خيبة إسرائيلية من فشل الانقلاب... وتوقع تعزيز قوة أردوغان

17 يوليو 2016
انخراط الشعب في وجه الانقلاب شكّل مفاجأة(بولينت كيليش/فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي حذر باحثون ومعلقون إسرائيليون، أمس السبت، من أن فشل المحاولة الانقلابية في تركيا سيفضي إلى إحداث تغييرات جوهرية على النظام السياسي التركي، قال آخرون إن إسرائيل كانت تتطلع إلى نجاح هذه المحاولة. ورأى معلق الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان، أن المستويات السياسية والأمنية في إسرائيل كانت ستكون مرتاحة لو نجح الانقلاب وتم التخلص من الرئيس رجب طيب أردوغان. وفي مقال نشره موقع الصحيفة، كتب ميلمان: "لا أحد في الحكومة أو المؤسسة الأمنية كان سيذرف دمعة واحدة على أردوغان لو نجحت المحاولة الانقلابية، فإسرائيل ستكون مرتاحة لو استعاد الجيش مقاليد الأمور في تركيا". واستدرك ميلمان أن المحاولة الانقلابية لن تؤثر على العلاقة مع تركيا بعد التوقيع على اتفاق التطبيع بين تل أبيب وأنقرة.

من ناحية ثانية، توقع باحثون صهاينة أن يفضي فشل المحاولة الانقلابية إلى تعزيز مكانة حزب العدالة والتنمية ونفوذ أردوغان. وقال أبرز المستشرقين المختصين بالشأن التركي، البرفسور درور زئيف، إن "تركيا جديدة قد نشأت اليوم، تركيا الكمالية لفظت أنفاسها، فشل الانقلاب يمنح أردوغان الشرعية والفرصة لتغيير الإرث الأتاتوركي الذي ظلت تركيا أسيرة له لعقود". وفي مقابلة مصورة أجراها معه موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" من مكان إقامته في إحدى البلدات التركية القريبة من أنقرة، أضاف زئيف: "في كل انقلاب يعمل الجيش التركي على إعادة تركيا إلى مسار علماني أكثر تطرفاً، وفشله اليوم يدلل على أنه لن يكون بوسعه القيام بذلك، تركيا تحولت إلى دولة أخرى".

كذلك قال القنصل الإسرائيلي الأسبق في إسطنبول، إيلي شاكيد، إن "المفاجأة المدوية" كانت انخراط الشعب التركي في مواجهة الانقلاب، مشيراً إلى أن التحرك الشعبي الواسع كان وراء فشل الانقلاب. وفي مقابلة أجراها معه موقع "يديعوت أحرنوت"، أضاف شكيد "لقد انتصر الجناح الشعبي المحافظ، والذي يمثل بؤرة التأييد لأردوغان".

وفي السياق، قال السفير الإسرائيلي الأسبق في أنقرة، جاك ليفي، إن مخططي محاولة الانقلاب لم يدركوا طابع التحولات التي شهدتها تركيا والتي جعلت "من الشعب منخرطاً في السياسة بشكل يقلص فرص نجاح أي انقلاب سياسي". وفي مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي، أضاف ليفي: "لقد نجح أردوغان في جعل الأتراك أكثر انغماساً في السياسة، وهذا ما عزز الوعي لديهم بحقوقهم السياسية، مما جعلهم ينجحون في إفشال محاولة الانقلاب".

إلى ذلك، لفت مقدم البرامج الحوارية الشهير في قناة التلفزة الثانية، داني كشمارو، إلى أن شعور قطاعات واسعة من الشعب التركي وتحديداً الشباب، بأن محاولة الانقلاب "كانت جزءاً من مؤامرة دولية عزز من التفاف الجماهير حول الرئيس التركي". وفي تغريدة نشرها على حسابه على تويتر، شدد كشمارو على أن "استشراء هذا الانطباع داخل تركيا يمنح أردوغان القدرة على القيام بخطوات لتنفيذ كل الإصلاحات التي يرى وجوبها على نظام الحكم في تركيا".

وبرز في هذا الإطار تحليل الصحافي الإسرائيلي، أنشيل بيبر، معلق الشؤون الخارجية في صحيفة "هآرتس"، والذي كتب على حسابه على تويتر أن الوقت الطويل الذي مر قبل إصدار العواصم المهمة بيانات تنديد تعزز الانطباع بأن محاولة الانقلاب كانت ضمن "مؤامرة أكبر". وفي مقال نشره على موقع "هآرتس"، لفت بيبر الأنظار إلى أن مخططي محاولة الانقلاب "عملوا بشكل تقليدي واستناداً إلى تجارب الانقلابات السابقة، ولم يدركوا أن قدرة أردوغان على التواصل مع الشعب، حتى بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي التي حاربها، ستفشل المحاولة".

من جانبه، أشار الصحافي الإسرائيلي، إيال عيران، في تغريدة على تويتر، إلى وجود مؤشرات تدل على أن دول أجنبية كانت تعلم بالمحاولة الانقلابية. وفي هذا الإطار، رأى عيران أن مبادرة فرنسا إلى إغلاق سفارتها في أنقرة تدل على ذلك.

دور عبد الله غولن
تجدر الإشارة إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية سبق أن تحدثت عن طابع العلاقة "الحميمة" التي تربط دوائر في إسرائيل بزعيم حركة "حزمت"، عبد الله غولن، والذي تتهمه الحكومة التركية بالمسؤولية عن المحاولة الانقلابية. وفي تحقيق موسع، نشرته صحيفة "ميكور ريشون" في الرابع من شهر يناير/ كانون الثاني 2014، ذكرت الصحافية، فازيت ربينا، أن حركة "حزمت" أقامت علاقات وثيقة بمؤسسات أكاديمية في تل أبيب ووزارة الخارجية الإسرائيلية، إلى جانب أن قيادات في الحركة تزور إسرائيل. وكان هذا التحقيق قد أشار إلى أن عدداً من قادة "حزمت" درسوا في إسرائيل وأحدهم هو محرر مجلة "Turkish Review"، كريم بالتيش، والذي أجرت معه "ميكور ريشون" مقابلة في التحقيق. وحسب فازيت، فإن غولن لا يخفي إعجابه باليهود، إذ كتب على موقعه الشخصي على الإنترنت: "اليهود يشكلون جزءاً من واحد بالمائة من السكان في العالم، ومع ذلك فقد حصلوا على 32 بالمائة من جوائز نوبل". وأشارت فازيت إلى أن غولن يرتبط بعلاقات مع كبار المرجعيات الدينية اليهودية، والتقى بالحاخام الأكبر السابق لليهود الشرقيين، باكشي دورون.

المساهمون