جولة بـ"أفكار" جنرالات ترامب: عداوات بشعار كره إيران والإسلام

27 نوفمبر 2016
ترامب والجنرال ماتيس أو "الكلب المجنون" (أندرو أنجرر/Getty)
+ الخط -
باشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، تشكيل أركان عهده الآتي، غداة انتخابه في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. "رجال ترامب"، كمستشار الأمن القومي مايكل فلين، ورئيس الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، والجنرال جيمس ماتيس، والجنرال جيمس وولسي، تجمعهم كل القواسم المشتركة التي يتمناها الرئيس الأميركي المنتخب لـ"جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، بحسب شعار حملته الانتخابية. تجمع هؤلاء النظرة السياسية المحافظة المتشددة لدور الولايات المتحدة في العالم، الذي يجب أن يكون "قيادياً" وغير قابل للتفاوض أو المساءلة. لا يخفي هؤلاء حنقهم الشديد على حقبة الرئيس باراك أوباما، باعتبارها "فترة تراجع" لدور أميركا في العالم، تحديداً في مناطق تقاسم النفوذ العالمية، لا سيما في الشرق الأوسط، الذي يولونه أهمية مضاعفة، عكس رؤية أوباما المتجهة إلى آسيا وأميركا اللاتينية، والتي لا ترى في المنطقة العربية إلا "فوضى" لا مخرج منها. وضع رجال ترامب، وثلاثة منهم آتين من خلفية عسكرية، أولوية مواجهة النظام الإيراني، واعتباره خطراً يفوق خطر "الإرهاب". حتى أن إيران، في نظرهم، استغلت تقاعس إدارة أوباما في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وانسحاب الولايات المتحدة من العراق، وتأخرها في سورية، للتمدد ولتعزيز مطامعها في المنطقة، من العراق وسورية ولبنان، إلى اليمن.

في هذا السياق، لا تحفظات لرجال ترامب على استخدام القوة العسكرية الأميركية لدعم السياسة الأميركية في العالم. وفقاً لهم، فإن الأمر يجب أن يكون مطروحاً، من دون جدال، على الطاولة. وإن كانت هناك مساحة للحلول الدبلوماسية، تحت ضغط التدخلات العسكرية.

الأخطر من كل هذا، إيمان هؤلاء بأن "القوات الأميركية لا تُهزم" وأنها "في أفضل حالاتها"، وإن كانوا يدعون إلى تطويرها في بعض القطاعات، خصوصاً في الحروب الإلكترونية. حتى أن دعوات أركان ترامب، لإصلاح الاقتصاد الأميركي، تأتي باعتبار الإصلاح الاقتصادي خطوة أساسية، في طريق استعادة أميركا لدورها القيادي عالمياً.

مايكل فلين... الإسلام هو المشكلة
على غرار ترامب، لا يخفي مستشار الأمن القومي، الجنرال المتقاعد مايكل فلين، حنقه على فكرة الـ "political correctness" أو "الصواب السياسي"، المفهوم الذي يفرض لغة سياسية يجب عدم تجاوزها، تحديداً في قضية تناول مسائل الأديان والأعراق والأقليات. تتجلى مسألة "الصواب السياسي" هنا، في تناول علاقة الإسلام بالإرهاب، المسألة التي يبدو فلين عرّاب ترامب فيها، من خلال اعتبار العدو الحقيقي هو "الإسلام الراديكالي"، لا المجموعات الإرهابية المسلحة. فلين الذي ترأس وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع (دي آي أيه) تحت إدارة أوباما، بين عامي 2012 و2014، قبل استقالته بعد خلافات مع "مرؤوسيه" على حد تعبيره، ينزع من الإسلام وصف "الدين" ويعتبره "أيديولوجيا سياسية ترتكز على دين".


يتحدث فلين عن "إسلام راديكالي"، في سياق يقصد فيه الإسلام كله، لا مجرد تيارات تنتمي إلى الإسلام. كما يتحدث عن تفسيرات وتأويلات تراثه الديني. ويتضح من حديثه تعميم الأحكام على السنة والشيعة معاً. كما يجري مقارنة مع المسيحية بقوله "لم نجد أحدا يهتف باسم المسيح ويمارس القتل". يعتبر فلين أن الإسلام الراديكالي "نظام سياسي يجب علينا مواجهته وهزيمته، وأن هذا لن يحدث إلا إذا استطعنا تعريف العدو بشكل دقيق". ويضيف "إذا لم تستطع معرفة التهديد الذي تواجهه بوضوح، فإنك لن تستطيع بناء استراتيجية لهزيمته". وهي عبارة رددها ترامب كثيراً خلال حملته الانتخابية. يرى فلين، أن مواجهة الإرهاب تبدأ بنطق كلمتي سر وهما: "الإسلاميون الراديكاليون" و"الإرهاب الإسلامي"، الذي لن يكون مختلفاً عن النازية والشيوعية والفاشية، وفقاً له، بل يعتبر أن "تلك الأيديولوجيات هزمناها خلال السنوات الـ75 الماضية".

