الهجوم على مسجد "فينسبري" في لندن: امتداد لإرهاب اليمين المتطرف

لندن
avata
نواف التميمي
أستاذ مساعد في برنامج الصحافة بمعهد الدوحة للدراسات العليا منذ العام 2017. حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة غرب لندن في المملكة المتحدة. له ما يزيد عن 25 سنة من الخبرة المهنية والأكاديمية. يعمل حالياً على دراسات تتعلق بالإعلام وعلاقته بالمجال العام والمشاركة السياسية، وكذلك الأساليب والأدوات الجديدة في توجيه الرأي العام وهندسة الجمهور.
20 يونيو 2017
F55259CF-50EC-4F33-AB06-14D07675ED95
+ الخط -




لا يمكن فصل الاعتداء الإرهابي الذي تعرض له المصلّون لحظة خروجهم فجر يوم الإثنين من مسجد "فينسبري بارك"، شمال لندن، وأسفر عن مقتل شخص، وإصابة عدد آخر بجروح، عن سلسلة الاعتدادءات اليمينية التي تعرض لها هذا المسجد خلال السنوات الخمس الأخيرة.

ففي يوليو/تموز 2010، رمى يمينيون برأس خنزير على بوابة المسجد من الخارج. وفي يونيو/حزيران 2011، تعرض المسجد لاعتداء بطرد بريدي يحتوي "الجمرة الخبيثة" مرفقة برسالة معادية للإسلام وصور مسيئة لسيدات مسلمات، حسب ما نُشر آنذاك، مما أثار حالة من الفزع بين المصلين بعد إغلاق الشرطة المنطقة. كما كان المسجد وجهة للكثير من التظاهرات التي غالبًا ما ينظمها اليمين المتطرف ضدّ المسلمين.

ويبدو مسجد "فينسبري بارك"، هدفًا رئيسيًّا لعناصر اليمين المتطرف، أو للأشخاص الكارهين للمسلمين والمهاجرين، لا سيما أن المسجد كان حاضرًا في وسائل الإعلام البريطانية بشكل لافت، مع ارتباط اسمه باسم الداعية الإسلامي البريطاني من أصل مصري، أبو حمزة المصري، المُعتقل حاليًّا في الولايات المتحدة الأميركية، والذي كان إمامًا وداعية وخطيب جمعة في هذا المسجد منذ عام 1997.

ويؤكد الكاتبان شين أونيل، ودانيال ماكغروري، في كتابهما "مصنع الانتحار: أبو حمزة ومسجد فينسبري بارك"، الذي صدر في عام 2006، أن أبو حمزة المصري، وأبو قتادة الأردني، وعمر بكري فستق اللبناني، كانوا يستخدمون المسجد في عمليات استقطاب وتجنيد الشباب لإرسالهم إلى جبهات القتال في البوسنة والهرسك وأفغانستان والشيشان والعراق. وهو الأمر الذي أكدته وثائق "ويكيليكس" بالكشف عن أن مسجد "فينسبري بارك" كان بؤرة لغسل أدمغة الشباب المسلمين، وتحريضهم على الجهاد، بعد شحنهم بأشرطة مصورة تُظهر المجازر التي يرتكبها "الكفار" بحق المسلمين في البوسنة والشيشان.

وفي مطلع الألفية الجديدة، صارت وسائل الإعلام الغربية تشير إلى مسجد فينسبري بارك خاصة، والعاصمة البريطانية باسم "لندنستان"، حيث كان يحج لها "الجهاديون" والدعاة المتطرفون من كل بقاع العالم، بحسب تلك الوسائل.

وصار مسجد "فينسبري بارك" يُعرف في السنوات الأخيرة بـ"قبلة المتطرفين"، بعد أن صار يؤمه متطرفون إسلاميون من كل أنحاء أوروبا، ومن هؤلاء زكريا موسوي، أول شخص تتم إدانته في الولايات المتحدة في هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، وريتشارد ريد، "مفجر الحذاء"، الذي حاول إشعال فتيل مواد متفجرة على متن طائرة متجهة من باريس إلى ميامي في نهاية عام 2001، كما تقول وسائل الإعلام الغربية.

