السيولة النقدية وندرة العديد من السلع في البلاد، وذلك في وقت يدرس فيه البرلمان السوداني تعديل الدستور ليسمح للرئيس البشير، الذي تولى الحكم في انقلاب عسكري في 1989، بالترشح مجددًا للرئاسة بعد انتهاء فترة ولايته في 2020.

وقد شاركت في الاحتجاجات أعداد غفيرة من المواطنين، قدرها البعض بالآلاف، ثم انتقلت الاحتجاجات سريعًا إلى القضارف والعاصمة الخرطوم ودنقلا، وفي الأيام التالية اتسعت رقعة الاحتجاجات الشعبية ووصلت إلى مدن أخرى، مثل أم درمان والبربر وبورت سودان والرهد والأُبيض وأم روابة.


وقالت المنظمات: "تعاملت قوات الأمن بعنف مفرِط مع الاحتجاجات، ولم تكتف باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق الاحتجاجات التي اقتربت إحداها من أسوار قصر الرئاسة في الخرطوم، يوم الخميس 20 ديسمبر/كانون الأول، بل استخدمت الشرطة الرصاص الحي في تفريق المظاهرات، وهو ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. كما قامت الأجهزة الأمنية باعتقال 14 من قيادات تحالف الإجماع الوطني المعارض خلال اجتماعهم في مدينة أم درمان، وفقًا لبيان صادر عن التحالف. وشملت حملة الاعتقالات إحسان فقيري، المدافعة عن حقوق الإنسان، ثم جرى إطلاق سراحها، وفقا لبيان مبادرة لا لقهر النساء".

وأضافت المنظمات "استلهم المتظاهرون السودانيون شعارات انتفاضات الربيع العربي، وطالبوا في احتجاجاتهم بإسقاط نظام البشير، ورفعوا النداءات المطالبة بالحرية، وأحرق بعض المحتجين مقار تابعة للحزب الحاكم. وفي المقابل، استعارت السلطات السودانية بعض الخطوات التي لجأت إليها بعض الأنظمة الحاكمة، أثناء انتفاضات الربيع العربي، لقمع الاحتجاجات الشعبية".

واستطرد البيان: "قطعت السلطات السودانية خدمة الإنترنت، يوم الخميس، لمنع المتظاهرين من التواصل مع بعضهم وتبادل الأخبار وتنظيم احتجاجات، يوم الجمعة، وتم تعليق الدراسة في الخرطوم، فيما أعلنت حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال في القضارف وولاية النيل الأبيض وولاية الشمالية. واستخدمت السلطات السودانية قاموس الطغاة العرب الأثير لوصف الانتفاضات الشعبية؛ فاتهمت المظاهرات السلمية بأنها تحوّلت بفعل المندسين إلى نشاط تخريبي. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية أنباء تزعم إلقاء القبض على خلية تخريبية تضم كوادر حزبية معارضة تعمل بتنسيق تام مع الحركات المسلحة، دون مزيد من التفاصيل. وبرغم سقوط القتلى والجرحى، تزعم السلطات السودانية أن قوات الشرطة تعاملت بصورة حضارية مع المتظاهرين ولم تعترضهم، وذلك وفقا لمزاعم الناطق الرسمي باسم الحكومة".


وقالت المنظمات "يقود النظامَ الحاكم في السودان رئيسٌ متهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرًا بتوقيفه منذ نحو 10 سنوات. وتحت إدارة الرئيس الهارب من العدالة الدولية، يعيش السودان منذ سنوات في ظل نظام لا يبالي بسجله الوحشي وانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان، ويعاني المواطنون من أوضاع اقتصادية واجتماعية مزرية، فيما يضطر العديد من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان إلى اللجوء للمنفى الإجباري أو الاختياري فرارًا من التعذيب والمحاكمات الجائرة وملاحقة الأجهزة الأمنية".

وأضافت المنظمات أنه "فيما فشل المجتمع الدولي في محاسبة البشير وأعوانه، فإن الأنظمة الحاكمة العربية تواطأت مع البشير في تحدي قرار المحكمة الجنائية الدولية، ووفرت له الحماية وامتنعت عن تنفيذ قرار المحكمة في إطار السعي لإضعاف آلية المحاسبة الدولية على انتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما سيستفيد منه عدد لا بأس به من قادة المنطقة المتورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".

وقالت المنظمات إن "التواطؤ ضد الشعب السوداني لا يقتصر على مظلة الحماية التي يوفرها أعضاء الجامعة العربية للبشير وتسهيل فراره من العدالة الدولية، بل يمتد التواطؤ ليشمل غالبية الصحف ووسائل الإعلام العربية التي تتعمّد تجاهل القمع الذي تتعرض له الانتفاضة الشعبية في السودان، وذلك لافتقار وسائل الإعلام في المنطقة للاستقلال، وتبعيتها للأجهزة الأمنية، التي تخشى أن تؤدي التغطية الإعلامية لانتفاضة السودان إلى انتفاضة شعوب أخرى في المنطقة تعاني من القمع وشظف العيش. حتى وسائل الإعلام العربية التي تمتلك إمكانات هائلة وتركز على تغطية التطورات السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان في عدد من البلاد العربية، خذلت الشعب السوداني بتجاهلها تغطية انتفاضته بسبب المصالح السياسية المشتركة مع النظام الحاكم في السودان".

وقالت أيضًا إن "انتفاضة الشعب السوداني هي جزء من حركة الاحتجاج التي تشهدها العديد من الدول العربية من أجل المساواة والعدالة والتمتع بالحقوق التي أقرّها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وعلى المجتمع الدولي التدخل لحماية أرواح وحقوق المحتجين في السودان؛ فمن العار أن يُقتَل المطالِبون بالحق في الخبز والحرية دون محاسبة ويقف العالم متفرجا في صمت".​

وشملت قائمة المنظمات الموقعة كلًا من "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، والمركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، ومركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان، ومركز مدافع لحقوق الإنسان، والمنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق)، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية - مصر، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف ـ مصر، وكوميتي فور جستس، ومبادرة الحرية، ومركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان، ومواطنة لحقوق الإنسان (اليمن)، وبلادي جزيرة الإنسانية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، وجمعية يقظة من أجل الدفاع عن الديمقراطية والدولة المدنية، وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، ومركز النديم".