يصف فلين "الإسلام الراديكالي" بـ "العنصر السرطاني والهمجي والشرير داخل النظام الإسلامي". وهنا أيضاً لا يتحدث عن دين، فالإسلام في نظره "نظام" أو "عقيدة سياسية" لكنه لم يتحدث عنه كدين أبداً. ولتعريف الإرهاب انعكاسات استراتيجية في طريقة محاربته، لأن اعتبار المشكلة في "مجموعات إرهابية تختطف الإسلام" كما هو معروف، يعني أن هزيمة الإرهاب تكون بهزيمة تلك المجموعات الإرهابية، وتجفيف تمويلها، ومحاصرة من يروجون أدبياتها.

أما اعتبار المشكلة بأنها أعم وأشمل، كما يطرح فلين في "إسلام راديكالي"، فهذا يعني مقاربة الموضوع بنطاق أوسع، لا تشمل مناطق النزاع في العراق وسورية واليمن وأفغانستان وليبيا فقط، وإنما التغيير في كل العالم الإسلامي. ولا يخفي فلين حماسته لمشروع كهذا.

بالتالي يطرح الرجل مشروعاً للشرق الأوسط يشبه مشروع مارشال الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945). ويرى أن "المنطقة في مرحلة مخاض وتعاني تغيرات جوهرية عدة تشمل تحولات اقتصادية ونموا سكانيا مطردا، بالإضافة إلى أزمة المياه المقبلة". ويعتبر أن "هذه المشاكل تجعل انهيار دول المنطقة ووقوعها تحت هيمنة الإرهابيين أمرا ممكنا، ما لم يتحرك العالم للتدخل، لإجراء تغييرات كبيرة على الشرق الأوسط".


طبيعة هذه التغييرات تبدو مبهمة، لكن ملامحها مخيفة، حين يتحدث فلين عن "حرب عالمية" وأن "الوجه المتطرف للأيديولوجيا الإسلامية يسري في عروقهم وفي جيناتهم"، في سياق مطالبته لقادة العالم الإسلامي بشجب هجوم نيس الفرنسية في 14 يوليو/تموز الماضي. في موضوع سورية، لا يتحدث فلين إلا عن "الإرهابيين"، وتبرز مسألة حصول هؤلاء على أسلحة كيماوية، كواحد من المخاوف الكبرى لديه. ويقول: "ما يجعلني لا أنام في الليل، هو الخوف من استخدام المجموعات الإرهابية للسلاح الكيماوي والبيولوجي في سورية والعراق". ومع كل هذا التحديد لأهمية محاربة "الإرهابيين" وأولويتها، إلا أن هناك خطرا يفوق خطر "داعش" في نظر فلين، إنها إيران. يعتقد فلين أن إيران أخطر من التنظيم، وهنا لا يتحدث عن طموحاتها النووية فقط، ولكنه يرى أن برنامج الصواريخ البالستية الإيراني "خطر عالمي" وأن "طهران دولة داعمة للإرهاب ويجب إخراج إيران من العراق".

عندما تم سؤال فلين، عما إذا كان يرى "حرباً طائفية شيعية سنية في أفق المنطقة"، أجاب: "نحن في الحرب الآن". لكنه على عكس سياسات أوباما، لا يريد أن يتخذ مواقف انتقائية كالتحالف مع إيران في العراق، ومواجهتها في سورية، أو محاربة الفصائل السنية في العراق، ودعم فصائل سنية في سورية، بل يبدو أنه في صدد إعلان "الحرب على الكل" بكيفية لم تتضح ملامحها حتى اللحظة. ويقول في هذا الصدد، إن "القيادات السنية فقدت ثقة واحترام الولايات المتحدة، ومعالجة مثل هذا الأمر لن تكون إلا من خلال قيادة أميركا للعالم. الأمر الذي يحتاج إليه العالم الآن".

