تصاعد الخلافات الأوروبية حول المهاجرين... ونظام الهجرة مهدد

27 فبراير 2016
آلاف المهاجرين عالقون في اليونان (بيار كروم/Getty)
+ الخط -


باتت أزمة المهاجرين تهدد بانهيار نظام الهجرة في الاتحاد الأوروبي، مع تصاعد الخلافات بين دول الاتحاد حول استقبال اللاجئين في ظل قرارات متصاعدة من بعضها بإغلاق حدودها في وجههم. وتبدو اليونان في الوضع الأصعب أوروبياً، مع استمرار توافد المزيد من اللاجئين إلى الجزر اليونانية، وتكدّس الآلاف منهم منذ أيام على الحدود اليونانية المقدونية على أمل السماح لهم بالمغادرة إلى شمال أوروبا عبر دول البلقان، بعدما كانت مقدونيا قررت إقفال حدودها مع اليونان.

وسيطرت الخلافات على الاجتماع الوزاري الأوروبي الذي عُقد في بروكسل أمس الأول الخميس، مع حض الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء على تحقيق نتائج ملموسة في إدارتها لأزمة المهاجرين خلال مهلة عشرة أيام وإلا فإن نظام الهجرة سيكون مهدداً بالانهيار، وسط تحذيرات من أزمة إنسانية واسعة النطاق بسبب وضع المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا الشمالية وأصبحوا عالقين على حدود دول طريق البلقان.

وحذر المفوض الأوروبي المكلف شؤون الهجرة ديمتريس افراموبولوس، في ختام اجتماع وزراء داخلية الدول الأعضاء الـ28 في بروكسل الخميس، أنه "خلال الأيام العشرة المقبلة، يجب أن نحقق نتائج واضحة وملموسة على الأرض، وإلا فهناك خطر انهيار النظام بالكامل". ودعا إلى تطبيق سريع للقرارات التي اتخذتها الدول الأوروبية الصيف الماضي بالنسبة لتوزيع المهاجرين على دول الاتحاد لتخفيف العبء عن اليونان وإيطاليا. واعتبر المفوض الأوروبي أن وضع المهاجرين "دقيق جداً"، مشيراً إلى "احتمال حصول أزمة إنسانية واسعة النطاق بشكل فعلي ووشيك جداً".

وحضر الخلاف بين اليونان والنمسا بشكل كبير خلال الاجتماع، إذ قال وزير الهجرة اليوناني يانيس موزالاس أمام نظرائه إن النمسا "تعاملنا كأعداء"، فيما استدعت أثينا في الوقت نفسه سفيرتها لدى فيينا. وأفادت الخارجية اليونانية بأن استدعاء السفيرة هدفه "حماية علاقات الصداقة بين دولتي وشعبي اليونان والنمسا"، وأن "المبادرات الأحادية لحل أزمة اللاجئين وانتهاكات القانون الدولي والمكتسبات الأوروبية من قبل دول اعضاء في الاتحاد الأوروبي من شانها تقويض أسس وعملية الوحدة الأوروبية".

فيما تساءلت وزيرة الداخلية النمسوية يوهانا ميكل ليتنر، يوم الخميس، ما إذا كانت اليونان غير قادرة على حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، "فهل يمكن أن تبقى تشكل حدوداً خارجية لفضاء شينغن"، متطرقة إلى استبعاد اليونان عن اتفاقية شينغن لحرية التنقل.

وتصاعد الخلاف اليوناني النمسوي أمس الجمعة، مع رفض أثينا طلب وزيرة الداخلية النمسوية زيارة البلاد. وأكد مصدر في وزارة الخارجية اليونانية لـ"فرانس برس"، نبأ نشرته وكالة الأنباء اليونانية بشأن رفض طلب زيارة ليتنر. وتعتبر أثينا أن فيينا شجعت سلسلة من القيود "الأحادية" على حدود دول البلقان، لذلك علق آلاف المهاجرين في الأراضي اليونانية.

وكان وزراء داخلية وخارجية النمسا ودول غرب البلقان، توصلوا في اجتماع "لقاء البقاء" الذي عُقد الأربعاء في فيينا الى توصية تقضي بدعم قرار مقدونيا القاضي بإقفال حدودها مع اليونان حيث كان يسجّل أكبر نسبة دخول من اللاجئين. وعرض فيينا خلال اللقاء إرسال عناصر شرطة للمساعدة في حماية ومراقبة المناطق الحدودية على طول طريق البلقان، وهي التي لجأت أخيراً إلى زيادة عدد عناصر الشرطة على حدودها الجنوبية إلى 1450 شرطياً، كما واعتماد معايير موحدة للتسجيل والترحيل. هذه الخطوات يبدو أنها تهدف إلى الضغط على المستشارة الألمانية انجيلا ميركل من أجل وضع حد اقصى لأعداد اللاجئين المنوي استقبالهم في ألمانيا، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية النمسوي سيباستيان كورتس في حديث مع صحيفة "بيلد" الألمانية منتصف الأسبوع، طالباً من برلين أن تعلن ما إذا كانت على استعداد لاستقبال المزيد من اللاجئين وتحديد عددهم.

