ما حقيقة الموقف الأميركي من حرب حفتر على طرابلس؟

27 ابريل 2019
"حفتر أمام امتحانه الأخير والعالم ينتظر النتيجة" (Getty)
+ الخط -
بعد أكثر من أسبوع على إعلان البيت الأبيض عن محادثة هاتفية أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع قائد قوات شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، حسمت واشنطن الجدل بشأن موقفها من الحملة العسكرية التي أطلقها الأخير، على العاصمة طرابلس.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية ترايش كانديس، إنّ "الهدف الأساسي بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية في ليبيا، هو القضاء على المجموعات الإرهابية من أجل تمكين الليبيين من بلورة رؤية سياسية لبناء دولة ديمقراطية".

وأضافت، في تصريح لقناة "الحرة" الأميركية، أنّ قوات بلادها "ستدعم أي طرف ليبي يسهم في تحقيق هذا الهدف، ويشارك في إيجاد حل سياسي طويل الأمد" مؤكدة أنّ "هذا ما ترعاه حالياً وزارة الخارجية الأميركية".

وفي سؤال للقناة عن العمليات الجارية حول العاصمة طرابلس، رفضت المتحدثة الأميركية الرد على السؤال، لكنّها قالت إنّ واشنطن "تدعم أي جهة تساهم في القضاء على الإرهاب".

وأعلن حفتر، في 4 إبريل/نيسان الحالي، إطلاق عملية عسكرية لاقتحام العاصمة طرابلس، بينما ردّت حكومة "الوفاق" التي يرأسها فايز السراج، والمعترف بها دولياً، بإطلاق عملية "بركان الغضب"، لوقف أي اعتداء على العاصمة.

وجاءت عملية حفتر قبل أيام من انطلاق مؤتمر الملتقى الوطني الجامع بمدينة غدامس، جنوب غربي ليبيا، والذي كان مقرراً، بين 14 و16 إبريل/نيسان الحالي، تحت رعاية الأمم المتحدة، بهدف حل الأزمة الليبية وإطلاق العملية السياسية، وتم تأجيله إلى أجل غير مسمى.

ويرى خبراء ليبيون أنّ الموقف الأميركي لا يراهن على أي طرف ليبي بالتحديد، كما هو واضح من بيان البيت الأبيض، وتصريح كانديس.

ويشير المحلل السياسي الليبي الجيلاني أزهمية، في حديث مع "العربي الجديد"، اليوم السبت، إلى أنّ "هجوم حفتر المباغت على العاصمة، أوقع كل المهتمين بالشأن الليبي في حرج وارتباك، في وقت كان العالم قد حوّل أنظاره إلى غدامس وملتقى الليبيين الجامع".

ورجّح أزهمية أنّ "أغلب الفاعلين الدوليين، تركوا الحبل على الغارب، وراهنوا على كلمة الميدان بين حفتر وقوات السراج"، قائلاً: "هذا ليس الموقف الأميركي فقط، بل مواقف أغلب الدول الكبرى وتترجمها التصريحات الأميركية، فالقضايا الأساسية هي ما تعني تلك الدول بتفاوت مصالحها واهتمامها بالشأن الليبي؛ مثل ملف الإرهاب المهم لأميركا، والهجرة المهم للأوروبيين".

وتابع أزهمية أنّ "إعلام الدول الموالية لحفتر كالسعودية والإمارات، حاول النفخ بشكل كبير في اتصال ترامب بحفتر، ولكن السؤال الأبرز، وبعد مرور أكثر من أسبوع على الاتصال، هل كان فيه تصريح بدعم مباشر لحفتر أو ضوء أخضر لحسم الأمر بشكل أسرع؟"، مضيفاً: "أعتقد أنّ الاتصال لم يحمل أي تأييد، وأقصى ما فيه أنّه إشارة إلى قول العالم لحفتر: الساحة لك ما دمت مصرّاً على الحل العسكري، وسنرى ماذا ستفعل".

ورجّح أنّ "الاتصال الأميركي حجة على حفتر، وقد أوقعه في حرج كبير أكثر مما قدّم له دعماً، فماذا ستكون النتيجة الآن، وقد شارف على خسارة المعركة؟".


