خارطة "المنطقة الآمنة" في شمال سورية وأهدافها وفرص إقامتها

28 سبتمبر 2019
تركيا تشدد على إقامة المنطقة الآمنة قبل نهاية سبتمبر(Getty)
+ الخط -
اتفقت أنقرة وواشنطن في أغسطس/آب على إنشاء "منطقة آمنة" في شمال سورية، ورغم أن تركيا تواصل التشديد على أنه يجب إقامتها قبل نهاية سبتمبر/أيلول، يبقى هناك الكثير من الاسئلة حول حدودها وكيفية استخدامها.

 ما هي "المنطقة الآمنة"؟

في خطابه أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة هذا الأسبوع كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خارطة تظهر الخطط الطموحة لهذه المنطقة، وأوضح في مقابلة أجرتها معه الصحافة التركية لدى عودته من نيويورك هذا الأسبوع أن المنطقة سيبلغ طولها 480 كلم على طول الحدود في شمال سورية وعمقها 30 كلم.
وقال إنها يمكن أن تسمح لثلاثة ملايين لاجئ سوري بالعودة الى بلادهم. وأصبح هذا الأمر يرتدي أهمية قصوى لأردوغان الذي يواجه انتقادات داخلية بسبب وجود 3,6 ملايين لاجئ سوري في تركيا، وهو أعلى رقم في العالم.

وتحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عمق مماثل للمنطقة الآمنة، لكن قوات سورية الديموقراطية أشارت إلى منطقة بعمق خمسة كيلومترات أو حتى تسعة، وممكن أن تصل إلى 14 كلم في بعض المناطق بين رأس العين وتل أبيض. والسبب الرئيسي لمطالبة أردوغان بهذه المنطقة هو الضرورة بالنسبة لأنقرة أن تقيم منطقة عازلة بين حدودها والأراضي الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سورية الديموقراطية، والتي تصفها أنقرة بأنها "مجموعة ارهابية" لكنها متحالفة مع الولايات المتحدة.
والسبب الآخر بالنسبة لأردوغان هو التمكن من إعادة اللاجئين، ولذلك يريد أن يوسع نطاق تلك المنطقة لتصل إلى الرقة ودير الزور، إلى جنوب الأراضي السورية.



هل سترى هذه المنطقة النور؟

قالت دارين خليفة المحللة في مجموعة الأزمات الدولية إن "بلوغ اتفاق مقبول لتركيا ووحدات حماية الشعب الكردية في الوقت نفسه أمر صعب. ويبدو أن مطالبهما الأساسية لا يمكن التوفيق بينها".
وبدأت القوات الكردية في نهاية أغسطس الانسحاب من الحدود التركية، خصوصا مع سحب بعض وحدات حماية الشعب الكردية. وحتى الآن قام الجيشان التركي والأميركي بدوريتين مشتركتين في شمال شرق سورية بهدف إزالة تحصينات وحدات حماية الشعب.
وقالت خليفة "لكن الولايات المتحدة كانت واضحة جدا حيال واقع أنها لم توافق على الاتفاق الذي يشمل الإعادة غير الطوعية للسوريين إلى هذه المنطقة".
ويرى حسن أونال الأستاذ في جامعة مالتيبي أن أنقرة وواشنطن تواجهان صعوبة أيضا في التوصل إلى اتفاق، مضيفا "يبدو أنه ليس هناك اتفاق واضح وجلي بين الطرفين، والتسوية تبدو هشة".

بالإضافة إلى ذلك، يرى المحلل أن أردوغان عاد من نيويورك بدون التمكن حتى من لقاء ترامب، وبالتالي "خالي الوفاض" إلى حد ما، وكان أردوغان حذر في الأسابيع الماضية من أنه في حال لم تتم إقامة "المنطقة الآمنة" قبل نهاية سبتمبر/أيلول، فإن تركيا ستتولى الأمور بنفسها وصولا إلى إطلاق عملية عسكرية في شمال شرق سورية. وفي حال تمت تلك العملية فإنها ستكون الثالثة التي تنفذها القوات التركية في سورية منذ 2016.

وفي مطلع 2018، قامت خصوصا بالسيطرة على عفرين، إحدى المناطق الثلاث في منطقة الإدارة الذاتية الكردية المعلنة في 2016.

هل من الممكن إيواء 3 ملايين لاجئ سوري؟

يرى الخبير في شؤون سورية فابريس بالانش أنه "من غير الممكن إرسال ثلاثة ملايين شخص إلى تلك المنطقة، حيث مساحة المناطق التي يمكن السكن فيها محدودة، لأن غالبية المنطقة شبه صحراوية"، لكن في المشروع الذي عرضه أمام وسائل الإعلام التركية ونظرائه خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدث أردوغان عن خطة بناء قرى ومدن يمكنها استقبال ما يصل إلى مليون شخص. وقال بالانش "هدف أردوغان كما يبدو إقامة +حزام عربي+ مؤيد لتركيا على الحدود التركية عبر إبعاد الأكراد عن تلك المنطقة".

وبحسب قوله، فإن المنطقة تحوي حاليا 2,5 مليون نسمة، بينهم أكثر من مليون كردي يقيمون خصوصا قرب الحدود التركية. وتابع الباحث "إذا كان أردوغان يريد وضع اللاجئين على الحدود، آلاف أو حتى مليون شخص، فسيؤدي ذلك إلى تشتيت لحمة السكان الأكراد".
ويؤكد حسن أونال أيضا على مشكلة أن الأراضي التي تخطط تركيا أن تبني فيها "تعود ملكيتها لجهات أخرى على الأرجح".
بالإضافة إلى ذلك يبقى السؤال، من يريد السكن في هذه المجمعات العقارية. بالنسبة لبالانش فإن "مئات آلاف الأشخاص المتحدرين من تلك المنطقة فقط يمكن أن يعودوا إذا توافرت الشروط الاقتصادية والأمنية".
وفي حال لم تتمكن تركيا من إيجاد مليون إلى ثلاثة ملايين متطوع للعودة، فإن القانون الدولي لا يسمح بالإعادة القسرية.

(فرانس برس)
المساهمون