من المسؤول عن عودة نشاط "داعش" مجدداً في ليبيا؟

11 مايو 2019
التنظيم لا يزال نشطاً في شكل خلايا متنقلة(فرانس برس)
+ الخط -

بعد خمسة أيام من تبنيه عملية إرهابية استهدفت مقر تدريب عسكري بمدينة سبها جنوب البلاد أودت بحياة ما لا يقل عن سبعة عسكريين، أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي، مساء أمس الجمعة، عن تبنيه هجوما إرهابيا شنه على منطقة غدوة أول من أمس وراح ضحيته مدنيان على الأقل وحُرقت عدة منازل.

ونشرت حسابات موالية للتنظيم، مساء الجمعة، صورا مرفقة بتعليقات تبين تبنيه الهجوم على

منطقة غدوة فجر الخميس الماضي.

وتؤشر عودة الهجمات المتتالية للتنظيم على إمكانية استعادة نشاطه، بعد أن مني بخسارة كبيرة على يد "قوات البنيان المرصوص" التابعة لحكومة الوفاق التي تمكنت من الإطاحة بعاصمته في ليبيا في مدينة سرت عام 2016، مستغلا تواصل حالة الفوضى التي تعصف بالبلاد جراء الانقسامات.

وحذرت حكومة الوفاق في عدة بيانات، إثر إطلاق اللواء خليفة حفتر حملته العسكرية في الرابع من إبريل الماضي باتجاه العاصمة طرابلس بهدف السيطرة عليها، من مغبة عودة نشاط "داعش"، كما حملت حفتر مسؤولية الهجوم الذي تعرض له مركز للتدريب في مدينة سبها السبت الماضي.

وأكدت أن حفتر "يتحمل المسؤولية كاملة بعودة تنظيم داعش لنشاطه الإرهابي وظهوره من جديد هذه الأيام"، مشددة على أن "داعش هو المستفيد الأول من عدوان حفتر على العاصمة من خلال توفير المناخ الملائم لاستعادة أنشطته".

لكن مراقبين للشأن الليبي يلقون باللائمة على كل الأطراف الليبية، فحكومة الوفاق لم تعزز مراكزها الأمنية في الجنوب الليبي، بل لم تمتد سيطرتها فعليا خارج العاصمة طرابلس.

ويرى سعيد الجواشي، الباحث السياسي الليبي، أن "انتقال قوات حفتر للسيطرة على الجنوب وجد في أول أيامه تزكية من قبل الحكومة ورضا بدا واضحا على تصريحات قادتها، فما الذي اختلف اليوم لتشير بالتهم إلى قوات حفتر؟".

وأوضح الباحث في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "مسيرة الحكومة في القضاء على التنظيم توقفت عند حد طرده من سرت بينما لا يزال يجوب المناطق المحيطة بها لا سيما في القطاع الصحراوي القريب منها دون أن تطلق الحكومة حملة لمطاردته".

وبحسب عدة تقارير وتصريحات لمسؤولين ليبيين، فإن التنظيم لا يزال نشطا في شكل خلايا متنقلة في المنطقة الصحراوية الرابطة بين جنوب سرت وحتى مرتفعات جبال الهروج، التي تشرف على منطقتَي الفقهاء وغدوة اللتين نفذ فيهما "داعش" هجوماته أخيرا.

وتمتد الطرقات الرابطة بين هذه المناطق إلى المرتفعات القريبة من طرابلس، والتي من المرجح أنها كانت منطلق التنظيم لتنفيذ عدة عمليات إرهابية داخل طرابلس نفسها آخرها استهداف مقر وزارة الخارجية نهاية ديسمبر الماضي.

واعتبر الجواشي أن الحكومة "تستثمر خلال أزمتها الحالية جراء حصار قوات حفتر لها ورقة داعش لمكاسب سياسية"، مضيفا: "كان الوقت الماضي كافيا لها لتحقق انتصارات أكبر على داعش بعد سرت، ولن تستحق بهذا التسويق الرخيص توجيه التهم لخصومها".

وفي خضم حربها ضد قوات حفتر، أعلنت وزارة داخلية الحكومة عن عمليات أمنية تمكنت خلالها من القبض على عنصرين تابعين للتنظيم كانا يخططان لهجمات إرهابية خلال الأسبوع الثاني من الشهر الماضي.

ويتفق خليفة الحداد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، مع حديث الجواشي عن تراخي الحكومة المعترف بها دوليا، والتي اشتركت مع قوى كبرى كالولايات المتحدة الأميركية في حربها ضد التنظيم في سرت، عن استمرار عملياتها ضد التنظيم في مناطق أخرى.

لكن الحداد يعتبر أن المسؤولية الكبرى "تقع على عاتق حفتر وقواته التي ترفع شعار الحرب على الإرهاب"، مشيرا إلى أنه "في الوقت الذي جاء رافعا شعار تحرير طرابلس من الإرهاب بات جليا أن داعش لا يزال نشطا في مناطق سيطرته في الجنوب حتى في سبها مركز ثقله العسكري الأكبر في تلك المنطقة".

وتساءل الحداد في حديثه لـ"العربي الجديد" عن جدية قوات حفتر في حربها على الإرهاب، قائلا: "علاقة حفتر بداعش بدأت مبكرا منذ أن سمح للعشرات من مقاتلي التنظيم بالمرور من درنة إلى سرت ومن بنغازي إلى درنة أثناء حروبه العديدة في شرق البلاد"، واصفا تلك العلاقة بـ"المشبوهة".

وأضاف: "العالم كله يعرف أن داعش يتمركز في مرتفعات الهروج في الجنوب وقريبا من بني وليد، وهي مناطق يسيطر عليها حفتر فلماذا لم يذهب للقضاء على تلك البؤر"، مضيفا أن "هناك اعتقادا سائدا بأن ثمة علاقة خفية ما بين الطرفين وربما استفادة مشتركة". ​ 

المساهمون