مايك بومبيو: "الإخوان" جزء من الإرهاب
لا يختلف رئيس الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) في إدارة ترامب، مايك بومبيو (الوحيد بلا خلفية عسكرية بين فلين ووولسي وماتيس)، في موقفه المتشدد من طهران عن مايكل فلين. يتحدث بومبيو صراحة عن "اتفاق سري لم يقرأه المواطنون الأميركيون، خصوصاً فيما يتعلق بموضوع إطلاق الرهائن الأميركيين الأربعة الذين أفرج عنهم في 2016 وبينهم صحافي في واشنطن بوست، والتفتيش عن المنشآت النووية الإيرانية".

يصف رئيس "سي آي أيه" في إدارة ترامب الاتفاق النووي، وما ترتب عليه من تسويات مع إدارة أوباما بـ "الفشل الخطير"، بل "خرق السياسة التقليدية الأميركية التي لا تدفع فدية مقابل الإفراج عن رهائن". ويعتبر أن "أوباما منح طهران ما بين 400 مليون و1.7 مليار دولار، نظير الإفراج عن الرهائن الأميركيين". ويرى بأنه "ليس مصادفة أن تفصل ساعات قليلة بين الإفراج عن الأميركيين الأربعة المحتجزين في طهران، وبين تسليم إيران 400 مليون دولار".

لا يرى بومبيو، الذي مثّل كانساس في مجلس النواب في أوقات سابقة، أي إيجابية في الاتفاق النووي. ويقول في هذا السياق: لا أستطيع التفكير بشيء واحد، وضع الولايات المتحدة في موقع أفضل، بعد الاتفاق النووي مع إيران، على حد تعبيره. ويعتقد أن "الاتفاق جعل إيران تزداد قوة وتشكل تهديدا أكبر للعالم". يردد بومبيو أن "الأموال التي تسلّمها الإيرانيون، ستمول أعمالاً إرهابية. ولا شك أن الأموال التي أفرج عنها للإيرانيين سينتهي بها المطاف في يد إرهابيين، إنها الدولة نفسها التي سمحت للمنتمين لتنظيم القاعدة بالتنقل بحرية. وتلك الأموال ستصل في النهاية إلى المنظمات الإرهابية التي تدعمها طهران". ويشير بومبيو صراحة إلى "حزب الله وحركة حماس".



أما في مسألة الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط ومواجهة الإرهاب، فلا يختلف بومبيو عن فلين ورجال ترامب الآخرين، باعتبار المشكلة في "إسلام راديكالي" لا منظمات إرهابية. لكنه يتحدث عن طرق أكثر تقليدية لمواجهة الإرهاب، تتضمن تعميق الشراكة مع حلفاء أميركا في المنطقة، خصوصاً السعودية والإمارات، الدولتين اللتين يصفهما بـ"الشركاء الحقيقيين في مواجهة الإرهاب الإسلامي".

في الوقت نفسه، لا يكف بومبيو عن لوم الخليجيين على تمويل المنظمات الإرهابية، تحديداً "داعش". إذ يرى أن الكثير من الأموال التي تصل إلى التنظيم، آتية من دول خليجية. وفي مقاربته لموضوع "الإسلام الراديكالي"، يتقاسم بومبيو الموقف نفسه مع فلين. بالنسبة إليه إن "الإرهاب الإسلامي" و"الإسلام الراديكالي"، هما الخطر الذي يهدد الولايات المتحدة منذ عقدين. والمشكلة مع "داعش ليست في العراق وسورية بل لتهديده التراب الأميركي".

وينتقد بومبيو جماعة "الإخوان المسلمين" ويراها جزءاً من هذا "الإرهاب" من خلال ما يعتبره دعماً لـ"الهجمات الانتحارية". كما يطالب المسلمين بالخروج والتبرؤ من الهجمات الإرهابية، خصوصاً "الأئمة". ويرى بأن "المدارس الإسلامية في أميركا لم تواجه الإرهاب كما يجب". وعندما يتحدث بومبيو عن الإخوان المسلمين، و"القاعدة"، و"داعش"، يبدو وكأنه ينظر إليهم في سياق واحد. وذلك عبر ترداد بأن "حماس تقوم بعمليات إرهابية ضد إسرائيل، وأنها جزء من جماعة الإخوان المسلمين". بومبيو يؤمن بأهمية الوجود العسكري الأميركي في المنطقة والعالم، وينتقد تغير طبيعة التحركات العسكرية الأميركية تحت إدارة أوباما. ويرى بأن الوجود العسكري الأميركي تغير في المنطقة، لا من ناحية قدرات القوات العسكرية وفاعليتها، بل من جهة تعهدها بـ "حفظ الاستقرار والسلام" في الشرق الأوسط. الدور الذي يعتقد بومبيو أن إدارة أوباما أضرّت به كثيراً خلال ثماني سنوات، حتى أن الدور الأميركي أصبح "عرضة للمساءلة في كل عواصم الشرق الأوسط". ويضيف بومبيو أنه "هناك الكثير من الأماكن التي علينا الذهاب إليها، لنؤكد لحلفائنا أن قوتنا العسكرية تدعمهم، لن نقاتل بالنيابة عنهم، لكن سندعمهم حول العالم".



