هل يستولي حفتر على أموال مواجهة كورونا لتمويل حروبه؟

02 ابريل 2020
يعاني حفتر من أزمة مالية خانقة (فرانس برس)
+ الخط -
مع انشغال العالم في محاربة فيروس كورونا الجديد، يستغل اللواء المتقاعد خليفة حفتر الظرف لتنفيذ مشروعه العسكري، ليس فقط عبر قصف المدنيين، بل أيضاً بالاستحواذ على الأموال التي قد تُخصص لمكافحة الوباء، إذ حذّر مراقبون ليبيون من استيلائه على مخصصات البلديات من ميزانية الطوارئ التي أعلنت عنها حكومة الوفاق، أمس الأربعاء.

وتقدر تلك الميزانية، بحسب الإعلان الحكومي، بــ75 مليون دينار للبلديات بمختلف مناطق ليبيا، وخصوصاً أن حفتر استبق الإعلان بإنشاء "اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا"، منذ منتصف مارس/آذار، برئاسة رئيس الأركان في قواته، اللواء عبد الرزاق الناطوري، ليكون مشرفاً على جهود البلديات والمجالس المحلية.


ويعاني حفتر من أزمة مالية خانقة منذ عدة أشهر، تسببت في تراجع أعداد المرتزقة الذين جلبهم للقتال في معاركه في محيط العاصمة طرابلس ومناطق غرب البلاد، بعد عجزه عن سداد مرتباتهم ومرتبات مقاتليه الليبيين.

ويظهر فيديو متداول حقيقة ما تعانيه أسر جنود حفتر الذين قتلوا في معاركه، حيث يشتكي أحدهم، خلال كلمة تأبين أحد زملائه من الضباط الذين قتلوا حديثاً، من سوء المعاملة ممن وصفهم "الموجودين في أعلى المراتب"، مؤكداً أن أسر قتلى قوات حفتر "لا تجد ما تأكل" بعد قطع مرتباتهم باعتبارهم موقوفين عن العمل.

وكشفت تصريحات محافظ البنك المركزي الموازي، التابع لمجلس النواب بطبرق، علي الحبري، في مقابلة مع تلفزيون موالٍ لحفتر في 24 مارس/آذار الماضي، عن أسباب عدم صرف رواتب المواطنين، بقوله إن "الأولوية الآن للجيش (قوات حفتر)"، وهو ما يشي بإمكانية استحواذ حفتر على بند مرتبات المواطنين، وخصوصاً أن الحبري أكد أن "المسافة التي تقطعها قوات الجيش إلى المواقع الحربية تحتاج إلى كثير من اللوجستيات والدعم"، مضيفاً أن "النفقة أصبحت عندنا باهظة، وهناك توجيه من مجلس النواب وما إلى ذلك في هذا الاتجاه"، أي اتجاه دعم حروب حفتر.
ويعتبر الناشط السياسي الليبي المهجر من بنغازي، عقيلة الأطرش، تصريح الحبري اعترافاً واضحاً باستيلاء حفتر على المخصصات في بند المرتبات في ميزانيات الدولة لصالح حروبه، متسائلاً: "هل يتورع حفتر عن الاستيلاء على مخصصات البلديات لمكافحة وباء كورونا وقد استولى على مرتبات المواطنين؟".

ويتساءل "إلى أين ستنتهي تلك المخصصات المالية إذا كان كل العمداء تحت سيطرة حفتر؟ ومن يحاسبه ويراقب صرف تلك الأموال؟"، كما تساءل: "من أين يمول حفتر اللجنة العليا التي أعلن عنها؟".

ولم يستثن قرار حكومة الوفاق بتفويض البلديات حصصها من ميزانية الطوارئ لمواجهة الوباء، رغم أن أغلب بلديات الغرب الليبي، بالإضافة لكامل الجنوب والشرق الليبي، تخضع لسلطة حفتر، ولا سيما بعدما عزل عمداء البلديات السابقين وعيّن موالين خلفاً لهم، بعضهم عسكريون.

وعن إمكانية أن تتسبب الحكومة من خلال ذلك في دعم حروب حفتر، يرد الأكاديمي الليبي خليفة الحداد، بالقول إن "الحكومة ستكون في موقف حرج ولاإنساني إذا حصرت دعمها بالبلديات الواقعة تحت سلطتها فقط، وبالتالي ستكون في موقف ينقص من شرعيتها الدولية".

ولفت الحداد، في حديثه لــ"العربي الجديد"، إلى أن إعلان حفتر عن تشكيل لجنة عليا من قبل حفتر بزعم مكافحة كورونا، ووجود أسماء في عضويتها من قبيل اللواء رمضان أبوعائشة، يبعث على الشك والريبة، وإمكانية استيلاء حفتر على أموال مكافحة الوباء مرجحة بشكل كبير".
وأشار إلى أن تلك الأسماء العسكرية هي أعضاء بمجلس إدارة "الهيئة العامة للتعبئة" التي أعلن حفتر عن تشكيلها في منتصف أكتوير/تشرين الأول الماضي، وأعلن صراحة أنها هيئة لجمع موارد استثمارات الدولة الواقعة تحت سيطرته للمجهود الحربي في طرابلس.

ولم يعلن في ليبيا، حتى الآن، سوى عن عشر إصابات بفيروس كورونا، لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أكد، أمس الأربعاء، أن ليبيا تواجه "خطراً كبيراً" بشأن إمكانية تفشي فيروس كورونا في البلاد.

ونقل المكتب الإعلامي للأمم المتحدة عن مكتب التنسيق للشؤون الإنسانية، أن انعدام الأمن وضعف النظام الصحي وارتفاع عدد المهاجرين واللاجئين والمشردين داخليا، قد تساهم في انتشار الفيروس، مشددا على أن التصعيد العسكري يعرقل وصول المساعدات الإنسانية وحرية تنقل أفراد الخدمات الطبية وغيرهم من العاملين في المجال الإنساني.​
المساهمون