وتأتي العملية المرتقبة بعد أيام من تنفيذ القوات العراقية هجوماً على مقر جماعة مسلحة، تطلق على نفسها اسم "ثأر الله"، في مدينة البصرة، بعد ثبوت تورط عدد من أعضاء الجماعة بإطلاق النار على متظاهرين الأسبوع الماضي، وقامت بإغلاق المقر واعتقال من فيه، فيما أصدر القضاء أوامر قبض بحق عدد من أعضاء الجماعة البارزين.
وقال مسؤول عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن القوات العراقية بصدد تنفيذ عملية واسعة تستهدف الحركات والجماعات المسلحة التي تزعم انتماءها إلى الحشد الشعبي في مناطق عدة من العراق، وتستخدم غطاء الحشد لتنفيذ أنشطة غير قانونية، مثل ترويج المخدرات وتهريب النفط الخام والأدوية والابتزاز والخطف وتجارة السلاح، وحتى تغذية الصراعات القبلية وابتزاز المسؤولين المحليين. وكشف أن أعداد أفراد هذه "الفصائل الفضائية"، التي تكونت بعد إقرار قانون الحشد الشعبي والذي حصر أسماء الفصائل التي دخلت في إطار القانون، يبلغ المئات، وباتوا مصدر قلق أمني، ويمكن اعتبارها أولى خطوات الحكومة لمعالجة واحد من الملفات الفوضوية في الجنوب وبغداد.
وأكد المسؤول أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ينسق مع قيادات في الحشد الشعبي في العملية المرتقبة التي ستكون بمشاركة الأمن الوطني وأمن الحشد الشعبي والجيش العراقي والشرطة، وستشمل كافة المدن الجنوبية، وحتى العاصمة بغداد، بعد حصر أسماء وأعداد كل فصيل مرخص تحت غطاء قانون الحشد الشعبي"، كاشفاً أن محافظات البصرة وميسان وبابل جنوبي العراق، فضلاً عن بغداد، أكثر المدن التي تعاني من ظاهرة الفصائل الوهمية.
من جانبه، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بدر الزيادي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "القائد العام للقوات المسلحة العراقية مصطفى الكاظمي شكّل لجنة مختصة لكشف كل الفصائل المسلحة، التي هي خارج هيئة الحشد الشعبي، وهذه اللجنة تعمل حالياً بشكل متواصل، وستقدم خلال الفترة المقبلة تقريرها النهائي، من أجل إغلاق ووقف أنشطة الجماعات المسلحة الوهمية التي تزعم أنها من الحشد الشعبي، وهذه أولى خطوات حصر السلاح بيد الدولة". وتابع أن "الحكومة هي صاحبة القرار بغلق مقرات الفصائل الوهمية، وستتحرك ضد أصحاب هذه الفصائل أو الجماعات لوقف أنشطتهم، وأي جهة ترفض التوجهات الحكومية الجديدة، ستكون في مواجهة القانون بالتأكيد".
إلى ذلك، قال القيادي في الحشد الشعبي علي الحسيني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هيئة الحشد الشعبي، ستدعم إجراءات الحكومة العراقية في التصدي للفصائل المسلحة، التي تدعي الانتماء إلى الحشد، لكنها تعمل على تشويه سمعته، من خلال تصرفات وأعمال خارجة عن القانون". وأشار الحسيني إلى أن "الأمن الوقائي في الحشد الشعبي شنّ، خلال الفترات الماضية، عدداً من العمليات ضد الفصائل (الوهمية)، وتمكن من إغلاق عدد من مقراتها في عدد من مدن الجنوب وبغداد، وإلقاء القبض على عناصر تلك الفصائل". واعتبر أن "هيئة الحشد الشعبي مؤسسة أمنية رسمية، تعمل بتوجيهات الدولة العراقية، وأي توجه من الدولة سيكون مدعوماً من قبل الحشد الشعبي وقياداته. ولهذا نحن سنكون داعمين لتحركات حكومة الكاظمي صوب الفصائل (الوهمية)".
في المقابل، قال المختصّ بالشأن الأمني والعسكري العراقي محمد التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "العمليات الأمنية يجب أن تشمل حتى الفصائل المنضوية تحت (عباءة) هيئة الحشد الشعبي، لكنها تتحرك بعنوانها كفصيل مسلح خارج سيطرة الدولة. فهناك فصائل لها تمثيل في الحشد، لكنها في نفس الوقت ما زالت تمارس نشاطها المسلح، خارج توجيهات الحكومة العراقية وتقاتل في سورية وتتورط بأنشطة غير قانونية أيضاً". واعتبر أن "الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي تشكل خطورة، أكثر وأكبر من الفصائل (الوهمية)، خصوصاً أن هذه الفصائل تملك قدرات عسكرية وبشرية كبيرة. كما أنها تتحرك تحت غطاء الدولة العراقية، وهي متهمة بكثير من الأعمال الخارجة عن القانون، بل وحتى إنها تقف خلف عمليات قصف القواعد العسكرية والسفارة الأميركية في بغداد، وكل تحركاتها تأتي بغطاء الحشد الشعبي، كونها جزءاً منه وتحمل هويات تعريفية".
وأضاف المختص بالشأن الأمني والعسكري أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في الوقت الحالي، لا يستطيع فتح جبهة مع الفصائل المسلحة المنضوية في الحشد الشعبي، والتي تشكل خطورة على الدولة العراقية، ولهذا سيبدأ بالفصائل (الوهمية)، خصوصاً أنها لا تملك دعماً سياسياً وخارجياً، ولهذا سيكون القضاء عليها سهلاً جداً. لكن ربما، خلال الفترة البعيدة، ستكون هناك حملات ضد الفصائل المسلحة، المتمردة على الدولة العراقية، وتعمل وفق أجندات خاصة بها، لا وفق التوجهات الحكومية الرسمية".