صراع عباس ـ دحلان في غزة: ما قبل الإنفجار

10 نوفمبر 2014
أيامٌ قاسية تنتظر حركة "فتح" (جمال عاروري/فرانس برس)
+ الخط -
حتى قبل التفجيرات التي طالت منازل قيادات بارزة في حركة "فتح"، كانت الخلافات في قطاع غزة بين تياري الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، المقيم في الإمارات منذ هروبه من قضايا الفساد والإفساد التي اتُهم بها، في أعلى حدّ من التوتر.

وبدأت الكثير من الإشارات تظهر، لتوحي بقرب انفجار الخلاف بين تياري عباس ودحلان، وانتقاله من مرحلة الخلاف المكتوم والمحدود، إلى الصدام العلني. ولم يكن ما جرى في جامعة الأزهر بغزة من اشتباكات بالأيدي بين عناصر التيارين، إلّا  مقدّمة لكثير من الأحداث التي يمكن أن تصبح واقعاً، مع اقتراب إحياء "فتح" لذكرى رحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات في مدينة غزة.

ذهب دحلان، المدعوم بقوة من الإمارات ومصر المناوئتين لعباس، بعيداً في خلافه مع الرئيس الفلسطيني. صار يحارب عباس في كل شيء، في غزة التي يسيطر دحلان على تيار واسع من "فتح" فيها، باتت مرحلة الصدام أكثر قوة، مع استمرار ضخّ دحلان ملايين الدولارات، وتجييش عناصر مقرّبة منه لنشاطات خيرية واجتماعية علنية.

وتشير الأجهزة الأمنية في غزة إلى أنّ القيادي المفصول من "فتح" له أتباع كثر في القطاع، بعضهم على علاقة سابقة به، وكان يعمل في جهاز الأمن الوقائي الذي أسسه وأداره دحلان لسنوات، والآخر استطاع دحلان استيعابه بالمال، وآخرون من "فتح" اختلفوا مع عباس فاحتواهم دحلان.

يعمل دحلان بشكل متسارع في غزة، لكن المثير أنّه على الرغم من علاقته المتوترة بشكل دائم مع حركة "حماس"، إلا أن الحركة التي يسيطر أمنها على القطاع، باتت تغضّ الطرف عن نشاطاته ونشاطات زوجته والمقرّبين منه، دون تفسير واضح لذلك.

بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، وغياب "فتح" الرسمية والسلطة الفلسطينية إلى حدّ كبير، كان أنصار دحلان يجولون في القطاع طولاً وعرضاً، ويوزّعون المساعدات المالية والغذائية، كما تولّوا حصرياً مسؤولية توزيع المساعدات التي ضخّتها الإمارات في القطاع خلال العدوان وبعده.

أعاد دحلان نفسه بقوة إلى المشهد أيضاً من خلال قيامه بتبنّي بيوت عزاء لشهداء من حركة "فتح"، لم يستطع التنظيم الرسمي للحركة التكفل بمصاريفها. في حيّ الزيتون، تبنّى أنصار دحلان، مالياً، عزاء مسؤول "فتحاوي" من أكثر المحسوبين على عباس، والمعادين لتيار دحلان، لأن ميزانية التنظيم الرسمي لم تصل.

وقبيل التفجيرات في غزة، التي لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة مرتكبيها، فوجئت قيادة حركة "فتح" المشرفة على مهرجان الذكرى العاشرة لرحيل عرفات، بأن جميع الباصات والسيارات الكبيرة التي يجري استخدامها لنقل المواطنين من مناطقهم إلى ساحة المهرجان، تم استئجارها ودفع كامل المبالغ لأصحابها.

لم يُبقِ المستأجر أيّ باصٍ أو وسيلة نقل كبيرة في غزة إلا وحجزها، كان المجهول الذي وقف خلف هذا الأمر، هو ذاته الذي يسعى لشق الصف الفتحاوي الداخلي. علم بعد ذلك المسؤولون التنظيميون في "فتح" أن دحلان موّل عملية استئجار الباصات جميعاً، للتحكم في عملية نقل المواطنين الراغبين في المشاركة بإحياء ذكرى عرفات، أو حتى منع الاحتفال عبر رفض نقل المواطنين إلى المهرجان.

وصل الخلاف الداخلي الفتحاوي، وحالة التجييش والتحريض الداخلية بين طرفيّ انقسام "فتح"، إلى أوجهما. وزاد هذا التخوف، مع إبلاغ وزارة الداخلية في غزة، لقيادة "فتح"، اعتذارها عن تأمين مهرجان عرفات، نتيجة حجم التحريض الذي وقع عليها وعلى حركة "حماس" عقب التفجيرات التي طالت قيادات الحركة فجر الجمعة الماضية.

ومع هذا التخوف، وصلت إلى هواتف قيادات في "فتح"، والمشرفين على مهرجان عرفات، رسائل نصية تحوي تهديدات خطيرة، تضمنت الاغتيال وتفجير ساحة الكتيبة في حال تنظيم المهرجان، وكان الرقم المُرسل للرسائل إسرائيلياً. ووُقّعت الرسائل باسم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وهو التوقيع ذاته الذي ظهر على الرسائل التي تُركت أمام منازل القيادات المستهدفة.

فقررت "فتح"، بحسب ما علمت "العربي الجديد"، من مصادر موثوقة، الغاء المهرجان، وأبلغت منسق القوى الوطنية والإسلامية في غزة، القيادي بحركة "الجهاد الإسلامي" خالد البطش، بقرارها.

المساهمون