الكاظمي أمام تحدي الملفات المستعجلة بحكومة غير مكتملة

بغداد

زيد سالم

avata
زيد سالم
بغداد

محمد علي

avata
محمد علي
08 مايو 2020
8DBFDC2B-763A-40D2-9A12-19D62E7A29F1
+ الخط -

بعد فراغ دستوري وأزمة سياسية صعبة استمرت لأكثر من خمسة أشهر، صوّت البرلمان العراقي، في ساعة متأخرة من ليل أمس الأول الأربعاء، على حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لتكون سابع الحكومات بعد عام 2003، والتي سيتعيّن عليها التعامل مع ملفات أمنية وسياسية واقتصادية وصحية تضع العراق، بحسب مراقبين، على مفترق طرق خطير.

وبعد تصويت البرلمان بأغلبية بسيطة على برنامج حكومة الكاظمي، منح الثقة لخمسة عشر وزيراً من أعضاء حكومته، ورفض خمسة آخرين، وتم تأجيل التصويت على وزارتين، لتكون بذلك حكومة الكاظمي، وفقاً للدستور العراقي، قد نالت الثقة، على أن يتولى إكمال تقديم باقي الوزارات في غضون شهر واحد، وفقاً لمصادر سياسية عراقية، قالت إن اتفاقاً جرى، قبيل قرع جرس جلسة البرلمان الطارئة، بين الكاظمي وممثلين عن الكتل السياسية، تعهد بأنه سيكمل حكومته خلال شهر من تاريخ منحها الثقة، وخلال ذلك سيتولى هو إدارة الوزارات الشاغرة.

وجرت طريقة التصويت بشكل منفرد لكل مرشح. ونال جمعة عناد، الذي يشغل منصب قائد القوات البرية، ثقة البرلمان لوزارة الدفاع. كما تم منح الثقة لرئيس أركان الجيش الفريق عثمان الغانمي وزيراً للداخلية. وتم التصويت على وزارات التعليم العالي، والتخطيط، والصحة، والمالية، والإسكان، والكهرباء، والنقل، والعمل، والصناعة، والرياضة، والاتصالات، والموارد المالية، والتربية. وبينما لم يحصل مرشحو وزارات التجارة والثقافة والهجرة والزراعة والعدل على ثقة البرلمان، على الأصوات الكافية، فقد تم الاتفاق على تأجيل التصويت على وزارتي الخارجية والنفط لوجود خلافات حادة بين الكتل الكردية والعربية الشيعية بشأنها، مع استمرار مطالبة القوى السنّية باستحداث منصب نائب رئيس الوزراء ليكون من حصتها.

ومن المنتظر أن يتم، اليوم الجمعة، في مبنى مجلس الوزراء في بغداد عملية تسليم وتسلم رسمية، بين رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، الذي تلاحقه دعوات ناشطين وحقوقيين بالمحاكمة عن جرائم قتل المتظاهرين والفساد، ورئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي. التشكيلة الحكومية التي تم تغييرها ثلاث مرات من قبل الكاظمي لتتوافق مع شروط وإملاءات الكتل السياسية المختلفة، تشهد للمرة الأولى منذ عام 2003 وجود ضابطين رفيعي المستوى في الجيش على رأس أهم وزارتين، هما الداخلية والدفاع، فضلاً عن ثلاثة أساتذة جامعيين، أبرزهم وزير التخطيط خالد بتال الذي كان يشغل منصب رئيس جامعة الأنبار في الفترة الماضية، والأستاذ في جامعة برنستون الأميركية علي علاوي وزيراً للمالية، مع وجود وزراء آخرين نالوا الثقة وشغلوا مناصب إدارية في نفس وزاراتهم.

وفي أول تعليق له بعد تسلّمه منصب رئاسة الحكومة، أكد الكاظمي أنه سيعمل على استعادة ثقة المواطنين. وقال الكاظمي، في تغريدة له على موقع "تويتر"، "اليوم (أمس) منحَ مجلس النواب الموقّر ثقته لحكومتي، وسأعمل بمعيّة الفريق الوزاري الكريم بشكل حثيث على كسب ثقة ودعم شعبنا. امتناني لكل من دعمنا، وأملي أن تتكاتف القوى السياسية جميعاً لمواجهة التحديات الصعبة. ‏سيادة العراق وأمنه واستقراره وازدهاره مسارنا".


عضو بارز في البرلمان عن تحالف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، قال، لـ"العربي الجديد"، إن الكاظمي سيتولى مؤقتاً إدارة الوزارات الشاغرة، وعددها سبع، وأبرزها الخارجية والنفط والعدل والتجارة. وأوضح أنه تم الاتفاق أن ينهي ملف تسمية مرشحين لتلك الوزارات، وتقديمها إلى البرلمان للتصويت عليها في غضون شهر واحد، وسيجري الكاظمي مباحثات شبيهة بمباحثاته الأخيرة مع الكتل السياسية للاتفاق على مرشحي تلك الوزارات، كاشفاً عن أن هناك إصرارا من الكتل الكردية للحصول على وزارة الخارجية أو النفط، بعد منح وزارة المالية للمكون الشيعي، مرجحاً أن يتم حسم ملف تلك الوزارات بعد عطلة عيد الفطر، ما يعني أن حسم ملف إكمال الحكومة سيكون حتى مطلع الشهر المقبل.

