وفي تفاصيل الوضع الميداني، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إن تنظيم "ولاية سيناء"، شنّ خلال الأسبوع الأخير أكثر من 10 هجمات ضد قوات الجيش في مدن محافظة شمال سيناء، أوقعت خسائر بشرية ومادية. وكانت أبرز عمليات التنظيم تلك التي استهدفت كميناً للجيش المصري في مدينة رفح، فجر يوم الجمعة الماضي، وتمكن خلاله مقاتلوه من اقتحام الكمين وقتل وإصابة جميع عناصره. كما هاجم "ولاية سيناء" أول من أمس الأحد، كميناً للجيش المصري جنوب مدينة الشيخ زويد، وتحديداً في قرية الجورة، ما أدى إلى مقتل مجند على الأقل وإصابة آخرين. كما فجّر التنظيم آلية للجيش المصري غرب مدينة الشيخ زويد، ما أسفر عن مقتل وإصابة راكبيها، بالإضافة إلى هجمات أخرى في مدينة رفح نفذت خلال الأسبوع الماضي، عدا عن الهجوم الأخير في منطقة قصرويت جنوب مدينة بئر العبد، والذي أدى إلى مقتل خمسة عسكريين وإصابة آخرين، حيث تمكن التنظيم من القضاء على قوة عسكرية كاملة في كمين متحرك للجيش.
من جهتها، ردّت قوات الجيش بحسب المصادر، بغارات جوية نفذها سلاح الجو التابع للقوات المسلحة المصرية، وتركزت على مناطق شمال وغرب مدينة رفح وجنوب مدينة الشيخ زويد وجنوب بئر العبد، فيما لم يبلغ عن وقوع إصابات بشرية أو مادية في صفوف التنظيم أو المدنيين. واستمرت هجمات "ولاية سيناء" على الرغم من الغارات الجوية، في حين اتجه التنظيم يوم الجمعة الماضي إلى قطع خطوط الكهرباء عن مدينة الشيخ زويد، وهي ذاتها التي تمد بالكهرباء مواقع وكمائن الجيش المصري في مدينتي رفح والشيخ زويد. كما هدد التنظيم أي طرف يحاول صيانة الخطوط، إلا أن قوات الجيش رافقت للمرة الأولى طواقم هندسة الكهرباء لإعادة إصلاح الخطوط الخمسة التي تمّ تفجيرها.
يشار إلى أن حالة من القلق تجتاح محافظة شمال سيناء، تحسباً لوصول فيروس كورونا، خصوصاً بعد اكتشاف حالات إصابة به في قطاع غزة لمسافرين عادوا من مصر مروراً بالمحافظة، وبرفقة أحد السائقين من أبنائها، بالإضافة إلى ضعف الإجراءات الصحية المتبعة في مداخل ومخارج المحافظة من قبل وزارة الصحة والجهات المعنية. ودق وصول الفيروس إلى محافظة جنوب سيناء التي كانت تعج بالسياح، ناقوس الخطر بالنسبة لشمال سيناء، خشية انتقال الوباء بالمخالطة إلى سكان المحافظة، أو من خلال العمال المتنقلين بين المحافظتين، أو عبر التنقل في المواصلات بين المناطق سابقة الذكر.
من جهتها، أفادت مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري لـ"العربي الجديد"، بأن المستشفى استقبل جثث 11 عسكرياً خلال الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى أكثر من 25 إصابة متفاوتة، نتيجة هجمات متفرقة في مدن رفح والشيخ زويد وأطراف مدينة العريش ومدينة بئر العبد ومحيطها، وهي حصيلة مرتفعة نسبياً مقارنةً مع الأسابيع التي سبقتها. ولفتت المصادر إلى أن من بين القتلى ضباطا من القوات الخاصة المصرية، بالإضافة إلى أن عدداً من الإصابات ما زالت تتلقى العلاج في المستشفى العسكري، فيما جرى نقل عدد من الإصابات الخطيرة للعلاج خارج سيناء، بالإضافة إلى مقتل عددٍ من المدنيين المتعاونين مع قوات الأمن على يد التنظيم في مناطق متفرقة من سيناء.
وتعليقاً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن التنظيم لا يعمل حساباً لأي ظرف إنساني أو بيئي أو صحي قد يحيط به، للتخفيف من الهجمات التي يشنها منذ ست سنوات ضد قوات الأمن المصري. ورأى الباحث أن هذا الأمر يدلل على أن منهجية "ولاية سيناء" تقوم على إيقاع أكبر حجم من الخسائر البشرية والمادية في صفوف قوات الأمن، واستغلال كل الظروف الممكنة لزيادة حجم الهجمات والخسائر. وبرأيه، فإنه من المؤكد أن التنظيم يتابع مجريات الوضع الصحي في العالم، وخصوصاً مصر، وبالتحديد الجغرافي في سيناء، إلا أن هذا الاهتمام لا ينعكس على منحنى الهجمات، ما يزيد الضغط على الدولة المصرية، ومؤسستها العسكرية على وجه التحديد، حيث تشهد استنفاراً طارئاً في جميع أركانها لمواجهة الفيروس الذي تسبب بوفاة عدد من جنرالات الجيش المصري في بدايات ظهوره في مصر.
وتوقع الباحث ألا يكون في حسبان المؤسسة العسكرية المصرية أن يعاود التنظيم نشاطه العسكري في هذه المرحلة الحساسة التي تمر فيها البلاد، وبالتالي قد تكون مضطرة لتحمل هجماته، مع عدم الدخول في عمليات عسكرية واسعة النطاق، وتأجيلها إلى مرحلة لاحقة، بعد الانتهاء من مواجهة الفيروس، والذي تسخر له المؤسسة العسكرية كافة قدراتها وإمكاناتها في كافة المحافظات، إلا في شمال سيناء. وفي هذه المحافظة، يحسب الجيش المصري حساب كل حركة يقوم بها، تخوفاً من التعرض لهجمات التنظيم، وبناءً عليه فهو يبقي تحركاته في نطاق مدروس وضيق جداً، خصوصاً في مناطق العمليات جنوب مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد التي دخلت على خط الهجمات أخيراً.