وقال تبون، في حوار لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إنه "يجب علينا اليوم دفع الليبيين للحوار وإعادة بناء دولتهم، وإذا تم تفويضنا من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فبإمكاننا إحلال السلام بسرعة في ليبيا، لأن الجزائر هي وسيط صادق وذو مصداقية، وتحظى بالقبول لدى جميع القبائل الليبية".
وأضاف أنه "من حظ ليبيا الحالي هو أن قبائلها الكبيرة لم تحمل السلاح، وهم جميعا مستعدون للمجيء إلى الجزائر لصياغة مستقبل مشترك"، مؤكداً أن الجزائر "ليس لديها هدف للهيمنة أو استهداف ثروات هذا البلد الشقيق الذي فتح أبوابه لنا خلال حرب التحرير".
وكان الرئيس الجزائري قد طرح في مؤتمر القمة الأفريقية في أديس أبابا قبل أسبوعين مقترح استضافة الجزائر لمؤتمر حوار ليبي ليبي، كما أوفد وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى كل من مدينة بنغازي لمقابلة اللواء المتقاعد خليفة حفتر وزعامات قبلية، وإلى طرابلس لمقابلة رئيس حكومة "الوفاق الوطني" فائز السراج ومسؤولي الحكومة.
إلى ذلك، أكد تبون خلال الحوار مع الصحيفة الفرنسية، أن الجزائر أعلنت مبكرا عام 2011 أن إطاحة القذافي "ليست الطريقة المثلى لحل المشاكل"، داعيا الدول الأجنبية إلى عدم "خوض الحروب بالوكالة، يجب الالتزام بعدم بيع الأسلحة والتوقف عن جلب المرتزقة ... نحن نوفر لليبيين الغذاء والدواء وليس الأسلحة لقتل بعضهم البعض، وإذا استمر تفكك ليبيا في غضون سنة، سنة ونصف السنة، فإن أوروبا ومنطقة البحر المتوسط ستكون لها صومال جديدة على حدودها مع عواقب محددة على استقرارها وأمنها".
في سياق آخر، اتهم الرئيس تبون فرنسا بعرقلة حل الأزمة في مالي، وقال "لو سمح لنا لكانت مشكلة مالي قد حلت منذ زمن طويل، والجزائر لم تتوقف عن تقديم حلول للماليين واتفاق الجزائر (وقع في مايو 2015) كان مثاليا، وكان الطريقة الوحيدة الممكنة لدمج جنوب مالي مع الشمال في بنيته ومؤسساته، لكن فرنسا أرادت حل المشكلة عسكريا، لقد انسحبنا ونحن نرى ما يحدث على الأرض".
وأضاف أن "الحلول العسكرية لم تحل المشاكل بتاتا، بل على العكس، في حالتنا، فإنها تعقد الوضع وتعد بمثابة دعوة للإرهابيين، الآن علينا العودة إلى اتفاق الجزائر، خاصة وأن دول منطقة الساحل لا تملك القدرات العسكرية لمحاربة الإرهاب".
وبشأن العلاقة مع فرنسا، أكد الرئيس تبون أنه مع "علاقات سليمة مع فرنسا تقوم على أساس الاحترام المتبادل والإقرار بالحقيقة (يقصد جرائم الاستعمار) وإدانتها، موضحا أنه على اتصال مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
واستنكر الرئيس الجزائري محاولات سياسية فرنسية في وقت سابق للتدخل في الأزمة الجزائرية وقال "كيف يمكن أن نقترح فترة انتقالية للجزائر أو التدخل في اختيار شعبها؟ الأمر متروك للجزائريين وحدهم لتسوية هذا الأمر".
وعلى صعيد القضايا الداخلية، قال تبون إنه وعلى الرغم من استمرار التواجد المدني والتظاهر في الشارع كل يوم جمعة، إلا أن الأمور بدأت تهدأ، معتبرا أن "الكثير من الجزائريين فهموا أنه لا يمكن إصلاح ما تم تدميره بمدة عشر سنوات خلال شهرين".
وبرأي تبون فإن الحراك حصل على كثير من المطالب، "حيث لم يكن هناك ولاية رئاسية خامسة ولا تمديد للولاية الرابعة، وأغلب رموز النظام السابق غادروا السلطة، وتم بدء معركة قضائية ضد أولئك الذين قادوا الاقتصاد إلى حالة انهيار"، مشيرا إلى أنه لا تزال هناك إصلاحات سياسية جعلتها أولوية بالنسبة لي، وأنا عازم على المضي قدماً في تغيير جذري لكسر الممارسات السيئة، وتغيير طريقة الحكم".
وتعهد الرئيس تبون بطرح مسودة دستور جديد تتم صياغته من قبل فريق من الخبراء، حيث يمكنهم الذهاب بعيدا في ذلك بما يتعلق بالهوية الوطنية والوحدة الوطنية، وقال إنه سيتم تقديم الوثيقة الدستورية إلى ما يقارب 600 كيان بين أحزاب وجمعيات ونقابات ومرجعيات وطنية لإثرائها، قبل مراجعة أخيرة وتقديم النسخة النهائية إلى غرفتي البرلمان ثم يطرح إلى استفتاء شعبي، على أن يدخل حيز التنفيذ بداية الصيف المقبل.
كما تعهد تبون بإجراء مراجعة لقانون الانتخابات لفصل المال عن السياسة، يسمح بإجراء انتخابات نيابية جديدة لتشكيل "برلمان جديد يلعب دورًا أكبر، وأن يكون ذا مصداقية كافية ولا يعاني من أي نقص في الشرعية".
ونفى الرئيس الجزائري أي تدخل للجيش في صناعة القرار والشأن السياسي "بالنسبة لي أشعر فقط بأنني مدين للناخبين الذين انتخبوني بحرية وشفافية، صحيح أن الجيش ساند ورافق العملية الانتخابية، لكنه لم يحدد من سيكون الرئيس، والجيش ينجز مهامه الدستورية لحماية الوحدة الوطنية والجزائر من أي تسلل إرهابي وأي محاولة لزعزعة استقرار البلاد، ولا دخل له في السياسة أو الاستثمار أو الاقتصاد، ولن تجد أي أثر لتدخله في حياة المواطن".
وأشار إلى أنه ترشح لخوض الانتخابات الرئاسية الماضية لاستكمال برنامجه الذي توقف بعد مغادرته لرئاسة الحكومة بعد شهرين من تعيينه بسبب ضغوط من الكارتل المالي.
وبشأن ملاحقة رجال الكارتل المالي، ومحاربة الفساد، قال تبون إنه "تم قطع رأس المافيا، ولكن الجسم مازال موجودا والأموال القذرة لا تزال متداولة ومازال هناك رجال أعمال فاسدون ومزيفون سيجدون أنفسهم أمام المحاكم، نسعى لتطهير الدولة ونعيد البناء على أسس صحية".
ولفت إلى أن أحد أبرز أهدافه هو استغلال ثروات المحروقات لبناء اقتصاد جديد مبني على المعرفة وتعزيز الإنتاج الوطني وانتقال الطاقة والشركات الصغيرة والمتوسطة والزراعة ووقف الاستيراد الذي تسبب في تضخيم الفواتير وتهريب العملة خاصة إلى أوروبا.