اليمن: المساعي الأممية للهدنة تصطدم بشروط متباينة

30 سبتمبر 2016
تطالب الحكومة بانسحاب المسلحين قبل الحل السياسي (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -
يحط المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في العاصمة العُمانية مسقط، لإجراء مباحثات مع وفد الانقلابيين حول هدنة مرتقبة وبحث مقترحات حل سلمي في البلاد، تبدو الرؤى والشروط المقدّمة من الأطراف المعنية بالأزمة ممثلة بالحكومة الشرعية والتحالف العربي الذي يدعمها بقيادة السعودية، وكذلك من الانقلاببين، متباينة إلى حد كبير، الأمر الذي يضاعف التحديات أمام المقترحات المطروحة للحل.
وأوضحت مصادر يمنية مقربة من المشاركين في المفاوضات لـ"العربي الجديد"، أن المبعوث الأممي سيلتقي وفد حزب "المؤتمر" الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المتواجد في مسقط، لتسليمه مشروع اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف اتفاق وقف إطلاق النار، على أن يبدأ بمدة 72 ساعة قابلة للتمديد، كما يتضمن تفاصيل مرتبطة باستئناف مشاورات السلام للوصول إلى حل سياسي للأزمة.
وحسب المصادر، فإن وفد الانقلابيين المتواجد في مسقط يطالب بإعادة فتح مطار صنعاء، والسماح له بالعودة إلى البلاد، للتشاور مع قيادة الجماعة والحزب حول المقترحات الجديدة، بعد أن منع التحالف عودته منذ ما يقرب من شهرين، فيما تشمل الجولة الجديدة للمبعوث الأممي إلى المنطقة زيارة إلى السعودية يلتقي خلالها بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ومسؤولي الحكومة الشرعية، ويعرض عليهم المقترحات الجديدة الخاصة بالهدنة والوصول إلى اتفاق شامل للأزمة.
في السياق، كشفت المصادر عن حراك دبلوماسي غير معلن شهدته مسقط في الأيام الماضية من خلال لقاءات عقدها وفد الحوثيين وصالح مع دبلوماسيين غربيين ومسؤولين أممين بالتزامن مع اللقاءات التي شهدتها نيويورك على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، وشملت لقاءات للرئيس هادي مع المبعوث الأممي وكذلك مع الأمين العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى اجتماع وزراء خارجية "اللجنة الرباعية" التي تضم أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات.
ووفقاً للمصادر، فإن المفاوضات في المرحلة الجديدة تقوم على قاعدة جديدة تتمثل بمحاولة الوصول إلى الاتفاق عبر مباحثات منفصلة مع فريقي الحكومة والانقلابيين، لتكون الجولة المرتقبة للمشاورات محصورة بالتوقيع على ما تم التوصل إليه خلال المفاوضات غير المباشرة، وذلك لتجنب تكرار ما جرى في مشاورات الكويت التي انعقدت لما يزيد عن ثلاثة أشهر، وخرجت من دون التوصل إلى حل. وتوقع مصدر مقرب من وفد الحوثيين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون التوقيع على أي اتفاق في حال تم التوصل إليه، في الكويت، الأمر الذي تعزز مع حديث لمسؤول كويتي تحدث فيه عن إمكانية أن تستضيف بلاده التوقيع على اتفاق بين الأطراف اليمنية.
وعلى الرغم من الحديث عن تقدّم ولقاءات مكثفة، لا يزال التباين عميقاً بين الأطراف المعنية بالأزمة في اليمن، إذ يطالب الحوثيون وحلفاؤهم بوقف عمليات التحالف ورفع الحصار الذي يفرضه عن اليمن جواً وبحراً كشرط للدخول في أي اتفاق سياسي، فضلاً عن مطالبتهم بالاتفاق على تشكيل سلطة توافقية تتولى هي الإشراف على بقية الإجراءات المتعلقة بانسحاب المجموعات المسلحة ومختلف الإجراءات الأمنية والعسكرية.
في المقابل، وفي أحدث التصريحات والمواقف التي أطلقها الجانب الحكومي، فإنه متمسك بمطلب أن يتم انسحاب المليشيات التابعة للحوثيين وتسليمها الأسلحة الثقيلة للدولة قبل أي إجراء سياسي تنفيذاً لمقتضيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، وهو ما أكد عليه الرئيس عبدربه منصور هادي، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيراً، إذ قال إنه "لا يمكن لأي حلول سلمية أن تتجاوز إنهاء الانقلاب وكل ما ترتب عليه أولاً من خلال انسحاب المليشيات المسلحة وتسليم السلاح والمؤسسات ثم استكمال مسار الانتقال السياسي بإقرار مسودة الدستور الجديد والذهاب لانتخابات شاملة". فيما تمسك بيان صادر عن وزارة الخارجية، بتسلسل القضايا، التي تبدأ بالانسحاب وتسليم الأسلحة قبل الحديث عن الحل السياسي.


إلى ذلك، برزت اشتراطات جديدة من جانب السعودية التي تقود التحالف الداعم للشرعية وتخوض مواجهات مع الانقلابيين على حدودها، إذ أعلن المتحدث باسم التحالف، اللواء أحمد عسيري، في تصريحات صحافية قبل أيام أن "التحالف لن يقبل بأي اتفاق سلام في اليمن إلا إذا اشترط قيام حركة الحوثيين بحل جناحها المسلح"، وأضاف عسيري في التصريحات التي نقلتها وكالة "رويترز"، أنه "رغم الحاجة لحل سياسي للصراع، إلا أن المملكة لن تؤيد اتفاقاً يسمح للحوثيين بالإبقاء على المسلحين"، وأنها "لن تقبل بوجود مسلحين في فنائها الخلفي".
وتظهر التباينات العميقة في الاشتراطات المقدمة من الأطراف، بين الحوثيين الذين يطالبون بوقف العمليات العسكرية للتحالف ضدهم قبل أي إجراء، وبين الحكومة التي تطالب بانسحاب المسلحين وتسليم الأسلحة الثقيلة كخطوة تسبق الحل السياسي، بالإضافة إلى ما أُعلن من قبل المتحدث باسم التحالف عن مطالبة السعودية بحل الجناح المسلح للحوثيين، افتراقاً كبيراً بوجهات النظر، الأمر الذي يعكس حجم العقبات أمام أي مشروع اتفاق.
الجدير بالذكر أن الجهود الأممية الأخيرة تقوم على الرؤية المقدمة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إذ كشف الأخير عن أبرز ملامحها في مؤتمر صحافي في 25 أغسطس/ آب في مدينة جدة السعودية، وتتضمن شقاً سياسياً يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها مختلف الأطراف، وشقاً أمنياً وعسكرياً يتعلق بانسحاب الحوثيين من صنعاء ومدن أخرى وقيامهم بتسليم الأسلحة بما ذلك الصواريخ البالستية لطرف ثالث، فضلاً عن الالتزام بعدم تهديد الحدود السعودية، التي تشهد مواجهات تتصاعد وتيرتها بين حين وآخر، منذ ما يقرب من عام نصف العام.