تحقيق يكشف تورط البنتاغون في أكبر برنامج "بروباغندا" بالعراق

04 أكتوبر 2016
التقارير كانت ترسل للبنتاغون (عوض عوض/ فرانس برس)
+ الخط -

كشف تحقيق أجراه موقع "مكتب التحقيقات الاستقصائية" بالتعاون مع صحيفة "صنداي تايمز"، أنّ وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" دفعت حوالى نصف بليون دولار لشركة علاقات عامة بريطانية، من أجل تشغيل أكبر برنامج سري للدعاية السياسية (بروباغندا) في العراق.

وتضمن إنتاج شركة "بيل بوتينجر" فقرات تلفزيونية قصيرة، منتجة وفق أسلوب شبكات الأخبار العربية، وأشرطة فيديو عن عمليات وهمية، يمكن استخدامها لتعقب الأشخاص الذين شاهدوها، وفقاً لما كشفه موظف سابق.

وبحسب التحقيق، فإنّ موظفي الشركة عملوا إلى جانب مسؤولين رفيعي المستوى في القوات الأميركية، في مقرهم بمعسكر "النصر" في بغداد، بينما كانت تتواصل العمليات العسكرية في العراق.

وقد أكد الرئيس السابق لشركة "بيل بوتينجر"، اللورد تيم بيل، لصحيفة "صنداي تايمز" التي عملت مع مكتب التحقيقات الاستقصائية على إنحاز التحقيق، أنّ شركته عملت على عملية عسكرية "سرية" تم تغطيتها بـ"اتفاقات سرية مختلفة".

وقال بيل، إنّ الشركة كانت ترسل تقارير إلى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، ووكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، ومجلس الأمن الوطني، عن عملها في العراق.

وتعتبر شركة "بيل بوتينجر" واحدة من "أنجح" الشركات في مجال العلاقات العامة، حيث يعود الفضل لها في صقل صورة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، مارغريت تاتشر "الفولاذية"، ومساعدة فوز حزب المحافظين في ثلاثة انتخابات.

كما تتضمن قائمة عملاء الشركة، والتي شارك بيل في تأسيسها، عدداً من الأشخاص المرتبطين بأنظمة قمعية، من بينهم زوجة الرئيس السوري أسماء الأسد.

وكشف أحد محرري الفيديو السابقين في الشركة، مارتن ويلز، أنّ ما تنتجه الشركة كان يتم توقيعه من قبل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الجنرال السابق دايفيد بترايوس، ومن ثم قائد قوات التحالف في العراق، وفي بعض الأحيان من قبل البيت الأبيض.

وقد تتبع مكتب التحقيقات عمل الشركة في العراق، من خلال إحصاء التعاقدات التي أجراها الجيش الأميركي، وسجلات معاملات الشراء الاتحادية وتقارير وزارة الدفاع، والتفتيش العام، وكذلك المنشورات المتخصصة في الدعاية العسكرية لبيل بوتينجر، كما أجرى مقابلات مع ستة مسؤولين سابقين ومقاولين مشاركين في العمليات الإعلامية في العراق.

وقد حوّلت شركة "بيل بوتينجر"، ومقرها لندن، ملكيتها بعد الاستحواذ على الإدارة في عام 2012، حيث لم تعد لهيكلها الحالي اتصالات مع الوحدة التي تعمل في العراق، والتي تم إغلاقها في عام 2011.

وقال ويلز إنّ الأشخاص الرئيسيين الذين عملوا في تلك الوحدة، نفوا تورطهم في إرسال مواد أو برمجيات معدة للاستخدام.

وقد كشف تحقيق المكتب، عن صفقة بقيمة 540 مليون دولار بين وزارة الدفاع الأميركية وبيل بوتينجر، من أجل إعداد مواد إعلامية تركز على التأثير نفسياً في المتلقين، من ضمن سلسلة من العقود الموقعة بين مايو/أيار عام 2007 وديسمبر/كانون الأول 2011.




وتضمن عمل الشركة ثلاثة أنواع من المنتجات الإعلامية هي إعلانات تلفزيونية تصور "تنظيم القاعدة" بشكل سلبي، ونشرات إخبارية تبدو وكأنها صُنعت في قنوات عربية، وأفلام يصورها فريق الشركة تُظهر تفجيرات مزيفة لتنظيم "القاعدة" يجري التعليق الصوتي عليها باللغة العربية، ليتم توزيعها على القنوات العربية.

ووفق التحقيق، فإنّ القوات الأميركية كانت تأخذ معها، خلال قيامها بدوريات عسكرية، أقراصاً مدمجة من تلك الأفلام، وتلقيها في أماكن الفوضى أثناء مهاجمتها أهدافاً محددة. وقال ويلز للمكتب "إذا كانت القوات تداهم منزلاً ما وتقوم بأعمال فوضى خلال تفتيشها عن أغراض معينة، فإنّها تلقي هناك أحد تلك الأقراص".

وشرح ويلز للمكتب كيف أنّ تلك الأقراص كانت تعمل وفق تطبيق "ريل بلاير" الذي يتصل بالإنترنت خلال التشغيل، وكيف عمل الفريق على تضمين تلك الأقراص شيفرة معينة تصله بحساب على "غوغل أناليستيك"، كي يعطي قائمة من عناوين "IP"، أي المكان الذي تم فيه تشغيل القرص من أجل تتبّع من شاهده.

وبحسب ويلز، فإنّ هذه المعلومات كانت تصل فقط إليه، وإلى مسؤول رفيع في الشركة، إضافة إلى أحد القادة في القوات الأميركية.

وخلص التحقيق إلى أنّ العراق شكل فرصة "مربحة" لشركات إعلامية، حيث اكتشف المكتب أنّ ما بين عامي 2006 و2008 تم الدفع لأكثر من 40 شركة مقابل خدمات مثل خدمات التلفزيون والراديو، وإنتاج الفيديو، واللوحات الإعلانية، والدعاية، واستطلاعات الرأي.

وبحسب التحقيق، فإنّ ويلز غادر العراق بعد أقل من عامين، بعدما اكتفى من ضغط نفسي في العمل في منطقة حربية، ومشاهدة أشرطة الفيديو عن الفظائع التي كانت ترتكب يوماً بعد يوم.

وعلى الرغم من افتخاره بعمله، فإن ويلز تساوره شكوك حول ما أنجزه من أجل الدعاية للجيش الأميركي، قائلاً "ولكن هناك... في مكان ما في ضميري أتساءل ما إذا كنا نقوم بالشيء الصحيح الذي ينبغي عمله".

المساهمون