الجهود الكويتية لتهدئة التوتر: قطر مستعدة لتفهم "هواجس الأشقاء"

12 يونيو 2017
وزير الخارجية الكويتي: الحل في إطار البيت الخليجي(فرانس برس)
+ الخط -
أحبطت دولة الكويت، من خلال تصريحات وزير الخارجية، الشيخ صباح خالد الصباح، يوم الأحد، والتي أكد فيها مواصلة الوساطة التي بدأها الشيخ صباح الأحمد الصباح الخاصة بالحملة ضد قطر، آمال عواصم محور الحملة، تحديداً الرياض وأبوظبي بعدما صدرت مواقف عن مسؤولين في هاتين العاصمتين تنعى محاولة الكويت تهدئة التوتر، واكبتها وسائل إعلام محسوبة على هذا المحور حذت حذو التصريحات الرسمية في هذا المجال. وبينما أعلن رئيس الدبلوماسية الكويتي استعداد الدوحة لتفهم "هواجس أشقائها"، وسّع وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون من هامش تمايزه عن موقف الرئيس دونالد ترامب حيال الأزمة الخليجية التي تتبنى رواية الرياض وأبو ظبي. حتى بدا وكأن هناك تنسيقاً روسيا ــ أميركياً حول ما يمكن فعله إزاء ملف الحملة ضد قطر، وهو ما ظهر في اتصال هاتفي بين تيلرسون ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في وقت متأخر من ليل السبت، تلته اتصالات أجراها تيلرسون نفسه مع كل من نظيره التركي مولود جاووش أوغلو، وولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لتوحي الصورة وكأن هناك جهوداً أميركية ــ روسية مكملة للوساطة الكويتية أو مساعدة لها. على صعيد متصل، تنفس الآلاف من المواطنين الخليجيين الصعداء بعدما حلّت كارثة اجتماعية كبيرة بحق عدد كبير من الأسر التي تربطها علاقات زواج بين مواطنين من قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة ثانية، إثر القرارات الصادرة عن هذه الدول الثلاث والتي تتسبب بقطيعة عائلية بين المتزاوجين من هذه الدول الأربعة. وتأخر قرار إعفاء الرياض ــ أبو ظبي ــ المنامة الأسر المتزاوجة من قرارات مقاطعة قطر اجتماعياً حتى، بينما كانت الدوحة قد رحّبت، منذ اليوم الأول للحملة، أي الاثنين، ببقاء من يشاء من المواطنين الخليجيين مقيماً على أراضيها.

تفهم قطري
وأدلى وزير الخارجية الكويتي بأولى التصريحات المتصلة بالحملة على قطر وبالاتصالات الكويتية الجارية في إطار وساطة أمير البلاد. وقال الشيخ صباح خالد الصباح إن دولة قطر مستعدة لـ"تفهم هواجس أشقائها، والتجاوب مع مساعي تعزيز الأمن والاستقرار". ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) تصريحات الوزير الكويتي، التي شدد فيها على "حتمية" حل الخلاف بين الدول الخليجية من خلال الحوار المباشر "في إطار البيت الخليجي". ولم يشر الوزير إلى مصر، الدولة الرابعة التي أعلنت في بيان، الاثنين الماضي، قطع علاقاتها مع قطر. وأكد الصباح أن بلاده لن تتخلى عن مساعيها في سبيل رأب الصدع، مشيراً إلى "استعداد الأشقاء في قطر لتفهم حقيقة هواجس ومشاغل أشقائهم والتجاوب مع المساعي السامية تعزيزاً للأمن والاستقرار". وتعد هذه أولى التصريحات التي تخرج من الكويت التي يقود أميرها وساطة لحل الأزمة. وأعرب "الصباح" "عن تقدير دولة الكويت البالغ لكافة الدول التي أجمعت على دعم جهود دولة الكويت في هذا السياق". وشدد على أن دولة الكويت "لن تتخلى عن مساعيها وستواصل جهودها الخيرة في سبيل رأب الصدع وإيجاد حل يحقق المعالجة الجذرية لأسباب الخلاف والتوتر في العلاقات الأخوية". وأوضح أنه انطلاقا من حرص أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح على الحفاظ على هذه العلاقة الأخوية قوية ومتماسكة، فقد قام بزيارة إلى كل من السعودية والإمارات وقطر وبحث مع الأشقاء السبل الكفيلة بمعالجة هذا التوتر والخلاف والسعي لاحتوائه. ولفت الوزير الكويتي إلى تطلعه إلى أن "يتحقق للمساعي الخيرة لأمير البلاد إلى توافق لتهدئة الموقف ومعالجة جذرية لأسباب الخلاف والتوتر في العلاقات الأخوية".

