السويداء تُحصّن حدودها لأيام صعبة

11 يونيو 2015
يُخشى من تورّط دول الجوار أيضاً (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -
على بعد نحو 100 كيلومتر، جنوب دمشق، يقع المعقل الأكبر لطائفة الدروز في محافظة السويداء، التي سماها الرئيس المصري، جمال عبد الناصر، منتصف القرن الماضي بـ"جبل العرب". يستشعر سكان المحافظة مخاطر الفصائل المتشددة، وعلى رأسها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مع ازدياد أعداد مقاتليه على طول الحدود الشرقية للمحافظة المحاذية للبادية السورية، الممتدة إلى معاقله في الشمال السوري.

وعدا عن "داعش"، فإن سكان المحافظة غير مطمئنين لوجود "جبهة النصرة" وبعض الفصائل المتشددة على حدود السويداء الغربية مع محافظة درعا، كما فقدوا الثقة في قدرة النظام على الدفاع عن منطقتهم، في ظلّ ما يتعرّضون له من ابتزاز من عناصره والمليشيات الموالية له.

وفي ظلّ مستقبل مجهولٍ ينتظر السويداء، يقول الناشط المدني أبو معروف، لـ"العربي الجديد"، إن "الناس هنا يعلمون أن أياماً عصيبة تنتظرهم في المستقبل، جراء المواجهات التي تحدث بين فترة وأخرى في محيط المحافظة، ما يدفعهم في اتجاه خيار الدفاع عن الذات".

ويُشير أبو معروف إلى سوابق لأهل السويداء مع النظام في مسألة "الثقة"، شارحاً "لدينا تجارب سيئة مع القوات النظامية في العديد من القرى، منها داما وبكا والحقف، حيث تُرك الأهالي يواجهون الخطر المحدق بهم وحيدين".

وأضاف "وما زاد قناعة الأهالي بأنهم متروكون لمصيرهم، ما نقل عن لقاء مشايخ عقل الطائفة بالرئيس السوري، بشار الأسد، الشهر الماضي، الذي وُصف بالمتوتر. تنصّل الأسد من مواجهة عناصر داعش، المتمركزين بأعداد كبيرة شرق المحافظة، مطالباً بتسليم أكثر من 16 ألف شاب متخلف وفار من الخدمة العسكرية الإلزامية".

اقرأ أيضاً: مؤيدو النظام السوري يتهرّبون من الخدمة العسكرية

ولفت إلى أن "مشايخ عقل الطائفة رفضوا هذه المقايضة، داعين إلى اعتماد الدفاع الذاتي عن المحافظة، وعُقد اجتماع أخير بين المشايخ وعدد من كبار ضباط السويداء المتعاقدين، والمشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، أمثال العميد المتقاعد، نايف العاقل، واللواء الطيار، مجيد الزغبي، وهم من أبطال حرب أكتوبر/تشرين 1973 ضد العدو الإسرائيلي".

من جهته، أكد ناصر، وهو موظف في القطاع العام، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "لا نخاف الدواعش حاملي البنادق، إنما نخاف الدواعش الذين بيننا، الذين قد يبيعوننا". وتحدث عن "تخلي القوات النظامية عن مسلحي المحافظة في مواجهات عدة خاضوها على أطراف المحافظة، وكذلك في جبل الشيخ، الذي يتربع على السفوح الملاصقة للحدود السورية اللبنانية من الشمال، ومع الجولان المحتل من الجنوب، إضافة إلى تخلّي النظام عن حماية قرى الموحدين في إدلب".

بدوره، قال ناشط حقوقي في محافظة السويداء، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، "في السويداء هناك صراع بين ثلاثة سيناريوهات للمرحلة المقبلة. السيناريو الأول يحثّ على إبقاء التحالف مع النظام السوري على أساس المحافظة على مؤسسات الدولة المرتبطة بالعاصمة دمشق، على أن تقوم القوات النظامية بصدّ الفصائل المتشددة على أطراف المحافظة، بالاضافة إلى تأمين مستلزمات المعيشة اليومية، لكن التجارب الماضية أظهرت أن النظام غير مؤهل لهذه المهمة".

ويتابع "ينصّ السيناريو الثاني على التحالف مع الفصائل المسلحة المعارضة في الجنوب، خصوصاً في درعا، والعمل على الاعتماد على الإمكانات الذاتية للدفاع عن المحافظة. ولهذا السيناريو مخاوف مشروعة، على رأسها مدى إمكانية إنشاء مثل هذا الحلف، خصوصاً أن الفصائل المسلحة في درعا لم تستطع، حتى اليوم، أن تقدم نفسها ككيان عسكري صلب، بفعل تجدّد الاقتتال الداخلي فيما بينهم، وعدم قدرتهم على ضبط الفصائل المتقاتلة، وعدم قدرة غرفة عمليات الأردن (الموك) على ذلك أيضاً".

ويشير إلى أن "السيناريو الثالث، وهو الأخطر، فهو قيام بعض الشخصيات الدرزية المتواجدة في الخارج بتسويق فكرة بأن السويداء منطقة محمية من قوى إقليمية ودولية، عبر الحديث عن استعداد الموحدين الدروز الموجدين في دول الجوار من الأردن إلى لبنان، بمن فيهم الموجدون في فلسطين المحتلة من العدو الإسرائيلي، وفيهم جزء كبير ممن يخدم في الجيش الإسرائيلي وعلى أعلى المستويات، استعدادهم للتدخل لحماية إخوانهم في سورية. وهذا ما قد تستغله إسرائيل للتدخل في سورية عبر أبناء الطائفة لديها".

ويوضح أن "نجاح أي سيناريو يعتمد على سرعة تبنّي أهالي السويداء له، مع بدء الحديث في العلن عن ضرورة تجهيز المحافظة لمواجهة الأخطار التي تهددها، في ظلّ تزايد الطلب على السلاح من الأهالي". مع العلم أن أنباءً تواردت عن إفراغ المتحف الوطني من نفائسه، وعن سحب القطع الأجنبية من المصارف العامة، وعن إفراغ صوامع الحبوب، فضلاً عن سحب كمية كبيرة من السلاح الثقيل، ما يُشير إلى دقة المرحلة المقبلة في السويداء.

اقرأ أيضاً: خريف جيش النظام السوري وربيع المليشيات

المساهمون