ويأتي ما كشفه المصدر، بعدما طالبت البعثة الأممية إلى ليبيا، أمس الأحد، حكومة الوفاق الليبية، بفتح تحقيق مع المجموعات المسلحة المسيطرة في طرابلس، وفرض عقوبات عليها، على خلفية تدخلها في قرارات مؤسسات سيادية في العاصمة الليبية وتهديد مسؤوليها.
وبحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن بيان البعثة يقصد تحديداً مليشيات "كتائب ثوار طرابلس" التي يقودها التاجوري، والتي تربطها علاقة وطيدة ببعض المتنفذين داخل مؤسسة الاستثمار، المرتبطين بعلاقات وطيدة بمسؤولين مع دول عربية، وخصوصاً الإمارات.
وذكر المصدر أن هذه المليشيا مسؤولة أيضاً عن خطف وزير المواصلات التابع لـ"الوفاق"، ميلاد معتوق، في فبراير/شباط الماضي، وإجباره على إلغاء عقد مع شركة إيطالية ومنحه لشركة تابعة لـ"مصرف الطاقة الأول" الذي يديره محمد غانم، ابن رئيس وزراء ليبيا السابق في عهد معمر القذافي، شكري غانم، والمقيم في أبوظبي.
كما أكد المصدر أن المليشيا ذاتها هي التي خطفت مدير الشؤون المالية في المؤسسة، هيثم الهادي، لإجباره على تغيير قرارات واستبدالها بأخرى.
وأكد المصدر أن "كتائب ثوار طرابلس" تتألف من فصائل عديدة تختلف في ولائها بحسب مصالحها ومصادر تمويلها، لكن المعروف علاقتها بدولة الإمارات، ولقاء آمرها هيثم التاجوري بحفتر في دولة عربية العام الماضي".
جديرٌ بالذكر أخيراً أن "العربي الجديد" نشرت الأسبوع الماضي (بتاريخ 17 أغسطس/آب الحالي) خريطة انتشار المليشيات في طرابلس، والتي تركز على أربع مجموعات مسلحة كبيرة هي "قوة الردع الخاصة" و"قوة الدعم المركزي"، و"كتائب ثوار طرابلس" و"قوة النواصي".
وتجهدُ البعثة الأممية في ليبيا، مع دخول الأميركية ستيفاني وليامز، نائبة غسان سلامة، على خطّ الأزمة، في محاولة "ضبط الفوضى"، شرقاً وغرباً، وإن كان "التركيز الأميركي" الذي استجد في هذا البلد يميل لصالح ملف النفط تحديداً، والذي يبدو أن وليامز تتحرك من بوابته، في مسعاها أخيراً للضغط على "حكومة الوفاق" لـ"معاقبة" مليشيات طرابلس.
وجاءت مطالبة البعثة بمعاقبة مليشيات طرابلس، بعد لقاء نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا للشؤون السياسية، ستيفاني وليامز، رئيس "مؤسسة ليبيا للاستثمار بطرابلس"، علي محمود، يوم الجمعة الماضي، والذي أعلنت خلاله رفضها التهديد الذي يتعرض له مسؤولو المؤسسة من قبل زعماء مليشيات في طرابلس، ما اضطر المؤسسة إلى نقل مقرها إلى مكان جديد في العاصمة الليبية مطلع شهر أغسطس/آب الحالي.
ودانت البعثة بشدة، في بيان، "تدخل المليشيات وارتكاب الأعمال الإجرامية ضد المؤسسات السيادية التي تعمل من أجل مصلحة ليبيا وشعبها"، مطالبة حكومة الوفاق بـ"ضرورة مقاضاة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات المليشيات".
وشددت البعثة، على إمكانية عملها "مع جميع السلطات المختصة، للتحقيق في إمكانية فرض عقوبات ضد أولئك الذين يتدخلون أو يهددون العمليات التي تضطلع بها أي مؤسسة سيادية تعمل لصالح ليبيا"، مؤكدة أنها ستقدم تقريراً حول ذلك إلى مجلس الأمن الدولي.
وأشارت البعثة، في بيانها، إلى أن هذه المليشيات "تتبع اسمياً وزارة داخلية حكومة الوفاق، لكنها تستقل بقراراتها عنها".
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس قد أصدرت بياناً صحافياً، الأسبوع الماضي، أكدت فيه رفضها ممارسات المليشيات المسلحة في طرابلس، ومحاولة تلك المليشيات التدخل في عمل مؤسسة النفط الليبية.
وطالب مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، المجتمع الدولي والدول المجاورة بلعب دور أكبر لمساندة ليبيا، مجددا مطالبته جميع المؤسسات الليبية بالالتزام بمبدأ الشفافية والحوكمة الرشيدة، خصوصا في ما يتعلق بتوزيع إيرادات النفط.
يذكر أنها ليست المرة الأولى، التي تحذر فيها الأمم المتحدة، الداعمة حكومة الوفاق، من سيطرة المليشيات على طرابلس. وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت في إبريل/2017، تقريراً عن الأوضاع في ليبيا، في عهد المبعوث الأممي مارتن كوبلر، أكدت فيه أن العاصمة طرابلس تقع تحت سيطرة مليشيات مسلحة متعددة، يتبع جزء منها المجلس الرئاسي، ويبقى جزء آخر معادياً له.
وبحسب تقرير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة، في أغسطس/آب الماضي، فإن مليشيات متحكمة في العاصمة طرابلس تستهدف مؤسسات سيادية ليبية، هي "مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار والوطنية للنفط"، مؤكداً تحكم هذه المليشيات في قرارات هذه المؤسسات، وأن استمرارها "سيشكل تهديداً حقيقياً للوضع الأمني في العاصمة".