التجنيد الإلزامي في العراق: عودة لقوانين صدام حسين

09 ديسمبر 2018
القانون سيشمل الفئات العمرية من 18 إلى 35 عاماً(Getty)
+ الخط -
لم يستطع العراق، منذ الاجتياح الأميركي في العام 2003، وحتى اليوم، بناء مؤسسة عسكرية رصينة، في ظلّ هيمنة الأحزاب والطوائف على السلطة في البلاد، فظلّت المؤسسة العسكرية تعاني طوال هذه الفترة من عدم المهنية وعدم الرصانة العسكرية، ما أثّر سلباً على الواقع الأمني في عموم البلاد. وهو الأمر الذي يدفع اليوم باتجاه العودة إلى قوانين صدام حسين، لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية من جديد، عبر قانون التجنيد الإلزامي. وعلى الرغم من تأكيد خبراء ومسؤولين عسكريين أهمية إقرار قانون التجنيد الإلزامي، إلّا أنّ عديدين يحذرون من استغلاله كباب من أبواب الفساد، في ظلّ ظروف غير اعتيادية وضعف سلطة القانون والرقابة.

وفي السياق، قال نائب عن لجنة الأمن البرلمانية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مشروع قانون الخدمة الإلزامية موجود لدى اللجنة، وهناك حراك لإجراء بعض التعديلات عليه وتقديمه"، مشيراً إلى أنّ "لجنة الأمن تستشعر بضرورة تمرير هذا القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية، إذ إنّ الظروف التي يمرّ بها العراق، تحتاج إلى تشكيل جيش وطني يشمل جميع طوائف الشعب ومكوناته". وأكد النائب، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "نواب المكوّن السني والكردي وغالبية نواب المكون الشيعي، يؤيدون هذا القانون، ويؤكدون الحاجة إليه، لأجل بناء مؤسسة عسكرية على أسس علمية رصينة، خصوصاً بعدما أيقنوا أنّ الأسس غير الوطنية التي اعتمدت في بناء الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، هي التي تسببت بضعف أداء المؤسسة وانهيارها بوجه تنظيم داعش، وما ترتب على ذلك من تداعيات وتضحيات وخسائر"، مشيراً إلى أنّ "المشروع سيكون على رأس المشاريع المهمة التي ستحسب للبرلمان الحالي في حال استطاع تمريره".

ويؤكد مسؤولون أنّ القانون له أهمية كبيرة في زرع روح الوطنية بين مكونات الشعب. وفي هذا الإطار، قال النائب عن تحالف "الحكمة"، علي البديري، في تصريح صحافي، إنّ "خدمة العلم شيء واجب، وهو تطبيق عالمي، لكنّ تطبيقه في العراق يحتاج إلى ضوابط"، مبيناً أنّه "بسبب هذه الضوابط وعدم التوافق بشأنها خلال الدورات البرلمانية السابقة، لم يتم التصويت على مشروع القانون".


وأكد البديري أنّ "البرلمان الحالي يميل بغالبية أعضائه إلى تمرير القانون"، معتبراً أنّه "مهم جداً، حيث يبعد المحسوبية في التعيين في السلك العسكري، ما يعني بناء جيش بعيد عن الطائفية والقومية، فضلاً عن كون الخدمة الإلزامية تزرع روح الوطنية والمواطنة وحب الوطن لدى جميع فئات الشعب". ولفت البديري إلى أنّ القانون "سيخدم فئة كبيرة من المجتمع لم تحصل على شهادات دراسية، وسيساعد على تخفيض نسبة البطالة بين صفوف الشباب".

ولا يختلف قانون التجنيد الحالي عن قانون التجنيد الذي كان معتمداً إبان فترة حكم صدام حسين، لناحية العمر وسنوات الخدمة. وأوضح مسؤول في وزارة الدفاع، لـ"العربي الجديد"، أنّ "القانون سيشمل الفئات العمرية من 18 إلى 35 عاماً، وسيعتمد على التحصيل الدراسي في تحديد سنوات الخدمة"، مبيناً أنّ "خريجي الجامعات ستكون خدمتهم لعام ونصف العام، وخريجي الدراسة الثانوية، ستكون عامين، وخريجي المرحلة الابتدائية أو الذين ليس لديهم تحصيل دراسي، ستكون ثلاثة أعوام".

وعلى الرغم من تأكيد حاجة العراق لإعداد جيش مهني، حذّر سياسيون، في المقابل، من مغبة استغلال هذا القانون، لأجل الفساد. وفي السياق، قال القيادي في تحالف "المحور"، محمد القيسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجميع يدركون أهمية بناء مؤسسة عسكرية رصينة في العراق، يكون لها الدور المحوري في ضبط الأمن، وإنهاء المخاوف من عودة الإرهاب"، لكنه أضاف أنّ "هذا الملف على الرغم من الحاجة له، إلّا أنّ هناك جهات سياسية داخلة في السلطة، تسعى من خلاله للحصول على مكاسب مادية، من خلال عقد صفقات التسليح، والمدربين"، مبيناّ أنّ "تلك التحركات لا يمكن السيطرة عليها إلّا من خلال ضوابط مشددة وتعديلات على قانون التجنيد".

وأشار القيسي إلى أنّ "القانون يجب أن يدرس دراسة مستفيضة قبل عرضه على البرلمان، وسدّ كل الثغرات التي من الممكن أن تستغلها الجهات التي تسعى للمكاسب". ويؤكد مراقبون أنّ الظروف الأمنية العراقية، أثبتت بما لا يقبل الشك، عدم القدرة على ضبط أمن البلاد إلّا من خلال بناء مؤسسة عسكرية مهنية، تبنى على أسس وطنية، بعيداً عن الطائفية والحزبية.

المساهمون