كشف مسؤول رفيع المستوى في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، أن زيارة وفد المعارضة السورية لأربيل شهدت الطلب رسمياً من رئيس إقليم كردستان السابق وزعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، مسعود البارزاني، التواصل مع أطراف كردية سورية حول ملفات عدة، بينها ملف الإمساك بالأرض في مناطق شرق الفرات.
ويجري وفد المعارضة السورية، منذ الجمعة الماضي، زيارة إلى إقليم كردستان العراق، بعلم من الحكومة العراقية في بغداد. ويشارك في الوفد، بقيادة نصر الحريري، كل من إبراهيم الخطيب وربا حبوش وعبد الجبار العكيدي وحواس عكيد وآخرين. واعتبر المسؤول الرفيع المستوى أن هناك خلطاً واضحاً لدى وسائل إعلام أجنبية وعربية حول موضوع دخول البشمركة الكردية العراقية إلى سورية، موضحاً أن "المقصود هو قوات البشمركة السورية، وهي قوة تعادل لواء عسكرياً أو أقل بقليل تم تشكيلها منذ سنوات من الأكراد الفارين من مناطق النظام السوري إلى إقليم كردستان العراق". ويطلق على هذه المجموعة اسم قوات "روج آفا"، وتعني "غرب كردستان"، في إشارة إلى مناطق الأكراد السوريين. وتوجد تلك القوات داخل أحد المعسكرات في أربيل. وأضاف أن "هذه القوات مدعومة ومجهزة من واشنطن وأربيل، لكن الخلاف الرئيس هو أن القوات التابعة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي ترفض دخولها لأسباب حزبية وسياسية بحتة"، مشيراً إلى أن "أربيل ستحاول، بدعم أميركي، قيادة وساطة مع مختلف الأطراف الكردية السورية بهذا الشأن". وأكد أن "تدخل البشمركة العراقية غير مطروح، كما أنه سيشرعن بشكل أو بآخر قتال المليشيات العراقية مع النظام السوري، من حيث مبدأ القتال خارج العراق، وسيعطي ذريعة لاستمرارها".
وقال الخبير بالشأن السياسي الكردي العراقي ومستشار رئيس إقليم كردستان السابق، كفاح محمود، إن "تكرار تجربة مدينة عين العرب، مطلع العام 2015، بالنسبة للبشمركة مستبعدة جداً، ذلك لأن البشمركة شاركت في القتال هناك بعد تنسيق وموافقة أميركية تركية، وهذا الأمر لا يتوافر الآن". وأضاف محمود، لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث يدور حول آلاف المقاتلين الأكراد السوريين الموجودين في إقليم كردستان، والذين يمكن لهم ملء الفراغ، وهم من المدنيين والعسكريين السابقين في سورية الذين فروا إلى الإقليم، لكن هناك خلافات مع حزب الاتحاد الديمقراطي السوري حول هذه القوة، فهم يعدّونها منافسة أو نداً لهم، والخلافات ذات طبيعة سياسية. وبالنسبة لأربيل فهي تتعامل مع كل القوى الكردية على المسافة نفسها". وأشار إلى أن "هناك حراكاً سياسياً واسعاً حالياً لترتيب البيت الكردي السوري تمهيداً لدور لقوات البشمركة السورية في الإمساك بالأرض شرق الفرات".
وقال عضو هيئة التفاوض السورية عبد الجبار العكيدي، أمس الأحد، إنه "في الحقيقة لغاية الآن لم تتبلور الرؤية بشأن المنطقة الآمنة، وكذلك الانسحاب الأميركي، وقرار الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) بالانسحاب من سورية خلط جميع الأوراق في المنطقة، وبعث القلق لدى جميع القوى". وأضاف أن "الرؤية غير واضحة، وجميعها تتعلق بالتفاهمات التركية الأميركية والتفاهمات الروسية التركية والمحيط الإقليمي. والسؤال يبقى في حال انسحاب أميركا، من سيملأ الفراغ؟". وتابع العكيدي، في تصريحات لمحطة تلفزيون إخبارية كردية تبث من أربيل، "نحن نرفض وجود قوات النظام السوري في المنطقة الآمنة، أو القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها. ونحن مع انتشار قوات محلية من العرب والأكراد في هذه المنطقة، وأن يتم إدارتها من خلال المجالس المحلية لفرض الاستقرار بعد حقبة الحرب والدمار". وحول زيارة الوفد إلى مدينة أربيل، قال العكيدي "كان اللقاء مع البارزاني إيجابياً، والإقليم له دور محوري كبير في سورية لما يحظى به البارزاني من شعبية كبيرة لدى أكراد سورية. ناقشنا معه الوضع السوري بشكل عام والعملية السياسية والدستورية في البلاد".
وأكد عضو "الحزب الديموقراطي الكردستاني"، ريبوار أمين، لـ"العربي الجديد"، أن "إقليم كردستان سيشعر بقلق بالغ في حال سيطرت على المناطق السورية الكردية الحدودية معه قوات نظام (بشار) الأسد أو جهات محسوبة على إيران وروسيا". وقال "قد يكون هذا مبررا إضافيا لبقاء الأميركيين في الإقليم، أو حتى رفع عديد قواتهم في ظل التنافس الحالي، لكننا نعول حالياً على وحدة الموقف الكردي في سورية، وللأسف هناك جهات تعقد الأمور وتؤلب الرأي العام الكردي في سورية على البارزاني، مثلما يفعل حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة الآن ويحاول أن يبتز الإقليم بذلك".