وفي أول رد فعل أميركي داعم لحكومة الكاظمي، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير مايك بومبيو أبلغ الكاظمي، خلال اتصال هاتفي معه عقب منحه الثقة، أن الولايات المتحدة ستعطي العراق استثناء لمدة 120 يوماً لمواصلة استيراد الكهرباء من إيران لمساعدة الحكومة الجديدة على النجاح. وهذا هو أطول استثناء يحصل عليه العراق منذ مطلع العام الحالي، إذ تم منح استثناءين بواقع 30 يوماً لكل منهما. إلى ذلك، بارك وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، للكاظمي وحكومته ومجلس النواب (البرلمان) والشعب العراقي، النجاح في تشكيل حكومة جديدة. وأضاف ظريف، في تغريدة على "تويتر"، أن بلاده "تقف دائماً مع الشعب العراقي وخياره في تحديد من يدير البلاد".

النائب عن تحالف "القوى العراقية"، يحيى المحمدي، أكد أن "الحوارات السياسية التي خاضتها الكيانات والأحزاب فيما بينها من جهة، ومع رئيس الوزراء قبل منحه الثقة من جهة ثانية، لم تكن كلها مثمرة، وقد تخللتها كثير من المشاكل، أدت في النهاية إلى تمرير حكومة غير مكتملة". وبيّن، لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة لا بد أن تكون كاملة الصلاحيات من أجل إتمام جميع مهامها، وهي بحاجة إلى الاكتمال في أسرع وقت ممكن من أجل تنفيذ البرنامج الحكومي الذي طرحه الكاظمي. ومن غير اكتمالها قد نشهد تعسراً في بعض الملفات التي ينتظرها العراقيون، ولا سيما المتظاهرين". ولفت إلى أن "ما تبقّى من وزارات لم تُمنح الثقة قد يحسم أمرها خلال الأيام المقبلة، وربما في مدة لا تتجاوز الشهر الواحد، بعد الاتفاق بين الكتل السياسية، والتركيز على أهمية الكفاءة واعتماد شروط النزاهة والتخصص في المجالات، وهذا ما اتفقت على تحقيقه جميع الكيانات المشتركة في العملية السياسية".

أما عضو مجلس النواب عن تحالف "الفتح"، عامر الفايز، فقال، لـ"العربي الجديد"، إن "ما تبقى من الوزارات التي لم تُمنح الثقة من قبل مجلس الوزراء كلها مهمة، وتحتاج إلى جولة عاجلة من المباحثات بين الكتل السياسية للتوصل إلى حلول بشأنها"، مشيراً إلى أن "بعض الكيانات كانت مصرة على طريقة المحاصصة الحزبية، وألحّت لتوزير أسماء محددة، وهو ما تسبب في عدم الاتفاق". وأضاف أن "مهمة الكاظمي صعبة، ومن الصعب تسيير الأمور من دون حكومة كاملة". وحول إن كان الكاظمي سيمضي باتجاه إدارة الوزارات الشاغرة بالوكالة، أشار الفايز إلى أن "هذا الأمر غير متوفر حالياً، لأن المتظاهرين لن يرضوا بهذه الطريقة التي عمل بها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي".

وقال الخبير بالشأن السياسي العراقي، هشام الهاشمي، إن الحكومة الجديدة تنتظرها تحديات ضخمة عليها التعامل معها بنفس مستوى الأهمية. وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، "نتحدث عن الأزمة الصحية ومكافحة فيروس كورونا، وحصر السلاح السائب وتفكيك سطوته، والتصدي لعودة تنظيم داعش، والعلاقة مع الولايات المتحدة والانسحاب الأميركي من العراق، وقروض صندوق النقد الدولي، وعودة الاحتجاجات الشعبية ومحاسبة قتلة المتظاهرين، والانتخابات المبكرة، والموازنة المالية لهذا العام، والأزمة المالية بعد انهيار أسعار النفط. عدا عن ملف تأمين مرتبات المتقاعدين والموظفين، وغيرها من ملفات لا يمكن اعتبارها سوى تحديات ضخمة تنتظر الحكومة".

في المقابل، تحدث أحمد السراي، وهو أحد أعضاء التيار المدني العراقي، عما يصفه بحكومة الأزمة التي يجب مساعدتها حتى ينجوا الجميع من نتائج أكثر كارثية على العراق. وأضاف السراي، لـ"العربي الجديد"، أن "الكاظمي ينتظره سياسياً تصحيح ما أفسده عبد المهدي في الموازنة بالعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، ومنع أي تصعيد ثان على الساحة العراقية بين الجانبين، ووقف تغول المليشيات وابتلاعها مفهوم الدولة المنشود، تليها ملفات الأزمة المالية التي سيضطر الكاظمي لإعلان حالة التقشف القاسية بحال استمرت أسعار النفط على هذا النحو، فضلاً عن موضوع جائحة كورونا وملف التظاهرات، والإعداد للانتخابات". واعتبر أن "هذه الملفات كثيرة عليه وصعبة، لكن في الوقت نفسه إن استطاع تمرير العراق من عنق الزجاجة ومنع تردي الأوضاع أكثر فستحسب له، لأنه استلم العراق من سلفه عبد المهدي بوضع مزري من كل النواحي".

ذات صلة

الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.
المساهمون