لم تمر سوى ساعات قليلة على عقد أول اجتماع رئاسي لقيادة الشرعية اليمنية الموجودة في العاصمة السعودية الرياض، حتى كان الانفصاليون من حلفاء الإمارات في "المجلس الانتقالي الجنوبي" يعملون على توسيع انقلابهم الذي بدأوه من مدينة عدن قبل نحو عشرة أيام وسيطروا خلاله على المدينة، ليعمدوا إلى التقدّم نحو محافظة أبين، التي ينحدر منها الرئيس عبدربه منصور هادي وعدد غير قليل من قيادات الدولة، لتثبت الإمارات مجدداً أنها صاحبة القرار في ما يدور، وأن السعودية، إن لم تكن تخادع الحكومة اليمنية، فإنها تبدو في أقل تقدير بموقف العاجز والمرتبك إزاء ما يدور.
وبدا هجوم أتباع أبوظبي على أبين كردٍ على إعلان السلطة الشرعية بعد اجتماع الإثنين بقيادة هادي عن اتفاق مع السعودية للعمل على إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في عدن. وحمل هذا التطور رسالة واضحة مفادها بأن لا نيّة للانفصاليين للتراجع بل أنهم مستمرون في الخطوات التصعيدية لفرض السيطرة في المناطق الجنوبية، ما يعني أن محافظة شبوة النفطية قد تكون هدفهم المقبل، وذلك في ظل دعم إماراتي كامل لتقدّمهم، لتوجّه أبوظبي رسالة واضحة برعايتها الانقلاب في الجنوب اليمني، في ظل ضبابية في موقف الرياض.
وأكدت مصادر محلية متطابقة في أبين لـ"العربي الجديد" أن مدينة زنجبار مركز المحافظة سقطت في أيدي قوات "الحزام الأمني" التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بعد أن هاجمت الأخيرة معسكر "الشرطة العسكرية" على طريق أبين-عدن، وخاضت اشتباكات مع أفراده قبل السيطرة عليه، إلى جانب قيامها بمحاصرة معسكر "قوات الأمن الخاصة"، والتي تعد القوة الأبرز لدى وزارة الداخلية، وأمهلت قيادة المعسكر 24 ساعة للاستسلام.
وفي الوقت الذي حلّقت فيه مقاتلات حربية، تابعة للتحالف، في سماء أبين، بالتزامن مع الحصار، انتهت لجنة وساطة بإقناع قائد "قوات الأمن الخاصة" محمد العوبان، بالانسحاب مع أفراده من داخل معسكر القوات الخاصة، الواقع في مركز المحافظة (زنجبار)، بعد مرور ساعات طويلة على حصار معسكره، بدا معها وكأن المعركة محسومة، في ظل غياب أي رد فعل مباشر من الجانب السعودي للوقوف في وجه تصعيد الانفصاليين.
من جهته، قال المتحدث باسم "المجلس الانتقالي"، نزار هيثم، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، إنه "تمت محاصرة موقعين عسكريين في تحرك أمني في إطار قوات الحزام الأمني"، مدعياً أنه تجرى "ملاحقة عناصر تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار اختبأت في معسكرات تابعة للحكومة الشرعية".
ويمثّل سقوط أبين بيد الانفصاليين ضربة عميقة للشرعية، ولهادي على نحو خاص، باعتبارها المحافظة التي تمثّل مسقط رأسه، وعدد غير قليل من الطواقم الإدارية والعسكرية والأمنية في حكومته، ولكن سقوط المحافظة كان متوقعاً، في ظل المعطيات الأخيرة، التي وقفت فيها الإمارات بوصفها من تقود أو تتصدر واجهة التحالف جنوباً، بكل إمكاناتها، في صف الانفصاليين.
وانعكست أهمية أبين ورمزيتها السياسية في تصريحات مسؤولي الحكومة، إذ أعلن نائب وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي (القائم بأعمال الوزير)، أن "ما تشهده محافظة أبين من تصعيد غير مبرر من قبل قوات المجلس الانتقالي المدعومة من قبل الإمارات يُعدّ أمراً مرفوضاً وغير مقبول، سيعمل على تقويض وإفشال جهود الوساطة التي نقدرها كثيراً من قبل الأشقاء في السعودية". وأضاف "نرفض استمرار تقديم الدعم الإماراتي المالي والعسكري لقوات المجلس الانتقالي الخارجة عن القانون والدولة في اليمن، ونجدد المطالبة بإيقافه بشكل فوري وكامل".
