ليبيا تطالب بخطوات أممية لوقف تدخل بعض الدول في شؤونها

19 مايو 2020
دعوات للتحقيق بمصدر الأسلحة بقاعدة الوطية (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
دعا مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، طاهر السني، مجلس الأمن الدولي إلى تشكيل لجنة لاتخاذ خطوات لوقف الإجراءات التي تقوم بها بعض الدول ضد ليبيا، مطالبا البلدان التي لديها مرتزقة في ليبيا بسحبهم ومحاسبة من جندهم.

وقال السني، في كلمته خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا، اليوم الثلاثاء، إن الشرق الليبي تم اختطافه من جهات مسلحة وتوجد أشكال متعددة للتطرف هناك، في إشارة إلى قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، مجدداً رفض الحكومة الليبية الجلوس مع من تلطخت أيديهم بالدماء في ليبيا.

ودعا في هذا الإطار "كل من شارك في العمل مع مجرم الحرب حفتر لإلقاء السلاح والوقوف إلى جانب الدولة"، موضحا أن قواته اعتدت بقصف مناطق قريبة من البعثات الدبلوماسية في الكثير من ضواحي العاصمة طرابلس.

وبخصوص رفض حكومة الوفاق لعملية "إيريني" الأوروبية لحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، أوضح السني أنه تم "لأنه تم إخطارنا بها دون التشاور معنا بشأنها".

وفيما يخص سيطرة قوات حكومة الوفاق على قاعدة الوطية أمس، لفت السني إلى أنه تم خلال العملية الوصول إلى أسلحة يعود الكثير منها إلى الإمارات، الداعم الرئيسي لحفتر.

السني يتهم الإمارات بإمداد حفتر بالأسلحة والمرتزقة 

واتهم السفير الليبي للأمم المتحدة في نيويورك، طاهر السني، الإمارات العربية المتحدة بإمداد قوات الجنرال خليفة حفتر بالأسلحة والمقاتلين والمرتزقة.

وقال إن حكومة الوفاق الوطني تمكنت من قتل وإلقاء القبض على عدد من المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ضمنهم تشاديون وسودانيون وسوريون وروس.

وأشار إلى أن القوات التابعة لحكومة الوفاق تمكنت من الاستحواذ على معدات عسكرية روسية وصينية وإماراتية ومن صنع دول أخرى.

وأضاف "نرغب بأن نعلم المجلس بأن لدينا أدلة دامغة على أن الإمارات العربية المتحدة قامت بتصدير غير قانوني لتلك الأسلحة لليبيا من أجل دعم مجرم الحرب (خليفة حفتر) وقواته. وشاركنا فريق الخبراء تلك الأدلة. ولذلك نطالب اليوم بعقد اجتماع خاص لمجلس الأمن يناقش اتخاذ خطوات لوقف التصرفات غير القانونية للإمارات العربية المتحدة في محاولة للانقلاب على الحكومة الشرعية في ليبيا، بما يخالف جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

كما طالب السني الدول المصنعة للأسلحة بتقديم تفاصيل حول كيفية وصول أسلحتها إلى ليبيا والمليشيات وقوات حفتر، مناشداً الدول التي يقاتل مواطنوها في ليبيا بالتدخل وسحبهم بشكل فوري ومحاسبة من يجندونهم.  

من جهتهما، نفت الصين وروسيا تصدير الأسلحة لأي من أطراف النزاع في ليبيا. وطالب السفير الروسي، فيسالي نبنزيا، في مداخلته أمام المجلس بالتحقيق في تسريب تقرير لجنة الخبراء للإعلام، منكراً وجود شركات روسية عسكرية خاصة أصلاً، في ليبيا أو غيرها.

ستيفاني وليامز تدعو لوقف إطلاق النار في ليبيا 

من جانبها، دعت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني وليامز، إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا وعودة أطراف الأزمة للعملية السياسية، وطالبت بالضغط على الجهات الدولية والإقليمية التي تزيد من الأزمة الليبية.

وحذرت من أن الحرب في ليبيا ستتسع وستفضي لنتائج وخيمة بسبب التدخل الأجنبي، موضحة في هذا الصدد أن القتال تصاعد في المناطق المدنية ولم يتوقف بين قوات الوفاق وقوات حفتر.
ولفتت إلى أنه منذ بدء عدوان حفتر على العاصمة الليبية العام الماضي، أجبر 200 ألف ليبي على الفرار من منازلهم، مرجحة أن تؤدي سيطرة قوات الوفاق على قاعدة الوطية لتصعيد إضافي للحرب.

