المغرب: أولويات حكومة العثماني وتحدّياتها

28 مارس 2017
تحرك احتجاجي ضد البطالة بالرباط عام 2013(فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -
مع تشكيل الحكومة المغربية الجديدة بعد طول انتظار، بعدما فشل الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، عبد الإله بنكيران، في محاولة تشكيلها دامت ما يزيد عن خمسة أشهر، يواجه رئيس الحكومة الجديد، سعدالدين العثماني، العديد من التحديات التي تقف في طريق الائتلاف الحكومي الذي سيقوده حزب "العدالة والتنمية" بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية التي نظمت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويتشكل الائتلاف الحكومي الجديد من ستة أحزاب، هي: "العدالة والتنمية"، و"الاتحاد الاشتراكي"، و"الحركة الشعبية"، و"الاتحاد الدستوري"، و"التقدم والاشتراكية"، و"التجمع الوطني للأحرار". وقد اختار حزب "الأصالة والمعاصرة" البقاء في صف المعارضة، في حين لم يصدر حزب "الاستقلال" أي موقف واضح حيال حكومة العثماني.

وبانتظار أن يتم تعيين وزراء الحكومة رسمياً في قرار يصدر عن العاهل المغربي الملك محمد السادس، ثمة تحديات سياسية صعبة تقف في وجه حكومة العثماني. ويقول القيادي في حزب "العدالة والتنمية"، عبدالعزيز أفتاتي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أبرز التحديات يتمثل في "التنافر بين عدد من الأحزاب المشاركة بالحكومة الجديدة". ويشرح القيادي ذاته أن حزب "الاتحاد الاشتراكي" دخل قسراً إلى هذه الحكومة.

ويصف أفتاتي هذه الحكومة باعتبارها "هجينة وغريبة". ويضيف أن "حزبي الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري سبق لهما أن عارضا عدداً من الملفات الحكومية الكبرى في عهد بنكيران"، وفق قوله. وكان الحزبان ضد عدة إصلاحات طرحتها حكومة بنكيران، وشملت ملفات حيوية، مثل صندوق المقاصة، وأيضاً إصلاح أنظمة التقاعد، ما يدفع إلى طرح التساؤل لمعرفة كيف سيتعاطى هذان الحزبان مع هذه الملفات الإصلاحية، بعد دخولهما إلى الحكومة.

من جهته، يتحدث أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش، الدكتور محمد الزهراوي، عن عدد من الملفات المتعلقة بقطاعات اقتصادية واجتماعية، والتي ستكون من أبرز التحديات أمام حكومة العثماني، وتستوجب إعطاءها اهتماماً خاصاً على مستوى البرامج والسياسات. وينبّه في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحكومة الجديدة تعمل في سياق محفوف بالمخاطر، إذ تحذر معظم المؤشرات، سواء الصادرة عن المؤسسات الوطنية أو الدولية، من تفاقم الأوضاع المعيشية نتيجة ارتفاع الأسعار وتدني القدرة الشرائية للمواطنين. ويصنّف الأولويات التي تستلزم معالجة عاجلة إلى ثلاثة ملفات أساسية وجوهرية: الأول، يرتبط بقطاع الاستثمارات، خاصة أن تعثر مسار تشكيل الحكومة طوال الأشهر الخمسة الماضية، انعكس بشكل سلبي على مناخ الاستثمارات في البلاد، وأدى إلى حالة من الجمود في جميع المجالات التي ترتبط بشكل مباشر بورش الاستثمار الحيوية والاستراتيجية.
والملف الثاني، بحسب المتحدث، يتمثل في قطاع التعليم العمومي، إذ إن هذا القطاع بات في وضعية تثير القلق والخوف من إفلاس المدرسة المغربية، وتداعيات ذلك على مستقبل الأجيال الناشئة، على حد تعبيره.



ويتابع الزهراوي أن قطاع التعليم وصل إلى مستويات غير مسبوقة من الارتجال والعشوائية، مبرزاً أن هذا الوضع ساهم في "تغول لوبيات التعليم الخصوصي التي أصبحت تمتص جيوب الآباء، وتستغل الفراغ المستشري على مستوى القوانين المنظمة لهذا القطاع".
أما الملف الثالث الذي يفرض تحدياً أمام حكومة العثماني، فهو، كما يقول الزهراوي، "غياب الحوكمة على مستوى الإدارة المغربية التي تعاني منذ سنوات من انعدام مبادئ التدبير الحكيم في تسيير (شؤونها)".

ويشير إلى أن الوضع المتردي والمتخلف داخل الإدارة تم الإقرار به في خطاب الملك بمناسبة افتتاح "الدورة الخريفية" للبرلمان في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي". وبيّن أن "الحكومة المقبلة مطالبة بالتركيز على هذه الورش الحيوية التي تحتاج إلى الابتكار والعصرنة، لا سيما أن الإدارة تعتبر أداة التنمية والتطور"، وفق تعبيره. ويخلص إلى أن قطاعي الصحة والعدل بدورهما في أمسّ الحاجة إلى سياسات عمومية ومخططات طارئة، بهدف تقديم إجابات عملية لتجاوز الوضع الحالي الذي تشير كل المؤشرات إلى تفاقمه.

المساهمون