بالتوازي برز موقف للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي أعرب في إحاطة لمجلس الأمن الدولي أمس عن قلقه جراء العنف في عدن وأبين، مندداً "بالجهود غير المقبولة التي يبذلها المجلس الانتقالي للسيطرة على مؤسسات الدولة بالقوة"، مضيفاً "من غير المقبول أن يستمر هذا الوضع، فمؤسسات الدولة لن تتمكن من تأدية عملها". ورأى غريفيث أن "التطورات في عدن وأبين تدل على تعقّد التحديات التي نواجهها في سعينا لتحقيق السلام، ولا يمكننا أن نقلل من أهمية المخاطر الناتجة عن هذه التطورات"، محذراً من أن "النسيج الاجتماعي اليمني في خطر ويمكن للعنف في أبين وعدن أن يتوسع إلى مناطق أخرى". كما حذر من خطر عودة المجموعات المتطرفة العنيفة، لافتاً إلى أن تنظيم "القاعدة" كان قد سيطر على مدن في أبين لفترة طويلة في الأعوام الأخيرة، مشيراً إلى أن الاضطرابات الأمنية ستسمح بمزيد من الأنشطة للجماعات المتطرفة.
من جهته، طالب المندوب اليمني في الأمم المتحدة، عبد الله علي فضل السعدي، في كلمة له خلال الجلسة، الإمارات بالوقف الفوري لدعمها المليشيات المسلحة، محمّلاً باسم الحكومة اليمنية "المجلس الانتقالي" وداعميه مسؤولية ما جرى في عدن، ومضيفاً "على الرغم من موافقتنا على المشاركة في مؤتمر جدة فإن المجلس الانتقالي واصل تصعيده".
اقــرأ أيضاً
من جانب آخر، يأتي تحرك الانفصاليين نحو أبين ليقدّم شكوكاً إضافية حول جدية التصريحات السعودية بالوقوف مع الحكومة اليمنية، إذ جاء بعد ساعات من الاجتماع الرئاسي اليمني بقيادة هادي يوم الإثنين الماضي، والإعلان عن اتفاق مع السعودية يقضي بالعمل على إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في عدن، بما في ذلك انسحاب مليشيات "المجلس الانتقالي الجنوبي" من المعسكرات والمؤسسات الحكومية.
وبينما كان التحالف بقيادة الرياض يقف متفرجاً على تمدد الانفصاليين في أبين، فإنه كان يعلن عن تدمير كهوف يستخدمها الحوثيون "في تخزين صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة" في صنعاء. وقال المتحدث باسم التحالف تركي المالكي، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الرسمية السعودية (واس) أمس، إن هذه العملية نُفذت مساء الإثنين وهي "امتداد للعمليات العسكرية النوعية السابقة لتدمير القدرات الحوثية وتحييد خطرها على الأمن الإقليمي والدولي". من جهتهم، أعلن الحوثيون أمس تنفيذ قصف صاروخي استهدف معسكراً للجيش اليمني في منطقة الصوح قبالة منطقة نجران السعودية، وسقوط ضحايا.
وفيما كان اليمنيون ما يزالون يتابعون التطورات في عدن بانتظار قيام "اللجنة السعودية" بإعادة الوضع إلى ما كان عليه، يمثّل تصعيد حلفاء الإمارات للسيطرة على أبين تأكيداً عملياً على استمرارهم بالعمل على تحقيق أهدافهم المعلنة بفرض السيطرة العسكرية والأمنية بصورة كاملة في المحافظات الجنوبية لليمن، كخطوة تسبق على ما يبدو، الإعلان عن تنصيب سلطة انفصالية تابعة لهم.
وعلى الصعيد نفسه، وضع تصعيد حلفاء أبوظبي في أبين، الرياض أمام اختبار محوري، لموقفها بين الرفض المعلن لما شهدته عدن ومحيطها، وبين عدم اتخاذ أي خطوات تمنع إكمال الانقلاب بالسيطرة في أبين على الأقل، في مقابل ما يتركه سقوط الأخيرة من ضربة متقدّمة للشرعية، التي تتحجج السعودية بأنها تحارب انقلاب جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ضدها منذ سنوات.
ومن أبرز الآثار المباشرة لتصعيد أبين، وضع المزيد من العقبات أمام "حوار جدة" الذي دعت إليه الرياض بين "الانتقالي" و"الشرعية"، إذ إن الأخيرة كانت تشترط انسحاب مليشيات الأول قبل أي مفاوضات، لكن ما حدث أكد الدعم غير المحدود للانفصاليين من قِبل الإمارات، لفرض سيطرتهم على المناطق الجنوبية لليمن، في ظل موقف سعودي ضبابي، لا يلغي وقوع المسؤولية المباشرة على الرياض.
