قانون الإيجار يهدّد 12 مليون مصري... وينذر بانفجار اجتماعي

28 ديسمبر 2016
نحو 9 ملايين شقة تخضع لقانون الإيجار القديم(كريس ماكراس/Getty)
+ الخط -
لم يكتف مجلس النواب المصري بانحيازه الكامل للسلطة التنفيذية، منذ تشكيله مطلع العام الحالي، وتأييده لكافة الإجراءات التي تتخذها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خصوصاً الاقتصادية الاجتماعية منها، وأدت إلى انخفاض قيمة الجنيه بنحو 70 في المائة خلال عامين، بل إنه يشهد محاولات حثيثة لتمرير تعديلات على قانون الإيجار القديم خلال دور انعقاده الحالي. وتُهدد تعديلات القانون، المقدمة من 115 نائباً، بفقد نحو 12 مليون مستأجر لمساكنهم، لانحياز موادها إلى الملّاك، بعد أن نصت على تحرير عقود الإيجار القديمة للوحدات السكنية، نهائياً، خلال مدة 10 سنوات، من خلال زيادة سنوية متصاعدة للقيمة الإيجارية لقاطنيها، تصل إلى المثل بعد انقضاء المدة المحددة.

وقال برلماني مصري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن تحالف "دعم مصر"، يغفل البعد السياسي لتحركاته، ما يمكن أن يؤدي إلى ثورة شعبية على النواب في دوائرهم، ولا يمكن السيطرة على انفجار الأوضاع شعبياً. وأوضح أن الأوضاع الحالية، وزيادة الأعباء يمكن أن تؤدي، إذا لم تتم مواجهتها بإجراءات تخفف ولو قليلاً من تأثيراتها، إلى انفجار شعبي هائل. ووفق إحصائيات شبه رسمية، فإن 8 ملايين و900 ألف شقة تخضع لقانون الإيجار القديم، يقطنها من 12 إلى 15 مليون مواطن، بينما لم تراع التعديلات حق السكن الذي نص عليه الدستور المصري، إذ لم تُلزم الدولة بتوفير بدائل لقاطنيها. كما خالفت حكم المحكمة الدستورية، الصادر في العام 2002، بعدم أحقية الملاك في تغيير القيمة الإيجارية أكثر من مرة، حفاظاً على السلم الاجتماعي.

وبحسب مصادر مطلعة في هيئة مكتب مجلس النواب، فإن رئيس المجلس، علي عبد العال، التقى مقدمي التعديلات، النائبين إسماعيل نصر الدين، ومعتز محمود، وطالبهما بإرجاء مناقشات القانون إلى نهاية دور الانعقاد الحالي (سبتمبر/أيلول المقبل)، في ظل تصاعد غضب المواطنين من جراء موجة الغلاء، وارتفاع أسعار السلع والخدمات. وأضافت المصادر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن رئيس لجنة الإسكان والمرافق (المُحالة إليها التعديلات)، علاء والي، أيد مطلب تأجيل المناقشات، وعدم تمرير مواد مشروع القانون، بشكل نهائي، إلا في دور الانعقاد المقبل، حتى يتسنى الوصول إلى أكبر قدر ممكن من التوافق المجتمعي بشأن نصوصه، في ظل حالة التحفز لدى الملاك والمستأجرين على حد سواء. وأكدت المصادر عدم بدء لجنة الإسكان مناقشة الإيجار القديم، إلا بعد الانتهاء من قانوني البناء المُوحد، والتصالح في مخالفات البناء، الذي تُعول عليه الحكومة لجذب مزيد من الأموال لموازنتها التي تواجه عجزاً غير مسبوق، موضحة أن النص على معايير ونسب الزيادة في القيمة الإيجارية بتعديلات القانون يتطلب وضعاً اقتصادياً أكثر استقراراً.


ونوهت المصادر إلى وجود اتجاه داخل اللجنة للضغط على النائبين لسحب مشروعهما، واستبداله بمشروع قانون جديد يجمع بين بنود الإيجارين القديم والجديد، بحيث لا ينحاز للمالك على حساب المستأجر، من خلال تشكيل لجان خاصة في المحافظات المختلفة، لدراسة وتقييم القيمة التأجيرية لكل وحدة سكنية، من دون وضع نصوص مُعممة. وتتلكأ وزارة الإسكان المصرية في إعداد مشروع قانون، بعد أن كانت أعلنت، في وقت سابق، إعداد مقترحات عدة لتحرير عقود الإيجار القديم، تمهيداً لعرضها على مجلس النواب. وتمثلت المقترحات في تحرير العلاقة الإيجارية بعد 7 سنوات من الزيادة، مع جواز إخلاء المستأجر للوحدة مقابل الحصول على مبلغ مالي من المالك، وإنشاء صندوق لدعم المستأجر غير القادر.

ويقول عضو لجنة الإسكان في البرلمان، أمين مسعود، إن القانون يُمثل لغماً في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، وحالة الاحتقان لدى قطاع عريض من المواطنين، موضحاً أن وزارة الإسكان لم تخاطب اللجنة، بشكل رسمي، حول مقترحات بشأن توفيق أوضاع الإيجارات القديمة، وأن التعديلات المقدمة من النواب لا بد من أن تخضع لجلسات استماع موسعة للمعنيين، قبل الشروع في تمريرها. وانتقد مسعود، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تطرق التعديلات لنسب الزيادة في القيمة الإيجارية، لأن هذا الأمر يستلزم تشكيل لجان في جميع المحافظات لدراسة الحالات المختلفة للمستأجرين، مع ضرورة توفير الحكومة لعائدات من صندوق مصالحات مخالفات البناء لصالح المُتضررين من المستأجرين القدماء، فضلاً عن منحهم أولوية في الحصول على وحدات الإسكان الاجتماعي.

في المقابل، تمسك معتز محمود، أحد مقدمي التعديلات، بسرعة البدء في مناقشة القانون خلال شهر على الأكثر، مع دعوة اللجنة لكل الأطراف المعنية، والاستماع إلى مقترحاتها، لافتاً إلى أن القانون يستهدف تحرير جميع العقود الموقعة بين المواطنين والدولة، واسترداد المالك للعقارات والمحال التجارية المؤجرة من جانب الجهات الحكومية. وأوضح محمود، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن التعديلات أعطت المصالح والهيئات الحكومية المؤجرة فترة سماح سنة بذات قيمة العقد المُحرر، على أن تُسترد الوحدات المؤجرة بعد احتساب الإيجار العادل بشكل تدريجي، وفق القيمة السوقية، لمدة 4 سنوات تالية، معتبراً أن التعديلات ستوفر نحو نصف مليون وحدة سكنية مغلقة، والتي ستسهم في معالجة أزمة الإسكان.

وأشار خبراء في مجال العقارات، شاركوا في ندوة نظمها أخيراً المعهد الديمقراطي المصري، إلى خطورة مواد مشروع القانون على الأمن الاجتماعي، واستحالة تحقيق المرغوب من تعديل العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين. وأكدوا أن البرلمان يُصر على تمرير تشريعات تضرب استقرار المجتمع، والعلاقات بين أفراده، ومصالحهم. وأشار المشاركون في الندوة إلى أن تحرير العلاقة الإيجارية سيكون على حساب طبقات مطحونة، لا يناسب أوضاعها اقتصاد الريع، الذي ارتفعت معه أسعار السلع والعملات الأجنبية مقابل الجنيه، بعد قرار تعويمه، الذي أضر بالاقتصاد المصري، في وقت تزداد فيه معدلات البطالة والتضخم وصعوبة العيش.

المساهمون