الكلب المجنون: إيراني أولاً
يُعرف الجنرال الأميركي، جيمس ماتيس، بشيء آخر، غير وصفه إطلاق النار على بعض الناس بـ"المتعة"، فهو معروف أيضاً بمواقفه الراديكالية من النظام الإيراني. ما تسبب بخلافات بينه وبين إدارة باراك أوباما، أدت إلى إقالته من قيادة القوات الوسطى، في 2013، المنصب الذي تقلده في 2010. لا يختلف ماتيس، المرشح لتولي وزارة الدفاع في إدارة ترامب، عن مايكل فلين، في محورية العداء لإيران، واعتبار إيران خطرا يهدد المنطقة، وأميركا، أكبر من خطر "الإرهاب". ويستلهم في مقاربة الشأن الإيراني، وصف هنري كيسنجر الشهير "إيران لا تعتبر نفسها دولة، بل ثورة".

يكرر ماتيس، أو الكلب المجنون، عبارات مثل "لا شيء يهدد السلام والاستقرار في الشرق الأوسط مثل النظام الإيراني" و"إيران تهدد استقرار وازدهار المنطقة على المدى الطويل"، في كل حواراته وأحاديثه عن المنطقة تقريباً. فإيران من وجهة نظر الجنرال الأميركي، أخطر على استقرار "الشرق الأوسط" من "داعش"، و"القاعدة"، ونظام بشار الأسد، والصراع العربي ـ الإسرائيلي. ويصف ماتيس النظام الإيراني بجملة واحدة: "نظام إسلامي عسكري يهتف الموت لأميركا".

كما يطرح رؤية تفصيلية لـ"الخطر" الإيراني العسكري على الولايات المتحدة، أكثر من مايكل فلين، أو تلك التي يرددها ترامب. ويرى أن البرنامج النووي الإيراني "تهديد واحد" من خمسة تهديدات عسكرية إيرانية. ويضع هذه التهديدات في سياق تفهّمه لمخاوف إسرائيل ودول الخليج العربي من إيران. بالنسبة إليه، فإن "لدى طهران برنامج صواريخ بالستية طويلة المدى، تهدّد الملاحة البحرية في الخليج ومضيق هرمز. كما طورّت قدراتها في الحروب الإلكترونية، علاوة على المليشيات التي يجندها ويدعمها فيلق القدس في المنطقة".

كل هذه الأخطار، برأي ماتيس، تدحض اعتبار أن "الاتفاق النووي" يجعل إيران أقل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة. بل على العكس من ذلك، يرى ماتيس أن الاتفاق النووي عزز خطر إيران في المنطقة، و"الاتفاق جمد تهديدات إيران النووية، لكنه منحها أموالا تمكنها من دعم برامجها الأخرى التي تمثل تهديداً للمنطقة".

يؤمن ماتيس، أن "إيران استغلت خطر الإرهاب للتمدد في المنطقة، ولا يرى داعش إلا عذرا لإيران للاستمرار في عدوانيتها. إيران ليست عدواً لداعش، وجنى الإيرانيون الكثير من الكارثة التي صنعها داعش في المنطقة". ويتابع "لدي سؤال واحد، من الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم تُستهدف من داعش؟ إنها إيران. وهذه ليست مصادفة". لا يستبعد ماتيس المقاربات السياسية في تنظيراته حول المنطقة "لا نستطيع أن نرسل القوات الأميركية إلى كل مكان"، لكنه يقف بصورة جدية ضد استبعاد إرسال قوات إلى أماكن النزاع.



سبق لـ"الكلب المجنون" أن انتقد إدارة أوباما بشدة خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي تتعلق بمحاربة الإرهاب، تحديداً تصريحات وزير الخارجية جون كيري حول استبعاده إرسال قوات أميركية إلى العراق وأفغانستان في 2014، واعتباره بأنه "ليس علينا إخبار الأعداء مقدماً بأنهم لن يواجهوا قواتنا، من الجيد أن نجعل هذا الخيار متاحاً للقائد الأعلى للقوات المسلحة. نحن بحاجة لإرسال رسالة إلى حلفائنا أننا معهم عسكرياً أيضاً".