وفيما دعت إلى محاكمة منتهكي القانون في ليبيا، أشارت إلى أن فيروس كورونا يزيد من المشاكل الأمنية القائمة في طرابلس. وقالت في هذا الصدد: "مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية نتيجة للقتال وتأثيرات فيروس كورونا".


وأضافت أن قرابة مليون شخص في ليبيا (650 ألفا منهم مهاجرون ولاجئون) يحتاجون إلى مساعدات نتيجة لتزايد الأعمال العدائية المسلحة، إضافة إلى التأثير الاجتماعي والاقتصادي لفيروس كورونا الجديد. وأشارت إلى أن هذا الرقم يشمل قرابة 400 ألف ليبي نزحوا داخليا منذ بدء النزاع، قرابة 200 ألف منهم خلال العام الماضي لوحده، أي منذ بدء الحملة العسكرية بقيادة حفتر. 

ولفتت وليامز إلى أنه وفي الوقت الذي يتكيف فيه الناس حول العالم مع ظروف انتشار وباء كورونا الجديد، فإن الليبيين، قرابة مليوني ليبي في طرابلس العاصمة والمنطقة المحيطة بالذات، يعانون من ظروف مروعة ومرعبة، ومن قصف مستمر وانقطاع متكرر للمياه والكهرباء، إضافة إلى القيود بسبب الفيروس، وكل ذلك في شهر رمضان، محذرة من وجود حشد عسكري مستمر ينذر بالخطر في ظل زيادة عدد المقاتلين والمرتزقة الأجانب مدعمين بالأسلحة المتطورة والقاتلة لطرفي النزاع.

وقالت وليامز إن طرابلس، ومطار معيتيقة على وجه التحديد، تعرض لقصف مستمر ويومي منذ 24 إبريل/نيسان، مشيرة إلى القصف المدفعي العنيف والهجمات الصاروخية التي شنتها قوات موالية لحفتر في الـ7 من مايو/أيار واستهدف الميناء ومحيط وزارة الخارجية ومحيط السفارة التركية ومحيط مقر السفير الإيطالي في طرابلس، وأدى إلى مقتل شخصين وجرح ثلاثة مدنيين آخرين.

وأشارت كذلك إلى استهداف قوات حفتر والقوات الموالية لعدد من مخيمات ومآوي النازحين والمهاجرين في حي الفلج بطرابلس. وأدى القصف، في 16 مايو/أيار، إلى مقتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص وجرح 17، بينهم نساء وأطفال.


وأكدت وليامز أن هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها قوات حفتر هذا المخيم. ثم تحدثت عن هجمات أخرى نفذتها قوات حفتر وقوات موالية لها على مخيمات ومستشفيات بما فيها هجوم مجموعة مسلحة في الـ10 من مايو/أيار، على وحدة للعناية المركزة في مستشفى الجلاء في بنغازي، مما أدى إلى تلف المعدات.

وشددت المسؤولة الأممية على أن مثل هذه الهجمات تنتهك القانون الإنساني والدولي وقد ترقى إلى جرائم الحرب، لافتة إلى ارتفاع عدد القتلى والجرحى في ليبيا عموماً، مؤكدة، في الوقت ذاته، أن أغلبية الضحايا سقطوا نتيجة لهجمات الجنرال حفتر والقوات المتحالفة معه. 

وأضافت "وثقت بعثة الأمم المتحدة لليبيا، بين 1 إبريل و18 مايو/أيار وقوع ما لا يقل عن 248 ضحية مدنية (58 قتيلاً و190 جريحاً)، مشيرة إلى أن ذلك يمثل زيادة بحوالي 89 بالمائة مقارنة بإجمالي الخسائر البشرية المسجلة للأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام.
وتُعزى الغالبية العظمى من إجمالي الضحايا بين المدنيين إلى الهجمات التي تنفذها القوات التابعة أو الموالية للجنرال حفتر".

وأشارت وليامز إلى تقرير لمنظمة الصحة العالمية مفاده أن ذروة انتشار فيروس كورونا لم تصل بعد إلى ليبيا ولا يزال خطر تفشي المرض مرتفعاً للغاية، لافتة إلى أن العدد المنخفض لحالات الإصابة يعود للقدرة المتدنية لإجراء الفحوصات ولا يعكس بالضرورة نسبة انتشار الوباء وعدد المصابين في أرض الواقع.

بدوره، قال ممثل بريطانيا بمجلس الأمن، جوناثان ألين، إن الاعتداء على المناطق المأهولة والمنشآت الطبية بليبيا يظهر تجاهلاً تاماً للقانون، معرباً عن القلق تجاه قيام أطراف خارجية بتقديم أسلحة ومرتزقة لأطراف الصراع في ليبيا.