كما ورد اسم مسجد "فينسبري بارك" في قضية اغتيال زعيم تحالف الشمال في الحرب ضد حركة "طالبان" وتنظيم القاعدة في أفغانستان، أحمد شاه مسعود، في عام 2001، حيث كشفت التحقيقات أن طارق معروفي، الذي أدين في قتل مسعود، كان يقوم بزيارات متكررة إلى لندن، وأصبح من أتباع رجل الدين المتشدد أبو قتادة، في مسجد فينسبري بارك.

وتقول صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية إن عبد الحميد أباعود، العقل المُدبر لهجمات باريس، وجمال بقال، الفرنسي من أصل جزائري، ترددا على مسجد فينسبري بارك في لندن في أوائل عام 2000، وأصبحا من أتباع أبو قتادة ورجل الدين المتشدد أبو حمزة. وتشير التقديرات الأميركية إلى أن 35 شخصًا، على الأقل، من المحتجزين بمعتقل "غوانتنامو"، مروا في المسجد، حين كان لا يزال تحت إشراف أبو حمزة.

وفي مقابل ذلك، نقلت صحيفة "ذي غارديان" في نوفمبر/تشرين الثاني 2007 عن عملاء في جهاز "MI5" أن الأجهزة كانت تسمح لأبو حمزة بالنشاط في مسجد "فينسبري بارك"، شريطة عدم تعريض الأمن البريطاني للخطر. ونقلت الصحيفة عن عميل للمخابرات البريطانية، وعن مقربين منه، القول بأن "أبو حمزة كان مخبرًا بشكل غير مباشر" ينقل المعلومات عن المتطرفين الآخرين.

وبعد اعتقال إمام المسجد وخطيبه، أبو حمزة المصري في عام 2004، والحكم عليه لمدة 7 سنوات، تم تسليمه في عام 2012 للقضاء الأميركي حيث يحاكم في نيويورك في 11 قضية إرهاب، من بينها خطف 16 مواطنًا أوروبيًّا في اليمن في عام 1999.

وتسلم المنتدى الإيماني لبلدية آيسلينغتون وشركة Claiman إدارة مسجد "فينسبري بارك"، في محاولة لتحسين صورة المسجد وسمعته في الأوساط البريطانية، دون أن يمنع ذلك من تواصل الاعتداءات عليه، وصولًا إلى الهجوم الإرهابي أمس.




ذات صلة

الصورة
في مخيم جامعة شيفيلد 2 - بريطانيا - 17 مايو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يدخل المخيم الطلابي من أجل غزة في جامعة شيفيلد البريطانية أسبوعه الثالث، بالتزامن مع تصاعد حركة الاحتجاج ضدّ إدارة الجامعة بهدف وقف استثماراتها مع إسرائيل.
الصورة
يشاركان في المخيم نصرة لغزة (العربي الجديد)

مجتمع

يخجل طلاب جامعة كامبريدج من الدور الذي تقوم به مؤسستهم التربوية مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال الاستثمار وغير ذلك، ويطالبون بتعليق الشراكة في ظل استمرار الإبادة
الصورة
مخيم طالبي من أجل غزة في جامعة ليستر 1 - بريطانيا - 15 مايو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

في ذكرى النكبة السادسة والسبعين، أحيا الطلاب المعتصمون في جامعة ليستر البريطانية هذه المناسبة في الحرم الجامعي حيث يقيمون مخيّماً احتجاجياً نصرةً لغزة.
الصورة
متظاهرون في بريطانيا يتضامنون مع غزة برش مقر وزارة الدفاع بالطلاء الأحمر (العربي الجديد)

سياسة

استهدف ناشطون، الأربعاء، مبنى وزارة الدفاع في بريطانيا بالطلاء الأحمر، تنديداً باستمرار دعم حكومة بلادهم للإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.