كردستان العراق يطلق رحلة الاستفتاء... ومليشيا تهدد باجتياح كركوك

06 سبتمبر 2017
تحذيرات من أن يؤدي الاستفتاء لصراع قومي(صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

على وقع شعارات معادية للعرب وحرق للأعلام العراقية في مناطق متفرقة من إقليم كردستان العراق، أطلقت حكومة الإقليم رسمياً الحملة الدعائية الخاصة بالاستفتاء على الانفصال، وسط تصاعد موجة رفض دولية وإقليمية للخطوة. وتزامن ذلك مع تهديدات أطلقها زعماء مليشيات وسياسيون عراقيون من صدام مسلح، بعد إعلان مفوضية الاستفتاء الخاصة بالإقليم شمول العملية مناطقَ متنازعاً عليها، من بينها مدن عربية وتركمانية، وذلك من خلال إعلان المفوضية أن الاستفتاء المزمع إجراؤه يوم 25 من الشهر الحالي سيشمل كل المناطق التي تسيطر عليها قوات البشمركة.

وبدأت الحملة رسمياً، في الساعة الثامنة من صباح أمس الثلاثاء، من داخل القلعة الأثرية في أربيل، ويشارك فيها أحزاب وتجمّعات وحركات قومية عنصرية كردية مختلفة، في الوقت الذي بدت فيه مناطق سيطرة حزب "الاتحاد الكردستاني" الذي يتزعمه جلال الطالباني أقل تجاوباً أو تفاعلاً من باقي المناطق، مثل السليمانية وحلبجة وأجزاء من محافظة دهوك.
وقال عضو المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان، محمد أمين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحملة ستستمر حتى 22 من الشهر الحالي في عموم مدن الإقليم"، مشيراً إلى أنّ "الهدف هو حث المواطنين على المشاركة والذهاب إلى مراكز الاستفتاء للإدلاء بأصواتهم". وأضاف أنّ "الحملة ستشمل كل مناطق الإقليم، كما ستشمل كركوك والمناطق المتنازع عليها في عدد من المحافظات". وأشار إلى أنّ "مفوضية انتخابات كردستان أكدت استعداداتها الكاملة لإجراء الاستفتاء في موعده المقرر، وأنّ 5 ملايين ونصف المليون سيحق لهم التصويت في الاستفتاء".

في غضون ذلك، قالت مصادر محلية في محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، إنّ "عناصر البشمركة والأمن الكردي (الأسايش) دخلوا المناطق العربية (المسلمة والمسيحية) الموجودة تحت سيطرتهم، ووزعوا استمارات على مخاتير الأحياء السكنية وزعماء القبائل، تحتوي على طلب ضمّهم للاستفتاء وأجبروهم على توقيعها وذكر أسمائهم"، موضحة أنّ "الجميع وافق على التوقيع خوفاً من الاعتقال". وذكرت أنّ "مناطق المسيحيين العرب في سهل نينوى ومناطق في طوزخورماتو ومندلي وخانقين في صلاح الدين وديالى، شهدت، منذ صباح أمس الثلاثاء، تواجداً مكثّفاً للبشمركة الكردية".

مقابل ذلك، هدد القيادي في مليشيا "كتائب الإمام علي" المدعومة إيرانياً، أيوب الربيعي، باجتياح كركوك، واعتبار المناطق التي تسيطر عليها البشمركة خارج محافظات الإقليم الثلاث، محتلة في حال أقدم الأكراد على تنظيم الاستفتاء. وأوضح، في تصريحات بثتها محطة تلفزيون محلية، أن "فصائل الحشد لن تقف متفرجة على المناطق التي يسيطر عليها البشمركة خارج حدود إقليمهم المعروف".


ويرى مسؤولون عراقيون أن الاستفتاء الذي تسعى حكومة الإقليم إلى إجرائه وشمول محافظة كركوك به، هو بداية لصراع قومي في البلاد، ويتحتم على الحكومة العراقية اتخاذ موقف صارم لمنعه. وفي هذا السياق، أكدت مصادر في الحكومة العراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء حيدر العبادي أجرى اتصالات أخيراً مع مسؤولين في الإدارة الأميركية حول المشكلة وتلقّى تطمينات حول عدم سماح واشنطن بإجراء الاستفتاء.

الاستعدادات للاستفتاء تجري في ظل تحديات كبيرة، إذ إن تبنّي رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، وحزبه، هذا المشروع تسبّب في انقسام بين الأحزاب الكردية، ما دفع بعضاً منها إلى رفض إجراء الاستفتاء في موعده المحدّد، والسعي إلى سحب المشروع من البارزاني وحزبه وإناطته إلى برلمان الإقليم.

وأجمع حزبان كرديان كبيران، هما "التغيير" و"الجماعة الإسلامية الكردستانية"، على رفض إجراء الاستفتاء في الموعد المقرر له. وبعد اجتماع تداولي عقده الحزبان في السليمانية، ليلة الإثنين، أكدا، في بيان صدر عنهما، أنّ "مسألة الاستفتاء تخص المؤسسة التشريعية حصراً، ما يعني ضرورة تشريع قانون بشأنه في البرلمان الكردستاني"، مشددين على "تفعيل دور البرلمان الكردستاني للبت في المشاكل والخلافات بين الأطراف السياسية". وأكد الحزبان، استعدادهما لـ"خوض مباحثات جدية من أجل إيجاد حلول للأزمات الداخلية التي تعصف بإقليم كردستان".

ويؤشر هذا الموقف، إلى سعي الحزبين لسحب ملف الاستفتاء من خانة البارزاني بشكل كامل، ورفض أي قرار يتخذه بهذا الشأن، وإناطة الملف ببرلمان كردستان. وقال النائب عن حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني"، عبد القادر محمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك خلافات داخل الإقليم بشأن الاستفتاء"، موضحاً أنّ "هناك وجهات نظر لمواطنين وجهات كردية ترى أنّ الاستفتاء ليس في صالح شعب كردستان، وهم غير مطمئنين لإجرائه". وأضاف أنّ "تلك الجهات لا تعرف إلى أين سيوصل إجراء الاستفتاء، وهل التوجّه نحوه جاء بخطوات خارجية أم بأجندات حزبية"، مشيراً إلى أنّ "الاستفتاء يحتاج إلى بناء الاقتصاد والبنى التحتية، وحقوق الإنسان وتكريس الديمقراطية الحقيقية في الإقليم".