ووفقاً للمصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" أمس الأربعاء، فإن المحادثات التي أجراها بلير مع نتنياهو ومولخو، يوم الإثنين الماضي، عقب يوم واحد من زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى القدس المحتلة كانت منصبة على الإعداد لهذه القمة، وبحث الطريقة المثلى لتسويقها والموعد المناسب لإجرائها بما لا ينال من شعبية الرئيس المصري.
وتوضح المصادر نفسها أنّ زيارة شكري إلى القدس المحتلة كان من أحد أهدافها قياس مدى قبول الرأي العام المصري لتقارب رفيع المستوى بين مصر وإسرائيل على مستوى لقاءات القمة، أخذاً في الاعتبار أن نتنياهو لم يزر مصر منذ لقائه بالرئيس المخلوع حسني مبارك في شرم الشيخ قبل ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 بأيام، وتحديداً في السادس من ذلك الشهر.
وتفيد المصادر أن هناك خلافاً في اللجان المصرية الإسرائيلية المشتركة التي استأنفت المباحثات المشتركة منذ أشهر عدة ويقودها دبلوماسيون ورجال استخبارات من الجانبين. ويتركز الخلاف حول إذا ما كان من المفيد عقد القمة ثنائية، أو توسيعها في شكل مؤتمر قمة إقليمي لبحث آليات تفعيل الدعوة التي أطلقها السيسي في مايو/ أيار الماضي لاستئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبحسب المصادر نفسها، فإن السيسي يفضل أن يكون هناك لقاء رباعي يجمعه بنتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أو لقاء ثلاثياً مصرياً إسرائيلياً فلسطينياً فقط، بحيث لا يبدو الأمر وكأنه "تقارب استثنائي بين مصر وإسرائيل بمعزل عن القضية الفلسطينية".
وتشير المصادر إلى أن السيسي أوصل إلى نتنياهو هذه الرغبة من خلال بلير الذي التقى الرئيس المصري في القاهرة قبل توجهه إلى القدس المحتلة.
في المقابل، فإن هناك تفضيلاً، نقله نتنياهو إلى بلير وشكري، عبر مستشاره مولخو، المعروف بعلاقته الوطيدة برجل الأعمال المصري حسين سالم، يتمثل في أن يكون سياق التقارب المصري الإسرائيلي هو الأساس لعقد القمة المرتقبة، وأن تأتي جهود تفعيل دعوة السيسي في وقت لاحق بعدما تحل السلطة الفلسطينية مشاكلها الداخلية. ويمثل هذا الأمر في الحقيقة الجزء الأول من دعوة السيسي، إذ كان قد دعا الفرقاء الفلسطينيين إلى توحيد القيادة قبل الانخراط في مفاوضات جديدة للسلام بهدف أن تكون النتائج ملزمة للجميع.
ويعول السيسي على بلير في ظل العلاقة الاستثنائية بينهما للتوصل إلى أفضل شروط ممكنة لإجراء القمة المرتقبة، بما يجعله في صدارة المشهد الإقليمي ويرفع أسهمه لدى الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه بما لا يؤثر سلباً على شعبيته، لا سيما أن زيارة شكري إلى القدس المحتلة قوبلت بغضب شعبي كبير وفي الوقت ذاته بصمت برلماني وسياسي ملحوظ من التيارات السياسية والأحزاب المنضوية في النظام الحالي.
وفي السياق، توضح المصادر أن بلير ومولخو اتفقا على إعداد تصور نهائي للقمة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وأن المكان المقترح مبدئياً لاستضافتها هو شرم الشيخ. ولطالما كانت شرم الشيخ المدينة المفضلة لدى الرئيس المخلوع لاستضافة معظم لقاءاته على مستوى القمة، على النقيض من السيسي الذي لم يعقد في شرم الشيخ أي قمة ثنائية.
ويعرف عن بلير علاقته الوطيدة بالسيسي وبتقديم استشارات سياسية له في المجالين الإقليمي والدولي. وقد زار بلير القاهرة 14 مرة منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي عقد خلالها اجتماعات بالسيسي، بما في ذلك يوم الأحد الماضي في زيارة استغرقت ساعات عدة، التقى خلالها الرئيس المصري. كما اجتمعا سابقاً في الصين ولندن.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء الأخير بين السيسي وبلير في القاهرة قبل أيام شهد استطلاع رأي بلير حول سبل تفعيل دعوة السيسي، لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وآفاق التعاون المحتملة مع إسرائيل في قضايا إقليمية مختلفة، إضافة إلى استشارته بشأن مستجدات أزمة سد النهضة مع إثيوبيا.
وأضافت المصادر في حينه أن المحادثات تناولت الجولات التي قام بها بلير في أفريقيا أخيراً، لتدشين بعض المبادرات الإنسانية، وبحث إمكانية مساهمة مصر فيها، لتقوية علاقاتها بالدول الأفريقية، في نطاق المساعدات الفنية والنوعية.
وكانت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قد ذكرت في عام 2014 أن بلير يتولى منصب مستشار سياسي واقتصادي للسيسي بأجر مدفوع، لكن مكتب بلير نفى هذه المعلومات. وفي عام 2015، برزت معلومات أخرى عن ممارسة بلير عملاً استشارياً، واقتصادياً، وسياسياً لدولة الإمارات العربية، وهو ما يتناقض مع منصبه الدبلوماسي كمبعوث للسلام. ولم ينته العام إلا وكان بلير قد ترك منصبه الدولي.