وولسي: طهران متورطة في أحداث سبتمبر
يعد الرئيس السابق للاستخبارات الأميركية، الآتي من خلفية حزبية ديمقراطية، جيمس وولسي، أحد رجال ترامب المهمين، مستشاراً عسكرياً له أثناء الانتخابات الرئاسية، كما قدّم له دعماً غير محدود. يتقاسم وولسي مع "جنرالات ترامب" المواقف المتشددة ذاتها تجاه إيران و"الإرهاب الإسلامي"، بالإضافة إلى اعتقاده بوجود دور لإيران في هجمات سبتمبر/أيلول 2001. ويدعو ترامب لمقاربة مختلفة لمسألة الطاقة، تجعل الولايات المتحدة تستغني عن نفط الخليج، بما يحمله هذا من تغيرات استراتيجية.

أسس وولسي وآخرون منظمة "متحدون ضد إيران نووية"، التي تضم بين ناشطيها مؤيدين متحمسين لإسرائيل. ولا يخفي وولسي مخاوفه على إسرائيل من "العرب والإيرانيين" على حدّ سواء، لذا يرى أهمية محاصرة "كل أعداء إسرائيل في المنطقة". من هذا المنطلق يؤيد وولسي الاحتلال الأميركي للعراق. بل يدافع عنه حتى الآن، ويعتبر أن العراق اليوم كان أفضل حالاً "لولا قرار إدارة أوباما سحب القوات الأميركية من العراق الذي اتاح المجال لإيران لدخول العراق". ومن مبررات وولسي لاحتلال العراق، وأسباب عدواته مع إيران، اعتباره أن الدولتين قامتا بتقديم "دعم" لتنظيم "القاعدة"، لشنّ هجمات سبتمبر 2001. ويقول "إن لم يكن العراقيون والإيرانيون على علم بالخطة (هجمات سبتمبر)، فهم قدموا تسهيلات للخاطفين وسهلوا عبورهم وتنقلاتهم من أفغانستان".

ويدعو وولسي لاتخاذ سياسات متشددة ضد السعودية، علاوة على إيران، باعتبارها "تنشر الوهابية". ولا يرى طريقا إلى التضييق على السعودية، إلا بنزع سلاح النفط من الخليجيين، منوّهاً إلى أنه "يجب البحث عن بدائل للطاقة من أجل الاستغناء عن النفط. الخطوة التي ستحرر الولايات المتحدة، من قيود كثيرة في مواجهة إيران والإرهاب".

يرى وولسي أن هزيمة "الإرهاب" تستلزم حرباً طويلة قد تستمر لعقود، واستخدم مرة وصف "حرب ثالثة" لتشبيه الحرب على الإرهاب بالحربين العالميتين الأولى والثانية، وإن أكد أنها "من طبيعة مختلفة". لكنه يرى أن هزيمة "الإرهاب" تستلزم حشداً عالمياً، مشدّداً على أن "المعركة تمتد إلى الولايات المتحدة وليست محصورة في الشرق الأوسط أو أوروبا" في تعليق على اعتداءات بروكسل.

يختلف وولسي في نظرته المتشددة تجاه دول الخليج، بينما لا يبدو أن موقف بومبيو أو فلين خارج الموقف الجمهوري الذي يرى في دول الخليج "حلفاء" للولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب، وإن كانوا يدعون هذه الدول لاتخاذ سياسات أكثر حزماً تجاه محاصرة "الإسلام الراديكالي" و"تجفيف تمويل الإرهابيين".

لا يختلف رجال ترامب عن رئيسهم المنتخب، ولا يبدو أن هناك تباينات بينهم في رؤيتهم التفصيلية للمنطقة، تحديداً محاربة "الإرهاب" ومواجهة النظام الإيراني، ودعم حلفاء أميركا، وحماية أمن إسرائيل. وهنا تبدو ملامح "استعادة أميركا دورها القيادي في العالم" في طور التشكل على وقع طبول الحرب، التي قد تقرع ضد إيران، أو ضد عدو هلامي، يتجسد في "الإسلام الراديكالي".

لكن افتراض أن الحرب حتمية غير دقيق، فربما تؤدي مواجهة سياسية أميركية ـ إيرانية إلى تعديلات جوهرية في الاتفاق النووي. مع العلم أن ترامب يؤكد أنه ليس في صدد محاربة كل العالم، كما ذكر في حواره الأخير مع صحيفة "نيويورك تايمز".