كفريا والفوعة.. نموذج سوري للتوظيف الإيراني الطائفي

15 ديسمبر 2016
حصار خانق على مضايا (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

تصرّ إيران، في كثير من عمليات التفاوض التي تتم مع فصائل المعارضة السورية المسلحة، على إقحام بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ريف إدلب من قبل "جيش الفتح"، في حين تتصل البلدتان، عبر جسر جوي، مع مناطق النظام، يمدّ من بقي بداخلهما باحتياجاتهم الأساسية.

وكانت المفاوضات لإخراج عشرات آلاف المدنيين والمقاتلين المحاصرين في ما تبقى من أحياء حلب الشرقية بين تركيا وروسيا فرصة جديدة لإيران لممارسة ضغوطها الطائفية في ما يتصل بالفوعة وكفريا، إلى درجة دفْعِها للاتفاق إلى الانهيار، إذ عطلت كل التوافقات لساعات.

وحاصرت عدة فصائل معارضة بلدتي الفوعة وكفريا في مارس/آذار 2015، بعدما سيطرت على مدينة إدلب وريفها.

ولم تقتحم المعارضة البلدتين، بل اكتفت بحصارهما وتنفيذ عمليات قصف، إلى أن وقّع "جيش الفتح" مع ممثلين عن إيران، في 20 سبتمبر/أيلول 2015، على اتفاق عرف باتفاق "المدن الأربع"، هي الزبداني/مضايا والفوعة/كفريا، ونص على وقف إطلاق النار والتعامل بالمثل بين المنطقتين، من حيث إدخال المساعدات الإنسانية وإخراج الجرحى والحالات الإنسانية.


ويعتبر ناشطون أن البلدتين تحمّلان المعارضة ضغوطا إضافية تثقل كاهلها في عمليات المفاوضات المناطقية، التي يكون الإيرانيون والمليشيات الطائفية طرفا فيها، أو يتمتعون بتأثير عليها.

ويشدد الناشطون على أن الاتفاق كان جائرا في حق المعارضة؛ فخلال أشهر من حصار بلدتي الفوعة وكفريا قامت قوات النظام و"حزب الله" اللبناني، الذي أصبح المسؤول المباشر عن حصار وتطبيق اتفاق "المدن الأربع"، بإكمال الحصار على الزبداني، التي كانت منتهية عسكريا، وتدور مفاوضات لإخراج أقل من 160 مقاتلا ممن تبقوا داخلها.

كما جرى تعليق الهدنة الموقعة بين الفصائل المعارضة في مضايا والنظام، وإجبار النازحين من أهالي الزبداني ومضايا وبقين في دمشق وريفها، بالإضافة إلى عدد من النازحين من الغوطة الشرقية، على التوجه إلى مضايا، ليصل العدد الإجمالي داخلها إلى نحو 40 ألف شخص، معظمهم أطفال ونساء، في حين لا يزيد عدد المحاصرين في كفريا والفوعة عن 12 ألف شخص.

وأفادت مصادر مطلعة من المعارضة في مضايا، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن "عدم تناسب أعداد المحاصرين، وتوفر جسر جوي لكفريا والفوعة، في حين مضايا وبقين والزبداني محاصرة بالكامل عبر عشرات الحواجز وطوق من الألغام الأرضية، وفي ظل عدم انتظام للمساعدات الإنسانية، تسبب في موت العشرات جوعا، بينهم أطفال وكبار في السن، كما انتشرت العديد من الأمراض، مثل التهاب السحايا والقصور الكلوي، إضافة إلى مئات الحالات الإنسانية التي تنتظر إخراجها من الحصار لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، بسبب عدم توفر حالات صحية في كفريا والفوعة ليتم إخراجها بالمقابل".

ورأت المصادر ذاتها أن "حصار كفريا والفوعة من قبل جيش الفتح لم يحقق الأهداف التي تم سابقا الحديث عنها، إذ سمح لإيران بالمتاجرة بحصارهما لفرض شروطها على مناطق أخرى، كما حدث مع اتفاق حلب ومحاولة تعطيل تهجير المحاصرين من شرق المدينة، حيث تشبثت بإخراج جرحى وحالات صحية من البلدتين، رغم وجود إمكانية لإخراجهم مقابل حالات إنسانية من مضايا، والتي يتاجر حزب الله بحياة أصحابها، إن عبر القنص المتواصل، أو بيع المحاصرين داخلها كميات قليلة من المواد الغذائية بمبالغ كبيرة".