"مجلس التنسيق السعودي الإماراتي"... نظريتان وراء إنشائه

18 مايو 2016
جاء إنشاء المجلس بعد سنوات من التنسيق المكثف(بندر الجلود/الأناضول)
+ الخط -
وقّعت السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، من دون الإشارة إلى تفاصيل، محضر إنشاء "مجلس التنسيق السعودي الإماراتي"، يوم أمس الأول الإثنين، في مدينة جدة، بحضور العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.
ولم تنص التصريحات الصادرة عن المسؤولين في البلدين، عن طبيعة المجلس الأساسية، وإن كان سيركز على القضايا الاقتصادية، أو السياسية، أو السياسة الدفاعية أو غيرها. لكن من طبيعة هذه المجالس، أنها تُشكّل لجاناً مختلفة، ومتخصصة، لتنسيق العلاقات بين البلدين بشكل مكثف، في مجالات محددة، اقتصادية وسياسية، كما في مجلس التنسيق السعودي القطري، والسعودي الأردني، والسعودي المصري.
ويترأس المجلس من الجانب السعودي، ولي ولي العهد، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، ومن الجانب الإماراتي، نائب رئيس مجلس الوزراء الإماراتي، وزير شؤون الرئاسة، الشيخ منصور بن زايد.
وجاء التوقيع على إنشاء المجلس، بعد سنوات من التنسيق المكثف، السعودي الإماراتي، حيال الملفات الساخنة في المنطقة، لا سيما في الملف المصري، بعد انقلاب 30 يونيو/حزيران 2013، والملف اليمني، بعد انطلاق عمليات التحالف العربي في اليمن تحت اسم "عاصفة الحزم"، والتي قادتها الرياض، ولعبت فيها أبو ظبي دوراً بارزاً، خصوصاً في جنوب اليمن، منذ 2015.
وتتباين التكهنات حيال أسباب إنشاء هذا المجلس الآن، بعد سنوات من التنسيق المتواصل بين البلدين، في القضايا المختلفة بالمنطقة، لا سيما بعد ثورات الربيع العربي، وفي ظل الحديث عن تباينات سعودية إماراتية في الملف اليمني، بناء على مؤشرات الأحداث، في الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعد إقالة نائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة، خالد بحاح، القريب من الإمارات، وتعيين الشخصية العسكرية اليمنية، المثيرة للجدل، علي محسن الأحمر، نائباً للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي. ويُعتبر تعيين الفريق الأحمر في ثاني أهم منصب في اليمن، إشكالياً، من ناحية علاقاته السيئة مع الحراك الجنوبي، والدور الذي لعبه في ضم اليمن الجنوبي بالقوة في حرب 1994، وما بعدها، بالإضافة إلى دوره في تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، وتدخّله العسكري، من خلال الفرقة الأولى مدرع، لحماية المتظاهرين في صنعاء ضد الرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، في العام 2011.


ومرد التباين بين السعودية والإمارات حيال اليمن، بحسب مراقبين، في النظرة إلى مصير الجنوب اليمني، والتنسيق مع الإسلاميين، لا سيما "الإخوان المسلمين". إذ تتم قراءة تعيين الأحمر، كقطع طريق أمام الحراك الانفصالي في جنوب اليمن، وكمدخل لبناء تحالفات واسعة في الشمال، مع شخصيات قبلية، وإسلاميين، على رأسهم حزب التجمّع اليمني للإصلاح.
الرؤية الأخرى لإنشاء هذا المجلس، تضعه في إطار تعزيز التنسيق بين البلدين، باعتبار أن العلاقات السعودية الإماراتية باتت أكثر تفصيلية، مما يتطلّب تنظيم قنوات التواصل بين البلدين في كافة المجالات، لا المسائل السياسية والسياسات الدفاعية وحسب. لذا يأتي هذا المجلس لتعزيز هذا التعاون بين البلدين.
في سياق متصل، لا يبدو أن سياسات البلدين، السعودية والإمارات، متباينة حيال الملف المصري، فقد استمرت كل من الرياض وأبو ظبي، في دعم القاهرة، اقتصادياً وسياسياً. بينما لا يبدو أن الرياض مهجوسة بالملف الليبي، والذي توليه الإمارات أهمية كبرى، بينما يبدو موقف أبو ظبي غامضاً تجاه الملف السوري، والذي تنسق فيه السعودية جهودها بشكل موسع، مع كل من تركيا وقطر، في ظل غياب الأخيرة الملحوظ في الملف اليمني.

المساهمون