العراق: العبادي يواجه اتهامات "السير على خطى المالكي"

05 ديسمبر 2016
سياسة جديدة بشأن بقاء قوات أجنبية (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

يواجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اتهامات بتكرار سياسية سلفه نوري المالكي، من خلال الهيمنة على المشهد السياسي والحكومي، بعد تغييراتٍ واسعةٍ أجراها على أمانة مجلس الوزراء وعدد كبير من الهيئات المرتبطة به. ما يرفع سقف مخاوف باقي الشركاء في الكتل السياسية من أزمة جديدة، تلوح بالأفق تتزامن مع هشاشة الوضع الأمني في المدن المحررة من قبضة تنظيم "داعش"، وإمكانية معاودة التنظيم شنّ هجمات جديدة عليها، بغية إسقاطها مرة أخرى.

وذكرت مصادر سياسية من داخل المنطقة الخضراء في بغداد، أن أطرافاً سياسية تتهم العبادي بمحاولة الهيمنة على المشهد السياسي، عبر إجراء تغييرات في أمانة مجلس الوزراء تدار بالوكالة.

وأوضحت أن "هناك 27 هيئة تابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء، 6 هيئات منها فقط تدار من شخصيات من خارج ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه حزب الدعوة، وينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي".

وكشف القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، محمد المياحي، في تصريحٍ صحافي اليوم، أنّ "هناك ما بين 1000 -1500 درجة وظيفية، 98% منها تدار بالوكالة، تشمل مناصب مستشارين وقادة عسكريين وسفراء ووكلاء وزراء. كما أن هناك درجات وظيفية أخرى ما بين 4000 - 6500 بدرجة مدير عام 90% منها تدار بالوكالة".

ولفت إلى أنّ "المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم، طالب بفتح الترشيح العلني لشغل تلك المناصب، وإبعاد الدرجات الخاصة والمدراء العامين عن المحاصصة".

كما اعتبر المياحي، أن قيام مجلس الوزراء بإدارة الهيئات بالوكالة، حصر التعيينات بفئة معينة دون المئات من الكفاءات الأخرى في البلاد، في وقتٍ أقيل فيه 123 موظفاً رفيعاً في الدولة من مناصبهم، أعيد معظمهم لمناصبهم بسبب مخالفة الإجراءات، التي اتخذها رئيس الوزراء حيدر العبادي للقانون.

وكانت الأحزاب والكتل السياسية العراقية، قد اتفقت عقب تشكيل لجنة خبراء في رئاسة الوزراء منتصف 2015، بعد مظاهرات حاشدة على تشكيل لجة توازن لتوزيع المناصب الحكومية حسب الحق الانتخابي لها.

لكن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، يرى أنّ قضية إعادة تسمية المناصب في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تأتي في إطار ترشيق المؤسسات الحكومية، في وقتٍ تتهم فيه كتل سياسية أخرى حزب الدعوة بتحويل أمانة مجلس الوزراء إلى دائرة تابعة له.

هذه الاتهامات تأتي في وقتٍ ما زال فيه العبادي يترأس حكومة فيها 5 وزارات شاغرة، بعد إقالة وزرائها منتصف العام الماضي، أبرزها وزارتي الدفاع والمالية.

وفي هذا السياق، ذكر مصدر رفيع في حكومة العبادي لـ"العربي الجديد" أن "كتلاً سياسية أبلغت العبادي، أنهم لن يقبلوا بمالكي جديد وعليه تنفيذ وعوده".

وقال قيادي بالتيار الصدري لـ"العربي الجديد" إن "مدرسة حزب الدعوة التي ينتمي إليها العبادي، ومن قبله المالكي، لا تؤمن بالشراكة ولا بالديمقراطية، وتجد في نفسها أن لها الحق في حكم العراق اليوم، بلا منافس وهذا أساس الخلاف بين الحزب، وباقي كتل التحالف الوطني".

وأشار إلى أن العبادي وكحيلةٍ قانونية، بدأ بجملة تعيينات بالوكالة لمناصب حساسة، وجميع من عيّنهم فيها ينتمون لحزب الدعوة، ويجب الآن إنهاء مسألة شغل المناصب بالوكالة، لأنها باتت بالآلاف، وليس منصباً أو اثنين وفي كل الوزارات والمؤسسات".

وفي خضم هذه الاتهامات بين الأحزاب والكتل السياسية، جاء الكشف عن سياسة جديدة لمجلس الوزراء، تتعلق ببقاء قوات أجنبية في البلاد، بعد مرحلة "داعش" من عدمه. وذكر المكتب الإعلامي لمجلس الوزراء العراقي اليوم في بيان أن" قرار بقاء قوات أجنبية في العراق من عدمه، يعتبر قراراً عراقياً خالصاً يتخذه رئيس الوزراء حيدر العبادي".

وقال المتحدث باسم المكتب الإعلامي، سعد الحديثي، في تصريحٍ صحافي اليوم إن "العبادي هو من سيتخذ قرار بقاء قوات أجنبية كمستشارين ومدربين في العراق، بعد طرد تنظيم "داعش". وبيّن أنّ "الحكومة العراقية لم تتخذ حالياً أي قرار يتعلق ببقاء قوات أميركية أو غيرها على أراضي البلاد، نافياً وجود قوات أجنبية تقاتل على الأراضي العراقية".

إلى ذلك، اعتبر مراقبون أنّ حصر القرارات المصيرية في البلاد بمجلس الوزراء دون أخذ راي الكتل والأحزاب المشتركة في العملية السياسية، يأتي ضمن محاولات حزب الدعوة، الهيمنة على المشهد السياسي وحصر القرارات المصيرية بيده دون غيره.

ورأى المحلل السياسي أمجد الحسيني، أنّ "حزب الدعوة استغل فرصة انشغال البلاد بالحرب على "داعش"، وانشغال الولايات المتحدة الأميركية بنتائج الانتخابات الرئاسية، لترسيخ نفوذه في العراق، والسيطرة على كل مفاصل الدولة بإيعاز من طهران".

واعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "حزب الدعوة بدأ يتصرف بدكتاتورية واضحة، بدءاً من تحويل الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى دائرة تابعة له بتعيين شخصيات من الحزب حصراً، وانتهاءً بالقرارات التي تمس سيادة وأمن البلاد، وهذا ما سيعقد المشهد السياسي العراقي بعد مرحلة "داعش".

المساهمون