من زاوية أخرى، يُعدّ توسع "الانتقالي" نحو أبين بمثابة مؤشر على أنه سيواصل خطواته التصعيدية لفرض سيطرته في المناطق الجنوبية، وبذلك، تصبح محافظة شبوة النفطية الهدف المقبل، في وقتٍ تبدو فيه الشرعية أضعف من أي وقتٍ مضى، وتركن إلى وعود السعودية، والأخيرة بنظر العديد من اليمنيين، إن لم تكن قد منحت أبوظبي الضوء الأخضر لوضع اللمسات الأخيرة على تقسيم اليمن، فإنها تظهر بموقف العاجز عن وقف عجلة "الانقلاب" ضد "الشرعية".
وبدا هجوم أتباع أبوظبي على أبين كردٍ على إعلان السلطة الشرعية بعد اجتماع الإثنين بقيادة هادي عن اتفاق مع السعودية للعمل على إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في عدن. وحمل هذا التطور رسالة واضحة مفادها بأن لا نيّة للانفصاليين للتراجع بل أنهم مستمرون في الخطوات التصعيدية لفرض السيطرة في المناطق الجنوبية، ما يعني أن محافظة شبوة النفطية قد تكون هدفهم المقبل، وذلك في ظل دعم إماراتي كامل لتقدّمهم، لتوجّه أبوظبي رسالة واضحة برعايتها الانقلاب في الجنوب اليمني، في ظل ضبابية في موقف الرياض.
وأكدت مصادر محلية متطابقة في أبين لـ"العربي الجديد" أن مدينة زنجبار مركز المحافظة سقطت في أيدي قوات "الحزام الأمني" التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بعد أن هاجمت الأخيرة معسكر "الشرطة العسكرية" على طريق أبين-عدن، وخاضت اشتباكات مع أفراده قبل السيطرة عليه، إلى جانب قيامها بمحاصرة معسكر "قوات الأمن الخاصة"، والتي تعد القوة الأبرز لدى وزارة الداخلية، وأمهلت قيادة المعسكر 24 ساعة للاستسلام.
وفي الوقت الذي حلّقت فيه مقاتلات حربية، تابعة للتحالف، في سماء أبين، بالتزامن مع الحصار، انتهت لجنة وساطة بإقناع قائد "قوات الأمن الخاصة" محمد العوبان، بالانسحاب مع أفراده من داخل معسكر القوات الخاصة، الواقع في مركز المحافظة (زنجبار)، بعد مرور ساعات طويلة على حصار معسكره، بدا معها وكأن المعركة محسومة، في ظل غياب أي رد فعل مباشر من الجانب السعودي للوقوف في وجه تصعيد الانفصاليين.
ويمثّل سقوط أبين بيد الانفصاليين ضربة عميقة للشرعية، ولهادي على نحو خاص، باعتبارها المحافظة التي تمثّل مسقط رأسه، وعدد غير قليل من الطواقم الإدارية والعسكرية والأمنية في حكومته، ولكن سقوط المحافظة كان متوقعاً، في ظل المعطيات الأخيرة، التي وقفت فيها الإمارات بوصفها من تقود أو تتصدر واجهة التحالف جنوباً، بكل إمكاناتها، في صف الانفصاليين.
وانعكست أهمية أبين ورمزيتها السياسية في تصريحات مسؤولي الحكومة، إذ أعلن نائب وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي (القائم بأعمال الوزير)، أن "ما تشهده محافظة أبين من تصعيد غير مبرر من قبل قوات المجلس الانتقالي المدعومة من قبل الإمارات يُعدّ أمراً مرفوضاً وغير مقبول، سيعمل على تقويض وإفشال جهود الوساطة التي نقدرها كثيراً من قبل الأشقاء في السعودية". وأضاف "نرفض استمرار تقديم الدعم الإماراتي المالي والعسكري لقوات المجلس الانتقالي الخارجة عن القانون والدولة في اليمن، ونجدد المطالبة بإيقافه بشكل فوري وكامل".