وقبيل إعلان البيت الأبيض عن اتصال ترامب بحفتر، طالب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قوات حفتر بالرجوع إلى مواقعها، وقال إنّ "الولايات المتحدة الأميركية تعارض أي هجوم عسكري تشنّه قوات اللواء حفتر، وتحثّه على الوقف الفوري لهذه العمليات العسكرية ضد العاصمة الليبية طرابلس".

وفي التفاصيل، قال وزير الدفاع الأميركي المكلّف بالنيابة باتريك شاناهان، تعليقاً على اتصال ترامب بحفتر، إنّ "واشنطن تؤيّد دعم خليفة حفتر، في دوره في ما يتعلّق بمكافحة الإرهاب"، مستدركاً في الوقت عينه بالقول: "ولكننا نحتاج أيضاً إلى دعم حفتر في بناء الاستقرار الديمقراطي في المنطقة"، في إشارة إلى عدم موافقة واشنطن على الحل العسكري الذي يسعى إليه.

وتعلّق الصحافية الليبية نجاح الترهوني، على الموقف الأميركي، بالقول لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت: "حفتر لا يلعب سياسة ولا يعرف سوى لغة السلاح، وداعموه سواء في فرنسا أو غيرها لا أعتقد أنّهم يراهنون عليه بالكامل، فباريس حتى الآن تشدد على علاقتها المتينة بحكومة السراج، وكونها الحكومة الشرعية".

وتتفق الترهوني مع أزهمية، في أنّ حفتر "بات أمام امتحانه الأخير، والعالم ينتظر النتيجة، فإما يحسم المعركة ليؤكد مزاعمه، وإما أن يحصل العكس"، مضيفة أنّ "ترك المجال أمام حفتر لم يكن هو موقف البيت الأبيض فقط، فحتى إيطاليا المقرّبة من حكومة الوفاق، أكدت حيادها وفضّلت أن تقف متفرّجة"، في إشارة إلى تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، أمس الجمعة، بأنّ حكومته "لا تدعم حفتر ولا السراج".

وتوقّفت الترهوني عند تغيّر شكل المواقف الدولية، نتيجة تغيّر شكل الميدان بين قوات حكومة "الوفاق" وقوات حفتر، موضحة في هذا الإطار أنّه "في البداية كان هناك حديث متزايد عن وجود دعم فرنسي، لكن هناك ما يشير إلى تراجع هذا الدعم، وانسحاب باريس من الساحة، بعد انكسار قوات حفتر"، مشيرة إلى أنّ "إعلان السلطات التونسية عن توقيف 12 فرنسياً على أراضيها، كانوا في طريق العودة من الغرب الليبي، دليل على الانسحاب الفرنسي من صفوف حفتر".


وبعدما أطلقت قوات حكومة "الوفاق" عملية "بركان الغضب"، بمشاركة المجموعات المسلحة الموالية لها في غرب ليبيا، لصدّ هجوم حفتر على طرابلس، اضطرت قوات الأخير إلى التراجع لمسافات طويلة، بينما تمكّنت قوات الحكومة من إحكام سيطرتها على القطاع الجنوبي للعاصمة، والتقدّم باتجاه مدينة غريان؛ المركز الرئيس لقوات حفتر في الغرب الليبي.

ورأت الترهوني أنّ "قوات حفتر تنتحر الآن على أسوار طرابلس، بينما ترامب أراد أن يقول له بالحرف الواحد، إنّ ما يهمنا هو مكافحة الإرهاب والنفط فقط"، معتبرة أنّ "موقف ترامب والموقف الأميركي عموماً من خلال تصريحات بومبيو وكانديس، يؤكدان أنّ طموح حفتر في الحكم العسكري مستحيل".

وقالت إنّ "الجانب الأميركي عندما يشدد على ضرورة صنع دولة ديمقراطية في ليبيا، تعليقاً على ما يحدث في البلاد، يعني ضمنياً رفض حكم العسكر، غير أنّ هذه الرسالة الضمنية قد لا يفهمها رجل ذو تفكير عسكري مثل حفتر"، معتبرة أنّ "حفتر، في كلتا الحالتين، يسعى وراء وهم، ولن يوافقه أي طرف دولي على إعادة حكم العسكر إلى ليبيا".