وتعد هذه التصريحات ثاني بادرة إيجابية في غضون ساعات على طريق ضبط الأزمة، بعدما وجه قادة السعودية والبحرين والإمارات صباح الأحد، "بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة" بين الدول الثلاث وقطر وإعفاء المتزاوجين من قطريين وخليجيين من أوامر مغادرة الأراضي القطرية أو العكس. في هذا الوقت، كان تيلرسون ولافروف يصدران بياناً مشتركاً بشأن مباحثاتهما ليل السبت حول الملف الخليجي، وأكدا "الحاجة إلى حل الخلافات عبر المفاوضات"، كما أعربا عن "استعدادهما للمساهمة في هذه الجهود". وكان لافروف قد عرض يوم الجمعة خلال لقائه نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في موسكو، توسط بلاده في الأزمة، وهو ما سبق أن عرضه أيضاً تيلرسون. كما بحث ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هاتفيًّا، مع تيلرسون، تطورات الموضوع الخليجي. وسبق أن دعا وزير الخارجية الأميركي، يوم الجمعة الماضي، كلاً من السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، إلى تخفيف الحصار عن قطر، كون هذا "الحصار يعيق الجهود العسكرية للولايات المتحدة وحربها ضد تنظيم داعش وله تداعيات إنسانية غير مرغوبة".


إعفاء الأسر المتزاوجة
على الصعيد الاجتماعي الناتج عن الحملة ضد قطر، وجه قادة السعودية والبحرين والإمارات بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة بين الدول الثلاث وقطر، بعدما كانوا دعوا القطريين لمغادرة أراضيهم ومواطنيهم لمغادرة الدوحة في غضون 14 يومًا بدءاً من يوم الاثنين 5 يونيو/حزيران الحالي. وأتى هذا التوجيه بعد تزايد الانتقادات الحقوقية للقرار "الذي ينتهك الحق في الحياة الأسرية ويشتت شمل الأسر، حيث شمل القرار حالات أن يكون الزوج قطريا والزوجة من إحدى الدول الثلاث أو العكس" بحسب منظمات حقوقية دولية مثل "العفو الدولية". ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية الأحد عن مصدر مسؤول قوله إنه "صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة السعودية القطرية تقديراً منه للشعب القطري الشقيق". بدورها قالت وكالة الأنباء البحرينية إنه "صدر أمر ملكي .. بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة البحرينية القطرية وذلك تقديرًا للشعب القطري الشقيق، والذي يمثل امتدادًا طبيعيًا وأصيلًا لإخوانه في مملكة البحرين". وفي الإمارات، نقلت وكالة الأنباء الإماراتية عن مصدر مسؤول قوله إن "الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وجه بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة الإماراتية والقطرية". وأعلنت وزارة الداخلية في كل دولة تخصيص هاتف لتلقي هذه الحالات واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها.


وقد وصفت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية ما يحدث جراء تلك القرارات بأنه عقاب جماعي وجريمة دولية. وأشارت أنها تلقت 700 شكوى وحالات أسرية مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة. وكانت منظمة العفو الدولية استنكرت يوم الجمعة التدابير "التعسفية" التي اتخذتها السعودية والإمارات والبحرين في أعقاب إعلان قطع العلاقات مع قطر الاثنين الماضي، ودعت لوقفها "فوراً". واعتبرت أن تلك الإجراءات "تتلاعب بحياة الآلاف (...) وتتسبب في تقسيم الأسر وتدمير سبل معيشة شعوب وتعليمها". كما دانت المنظمة الدولية "بشدة" تهديد الدول الثلاث بعقوبة قاسية للمنتقدين لهذه التدابير، معتبرة أن هذا يمثل "انتهاكا صارخا لحرية التعبير". وشددت منظمة العفو الدولية في بيانها بقوة "على وجوب احترام هذه الدول لحقوق الإنسان ووقف هذه التدابير التعسفية فورًا". ووفقًا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، يعيش أكثر من 11 ألف مواطن من البحرين والسعودية والإمارات في قطر. ويعيش العديد من القطريين أيضا في الدول الثلاث وقد يتأثرون جميعهم بهذه التدابير. وأعربت "العفو" عن "قلقها البالغ إزاء تأثير بعض هذه الخطوات على الحق في الحياة الأسرية والتعليم".

إمداد غذائي
في سياق متصل، قال مسؤولان إيرانيان إن طهران أرسلت أربع طائرات شحن محملة بالأغذية إلى قطر وإنها تخطط لتزويدها بمئة طن من الفواكه والخضر يومياً. وأجرت قطر محادثات مع إيران وتركيا لتأمين إمدادات من المياه والأغذية. ونقلت وكالة "فارس" للأنباء عن مدير عام العلاقات العامة في شركة الطيران الوطنية الإيرانية شاهرخ نوش آبادي قوله إنه "في أعقاب العقوبات على قطر، نقلت شركة إيران إير أغذية وخضرا لذاك البلد على أربع رحلات". بدورها، نقلت وكالة تسنيم للأنباء عن مدير منظمة الصناعات والأعمال والتجارة في إقليم فارس قوله الأحد إن أول طائرات تحمل الأغذية إلى قطر انطلقت من مدينة شيراز جنوب البلاد. وقال علي همتي "سنصدر يوميا 100 طن من الفاكهة والخضر إلى قطر". وأوضح رئيس رابطة مصدري الماشية في إيران أنهم صدروا 66 طنا من اللحوم إلى قطر في اليومين الماضيين. ونقلت وكالة فارس عن منصور بوريان قوله "سنرسل 90 طنا من اللحوم في الأسبوع المقبل.