بالتوازي برز موقف للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي أعرب في إحاطة لمجلس الأمن الدولي أمس عن قلقه جراء العنف في عدن وأبين، مندداً "بالجهود غير المقبولة التي يبذلها المجلس الانتقالي للسيطرة على مؤسسات الدولة بالقوة"، مضيفاً "من غير المقبول أن يستمر هذا الوضع، فمؤسسات الدولة لن تتمكن من تأدية عملها". ورأى غريفيث أن "التطورات في عدن وأبين تدل على تعقّد التحديات التي نواجهها في سعينا لتحقيق السلام، ولا يمكننا أن نقلل من أهمية المخاطر الناتجة عن هذه التطورات"، محذراً من أن "النسيج الاجتماعي اليمني في خطر ويمكن للعنف في أبين وعدن أن يتوسع إلى مناطق أخرى". كما حذر من خطر عودة المجموعات المتطرفة العنيفة، لافتاً إلى أن تنظيم "القاعدة" كان قد سيطر على مدن في أبين لفترة طويلة في الأعوام الأخيرة، مشيراً إلى أن الاضطرابات الأمنية ستسمح بمزيد من الأنشطة للجماعات المتطرفة.
من جهته، طالب المندوب اليمني في الأمم المتحدة، عبد الله علي فضل السعدي، في كلمة له خلال الجلسة، الإمارات بالوقف الفوري لدعمها المليشيات المسلحة، محمّلاً باسم الحكومة اليمنية "المجلس الانتقالي" وداعميه مسؤولية ما جرى في عدن، ومضيفاً "على الرغم من موافقتنا على المشاركة في مؤتمر جدة فإن المجلس الانتقالي واصل تصعيده".
من جانب آخر، يأتي تحرك الانفصاليين نحو أبين ليقدّم شكوكاً إضافية حول جدية التصريحات السعودية بالوقوف مع الحكومة اليمنية، إذ جاء بعد ساعات من الاجتماع الرئاسي اليمني بقيادة هادي يوم الإثنين الماضي، والإعلان عن اتفاق مع السعودية يقضي بالعمل على إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في عدن، بما في ذلك انسحاب مليشيات "المجلس الانتقالي الجنوبي" من المعسكرات والمؤسسات الحكومية.
وبينما كان التحالف بقيادة الرياض يقف متفرجاً على تمدد الانفصاليين في أبين، فإنه كان يعلن عن تدمير كهوف يستخدمها الحوثيون "في تخزين صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة" في صنعاء. وقال المتحدث باسم التحالف تركي المالكي، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الرسمية السعودية (واس) أمس، إن هذه العملية نُفذت مساء الإثنين وهي "امتداد للعمليات العسكرية النوعية السابقة لتدمير القدرات الحوثية وتحييد خطرها على الأمن الإقليمي والدولي". من جهتهم، أعلن الحوثيون أمس تنفيذ قصف صاروخي استهدف معسكراً للجيش اليمني في منطقة الصوح قبالة منطقة نجران السعودية، وسقوط ضحايا.
وعلى الصعيد نفسه، وضع تصعيد حلفاء أبوظبي في أبين، الرياض أمام اختبار محوري، لموقفها بين الرفض المعلن لما شهدته عدن ومحيطها، وبين عدم اتخاذ أي خطوات تمنع إكمال الانقلاب بالسيطرة في أبين على الأقل، في مقابل ما يتركه سقوط الأخيرة من ضربة متقدّمة للشرعية، التي تتحجج السعودية بأنها تحارب انقلاب جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ضدها منذ سنوات.
ومن أبرز الآثار المباشرة لتصعيد أبين، وضع المزيد من العقبات أمام "حوار جدة" الذي دعت إليه الرياض بين "الانتقالي" و"الشرعية"، إذ إن الأخيرة كانت تشترط انسحاب مليشيات الأول قبل أي مفاوضات، لكن ما حدث أكد الدعم غير المحدود للانفصاليين من قِبل الإمارات، لفرض سيطرتهم على المناطق الجنوبية لليمن، في ظل موقف سعودي ضبابي، لا يلغي وقوع المسؤولية المباشرة على الرياض.
من زاوية أخرى، يُعدّ توسع "الانتقالي" نحو أبين بمثابة مؤشر على أنه سيواصل خطواته التصعيدية لفرض سيطرته في المناطق الجنوبية، وبذلك، تصبح محافظة شبوة النفطية الهدف المقبل، في وقتٍ تبدو فيه الشرعية أضعف من أي وقتٍ مضى، وتركن إلى وعود السعودية، والأخيرة بنظر العديد من اليمنيين، إن لم تكن قد منحت أبوظبي الضوء الأخضر لوضع اللمسات الأخيرة على تقسيم اليمن، فإنها تظهر بموقف العاجز عن وقف عجلة "الانقلاب" ضد "الشرعية".