"الحقيقة والكرامة" تردّ على الانتقادات: قطار العدالة انطلق بتونس

08 ديسمبر 2016
بن سدرين: العدالة الانتقالية لم تفشل (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -


ردّت رئيسة هيئة "الحقيقة والكرامة" سهام بن سدرين، مساء أمس الأربعاء، على الانتقادات التي وجهها نوّاب الائتلاف الحاكم باستثناء حركة "النهضة"، خلال مناقشة ميزانية الهيئة، في البرلمان التونسي، والذين كان لكل منهم شروطه للموافقة على الميزانية بعد اتهامهم للرئيسة بشبهة فساد.

وأكدت خلال ردودها، أنّه لا يجوز التدخّل في التسيير الذاتي للهيئة، والذي ينصّ قانون العدالة الانتقالية على أن يكون مستقلاً، في حين امتنعت عن الإجابة على تساؤلات عدة، ما أثار غضب النواب الذين اعتبروا ذلك "تحقيراً" للبرلمان.

وعلى الرغم من الاعتراضات، جاء التصويت في البرلمان على ميزانية الهيئة، وفق منطق التوافق، وانتهى بموافقة عدد كبير من نواب "نداء تونس"، لتحصد الهيئة موافقة 121 صوتاً، مقابل تحفّظ كتلة "الحرة" بـ21 صوتاً، ورفض 28 من كتل مختلفة باستثناء حركة "النهضة"، و"الجبهة الشعبية".

واشترطت كتلة "نداء تونس"، على لسان رئيسها سفيان طوبال، المصادقة على ميزانية الهيئة، مقابل تعهّد رئيس البرلمان محمد الناصر بأن يتم عرض مطلب تكوين لجنة تحقيق برلمانية في شبهة فساد مالي وإداري لرئيسة الهيئة، على مكتب المجلس، وتحديد جلسة عامة لمناقشته. وهو ما رفضه الناصر، مشيراً إلى أنّ هذا المطلب سيتم النظر فيه لاحقاً، ولا علاقة بينه وبين التصويت على الميزانية.

كما ربطت كتلة "نداء تونس" تصويتها لصالح الميزانية، باكتمال نصاب الهيئة التي أقيل منها ثلاثة أعضاء منتخبين واستقال أربعة آخرون. غير أنّ مصادر مطلعة أفادت "العربي الجديد"، أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد تدخل لدى نواب حزبه (نداء تونس)، داعياً إياهم إلى التصويت بدون قيد أو شرط، وذلك لعدم تعطيل المصادقة على مشروع قانون المالية، واحترام الآجال الدستورية للمصادقة عليه قبل 10 ديسمبر/كانون الأول الحالي، وفق ما ينصّ عليه الدستور التونسي.

من جانبها، أوردت بن سدرين ردوداً مقتضبة وعامة على تساؤلات النواب، والتي جاءت دقيقة حول مسائل محددة، نافية بشدة كل ما يروّج عن شبهات فساد مالي، مشيرة إلى أنّ التقرير المالي للهيئة تضمن جميع الكشوفات الحسابية حول معاملاتها.

ودعت النواب إلى الاعتذار عن وصفهم الجلسات العلنية للاستماع لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي نظمتها الهيئة بـ"المسرحية" وغيرها من النعوت، "احتراماً لأوجاع الضحايا وعذاباتهم. ويضاف إلى ذلك ما أحدثته الجلسات من وقع على الرأي العام الدولي الذي انبهر بالتجربة التونسية وعزم البلاد على تجاوز جراح الماضي عبر المكاشفة أولاً"، بحسب قولها.

واعتبرت رئيسة الهيئة أنّ "عرض مقاطع من الجلسات في تلفزيونات أجنبية، مثل الصين واليابان وأستراليا وجنوب أفريقيا، مكسب هام لتونس تستعيد به صورتها في العالم"، مؤكدة أنّ "قطار العدالة الانتقالية قد انطلق في تونس، ولن يستطيع أي طرف اليوم إيقافه".

ونوهت في بداية مداخلتها، بانتقال المداخلات من التشكيك في أصل مسار العدالة الانتقالية، والتساؤل حول جدواها، وفق تعبير بعض النواب العام الماضي، إلى نقاش حول آلياتها ووسائلها والحوار حول نجاح جلسات الاستماع العلنية، معتبرة أنّ في ذلك "تحسّناً إيجابياً، وتعبيراً عن قبول المبدأ وترسّخه، وحصر النقاش في وسائل تنفيذه".

ولفتت إلى إنكار البعض ممارسة العنف والتعذيب والتمييز العنصري والتهجير في تونس، غير أنّها رأت أنّ الجلسات سمحت بتجاوز ذلك، وقد تكون مفيدة لا للضحايا فقط وإنما للجلادين أيضاً. وكشفت عن أنّ عدداً ممن ارتكبوا انتهاكات ومارسوا التعذيب، توجهوا للهيئة طلباً للمصالحة إثر بثّ الجلسات. ونفت بن سدرين أن يكون الهدف من العدالة الانتقالية الانتقام والتشفي، وفسّرته بـ"تفكيك منظومة الاستبداد لا محاسبة أفراد بعينهم".

واعتبرت أنّ "العدالة الانتقالية لم تفشل وإنّما نجحت في وضع تونس على طريق المصالحة والوئام الاجتماعي". وكشفت في هذا السياق عن أنّ أطرافاً ليبية زارت الهيئة لتقدم لها النصائح والتعرّف على التجربة التونسية في تجاوز الأحقاد والمصالحة، متوقعة أن تستقبل الهيئة يوماً ما سوريين ويمنيين لذات الغرض.



المساهمون