تظاهرة "بيغيدا" محظورة في فرنسا... والحركة تتوعّد بتحدّي المنع

06 فبراير 2016
تصرّ الحركات اليمنية المتطرفة على التظاهر(كارستن كول/Getty)
+ الخط -
قرّر وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف منع تظاهرة حركة "بيغيدا" في مدينة كاليه شمال فرنسا، التي كان مقرراً أن تُنظَّم اليوم من ضمن اليوم الأوروبي العنصري الطويل ضد المسلمين، عبر تظاهرات في 14 مدينة أوروبية للحركة. قرار وزير الداخلية في الحظر يعود لأن التظاهرة "تشكل تهديداً للأمن العام، وقد تنتج عنها أحداث عنف بين مجموعات اليمين المتطرف واليسار الراديكالي".

وعلى الرغم من قرار المنع، أعلن رئيس الفرع الفرنسي لـ"الحركة"، لويك بيرديريال أنّ أنصاره سيتحدّون القرار ويتظاهرون في كاليه. وادّعى أن حركته "تناضل بالأساس ضد أسلمة فرنسا، لكن تظاهرتنا في كاليه هي للتنديد بغزو اللاجئين والمهاجرين، لأنّ سكان هذه المدينة يعانون يومياً من الاعتداءات والمضايقات. الأوضاع تتفاقم يوماً بعد آخر، الكل يجمع على أنّ هناك غضباً شعبياً عارماً تجاه السلطات التي تحمي هؤلاء المهاجرين".

وحذّر رئيس الحركة العنصرية، من أنّ "الأمور ستنفجر قريباً إذا لم تتحرك السلطات لإبعاد هؤلاء المهاجرين وتخليص المدينة منهم". وقال بيرديريال إنّ "حركة بيغيدا ضرورية في فرنسا والنضال ضد أسلمة المجتمع الفرنسي قضية مركزية، ونحن نرى أن المساجد تنبت كالفطر في فرنسا وبتمويل وتشجيع من الدولة".

وتحاول حركة "بيغيدا" الفرنسية استغلال قضية اللاجئين في كاليه للترويج لأفكارها وتوسيع قاعدتها، خصوصاً أنّ مشكلة اللاجئين والمهاجرين تفاقمت في كاليه، وأصبحت الهاجس الأكبر لدى السكان الذين يتذمرون من المخيمات العشوائية لآلاف اللاجئين الذين يرابطون في المدينة ونواحيها بانتظار فرصة للتسلل إلى الأراضي البريطانية. إلّا أن تشديد الإجراءات الأمنية من طرف الشرطتَين الفرنسية والبريطانية في ميناء المدينة ونفق قطار "يووستار" الذي يربط فرنسا ببريطانيا، جعل من حلم العبور إلى الضفة البريطانية أمراً مستحيلاً. وتحوّلت الإقامة المؤقتة لهؤلاء إلى دائمة في مخيم عشوائي أطلق عليه اسم "غابة كاليه" يضم نحو 6 آلاف شخص من بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال من مختلف الجنسيات. ويفتقد هذا المخيم إلى المرافق الصحية، وتنتشر فيه الأمراض، والمخدرات، وأعمال العنف، والابتزاز التي تمارسها عصابات التهريب.    

وكان الفرع الفرنسي لحركة "بيغيدا" الذي انتعشت صفوفه بسبب قضية اللاجئين واعتداءات باريس الإرهابية في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني، تأسس في يناير/كانون الثاني 2015 على يد الكاتب رونو كامو وحفنة من الجمعيات التي تدور في فلك اليمين المتطرف. ومن أبرز هذه الجمعيات؛ "التكتل الهوياتي"، و"المقاومة الشعبية"، فضلاً عن شخصيات عدة مقربة من حزب "الجبهة الوطنية" التي تتزعمها مارين لوبان. وتم الإعلان عن ميلاد "الحركة" في مؤتمر صحافي حضره ممثلون عن "بيغيدا" الألمانية والبريطانية.

اقرأ أيضاً: فرنسا تمنع تظاهرات "بيغيدا" ضد اللاجئين..والصحافة تكشف التفاصيل

ويعتبر رونو كامو أحد المنظّرين البارزين للفكر اليميني المتطرف. هو صاحب نظرية "الاستبدال الكبير"، التي تقوم على فكرة أنّ المجتمع الفرنسي يعاني من عملية أسلمة منظمة، وأنّ الإسلام سيحل مكان الديانة المسيحية التي ستتحول إلى أقلية بفعل تزايد أعداد المسلمين وتسارع وتيرة نموّهم الديمغرافي. ويرى كامو، أن الدولة الفرنسية والإعلام وقطاع التربية والتعليم يساهمون في كسر الهوية الفرنسية المسيحية عبر تشجيع التنوع الثقافي والعرقي. ويلخص هذا الكاتب فكرته بجملته الشهيرة: إنّ "الشعب الذي يعرف جذوره لا يستسلم من دون أن يثور، وإلا سيجد نفسه في مزابل التاريخ".

وتنتشر نظرية "الاستبدال الكبير" بقوة في صفوف أنصار حزب "الجبهة الوطنية"، والعديد من جمعيات اليمين المتطرف والحركات العنصرية الهامشية. ولاقت أفكار كامو، رواجاً كبيراً في العقد الأخير. وأصبح له مؤيدون في الأوساط الأدبية والإعلامية مثل الكاتب ميشيل ويلبيك الذي استلهم نظرية "الاستبدال الكبير" في روايته الأخيرة "استسلام" والتي يتخيل فيها فرنسا في المستقبل القريب محكومة من طرف رئيس مسلم يطبّق فيها الشريعة الإسلامية.   

وكان كامو (69 عاماً) فجر فضيحة مدوية عام 2000، حين انتقد الحضور اليهودي الطاغي في المؤسسات الإعلامية الفرنسية خصوصاً في إذاعة "فرانس كولتور" الثقافية. واعتبر أن اليهود ممثلون بشكل مبالغ فيه، في حين أنّهم أقلية في المجتمع. وتعرّض حينها لحملة كبيرة في الإعلام بتهمة "العنصرية تجاه اليهود". لكن كامو، عدل عن انتقاداته لليهود وركّز على الإسلام والمسلمين.

ونجح في استمالة العديد من المثقفين والإعلاميين اليهود الذين يتفقون معه في معاداة الإسلام، ومن بين هؤلاء؛ المفكر آلان فيلكينكروت الذي دخل، أخيراً إلى الأكاديمية الفرنسية والمعروف بتصريحاته الإعلامية ضد العرب والمسلمين والمهاجرين بشكل عام. ومن هؤلاء أيضاً، الصحافي المثير للجدل، ايريك زمور الذي جعل من معاداة الإسلام والمهاجرين قضيته الأساسية في المشهد الإعلامي الفرنسي. عام 2002، أسس كامو حزباً صغيراً سمّاه "البراءة". وعام 2012، رشّح نفسه للانتخابات الرئاسية الفرنسية، لكنه لم يتمكن من جمع العدد الكافي من التوقيعات والدعم من النواب والمنتخَبين، فدعا للتصويت لمرشحة حزب "الجبهة الوطنية"، مارين لوبان التي فشلت بدورها.

اقرأ أيضاً: اليمين المتطرف الأوروبي يتربص باللاجئين

المساهمون