وفي برلين اعتمد النواب الألمان بغالبية كبرى الخميس سلسلة إجراءات تهدف إلى تشديد شروط اللجوء. وصوّت النواب بغالبية 429 صوتاً مقابل 147 وامتناع 4 عن التصويت على هذه الإجراءات التي تواجه انتقادات شديدة من اليسار وجمعيات مساعدة المهاجرين.

اقرأ أيضاً: فضاء "شينغن" يترنّح على وقع أزمة اليونان

وكانت خطوة النمسا محل انتقاد من المفوضية الأوروبية ومدير وكالة فرونتكس، معتبرين أن الخطوات الأحادية الجانب وإغلاق تلك البلدان لحدودها، لا يساعد في حل الأزمة، فيما كان رد وزير الخارجية النمسوي أن "أوروبا ليست بحاجة لاجتماعات جماعية إنما للرغبة الغائبة للحد من تدفق اللاجئين". وبات يتواجد أكثر من 3 آلاف لاجئ معظمهم من أفغانستان والعراق وسورية في مكانين منفصلين داخل اليونان، التي وصلها عبر ميناء بيرايوس خلال الأيام الماضية أكثر من 9 آلاف لاجئ، وتعمل منظمات الإغاثة على مساعدة اللاجئين وتقديم الحاجات الضرورية ثم يتم نقلهم إلى مراكز التسجيل.

وكان قد بدأ الوضع على الحدود المقدونية اليونانية يزداد سوءاً بعد أن أغلقت السلطات المقدونية الحدود مع اليونان نهاية الأسبوع الماضي، وعمدت إلى إعادة الآلاف من اللاجئين إلى اليونان، وهو ما دافع عنه وزير الخارجية المقدوني نيكولا بوبوسكي، قائلاً: لم يكن قراراً من جانب واحد بل كان ردة فعل على التطورات في بلدان أخرى ككرواتيا وصربيا.

وفي السياق نفسه، انتقد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينمير الاجتماعات التي تقصي دولاً مؤثرة في أزمة اللاجئين، قائلاً لصحيفة "راينشيه بوست" الخميس، "إن اوروبا لا يمكنها السيطرة على تدفق اللاجئين من دون تعاون مع الدول الواقعة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي". وأضاف: "من الوهم الاعتقاد أنه من الممكن التوصل إلى حل من دون اليونان"، مطالباً بتوفير المساعدات المالية لليونان بالتوازي مع الاجتماعات التي تعقد مع تركيا لحل الأزمة، مع الاشارة إلى أن المنظمة الدولية للهجرة أعلنت هذا الأسبوع من جنيف عن عبور أكثر من مئة ألف مهاجر للمتوسط إلى اوروبا منذ بداية هذا العام.

في موازاة ذلك، طالبت السلطات الألمانية وعبر وزارتي الخارجية والداخلية، 17 دولة من الشرق الأوسط وأفريقيا باستعادة مواطنيها الذين لا يحق لهم بالبقاء أو رفضت طلبات لجوئهم، وهي الجزائر، المغرب، إثيوبيا، بنين، بوركينا فاسو، غانا، غينيا، غينيا بيساو، مالي، النيجر، نيجيريا، تونس، فضلاً عن بلدان في آسيا بنغلاديش، الهند، باكستان، ولبنان.

وفي هذا الإطار، كان متحدث في الخارجية الألمانية قد أكد العمل على تسهيل الإجراءات مع بلاد المنشأ لاستعادة مواطنيها الذين رُفضت طلبات لجوئهم، خصوصاً أن هناك تخوفاً من تراكم أعداد اللاجئين المرفوضة طلباتهم إذا لم يتم التوصل قريباً إلى حل مع الدول المعنية، علماً أن المعلومات تشير إلى أن أعداد المهاجرين المعرضين لرفض طلب لجوئهم سوف تزيد بشكل كبير، والسبب في ذلك التعديلات القانونية الصارمة التي اتخذتها السلطات الألمانية على قوانين اللجوء وفي ظل استمرار تدفق الآلاف من اللاجئين إلى البلاد، مع كشف صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" أنه وفقاً لتقديرات داخلية لوزارة الاقتصاد الألمانية فمن المتوقع ارتفاع أعداد اللاجئين في العام 2020 إلى أكثر من 3,5 ملايين لاجئ.

اقرأ أيضاً: "شينغن" الأوروبية تترنح: أزمتا "الإرهاب" والمهاجرين