شهر على اتفاق الرياض: عقبات التنفيذ من عدن إلى أبين

06 ديسمبر 2019
"الانتقالي" يواصل حشد المزيد من القوات (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
بعد مرور شهر على توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية وما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، ما تزال عقبات التنفيذ تتصدر المشهد، بل انتقلت من التعثر بالمواعيد المحددة، بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة، إلى التحشيد العسكري في محافظة أبين، بوابة عدن الشرقية، خلال الـ72 ساعة الماضية. 

وأفادت مصادر محلية في أبين "العربي الجديد"، بأن "الانتقالي" واصل حشد المزيد من القوات من عدن ومحيطها لإرسالها إلى محافظة أبين، في أعقاب التوتر الذي شهدته المحافظة خلال الأيام الماضية، وأبرز خلالها الانفصاليون رغبة بالتنصل من مضامين الاتفاق الموقع من الحكومة، تتعدى وضع العقبات أمام التنفيذ، إلى التعزيز العسكري ميدانياً، بما يمكنه من الإبقاء على عدن ومحيطها تحت سيطرة قواته، كما هو عليه الآن. 

وكشفت المصادر عن ملابسات التصعيد الذي شهدته أبين، حيث كان من المقرر أن تتوجه قوة من اللواء الأول حماية رئاسية إلى عدن، قادمة من شبوة، بناءً على ما ينص عليه اتفاق الرياض، والذي يتضمن سحب القوات العسكرية إلى خارج عدن، باستثناء لواء من الحرس الرئاسي، وقوة أخرى في المقابل، تحمي قيادات "المجلس الاتنقالي". 

ووفقاً للمصادر، فإن التشكيلات المدعومة من أبوظبي، وعلى الرغم من الاتفاق مسبقاً، في إطار اللجنة العسكرية والأمنية، الذي ينص على عودة قوة الحماية الرئاسية، إلا أنه وقف في طريقها بعد وصولها إلى منطقة شقرة، وتعذر بأنها تتجاوز عدداً وعتاداً القوة المتفق بشأنها، لتعلن القوات الموالية له، والمعروفة بـ"الحزام الأمني"، حالة الاستنفار، وتستقدم دفعات تعزيزات متفرقة، خلال الأيام القليلة الماضية. 

وفيما تدخلت وساطة من القوات السعودية المتواجدة في عدن، وفريقها المعني بمتابعة تنفيذ اتفاق الرياض، لفرض حالة من التهدئة، تشير مجمل المعطيات الميدانية إلى أن الوضع يبقى مرشحاً للانفجار في أي لحظة، بالقرب من خطوط التماس بأبين، والتي يسيطر الموالون لـ"الانتقالي" على أغلب مناطقها، بما فيها مركز المحافظة زنجبار، في مقابل سيطرة قوات الشرعية على أجزاء أخرى محاذية لمحافظة شبوة.

واتهم "الانتقالي"، في بيان رسمي للمتحدث الرسمي باسمه نزار هيثم، الحكومة بـ"محاولة الخروج عن نص الاتفاق، ومن ذلك عملية التحشيد المستمرة باتجاه الجنوب"، وأضاف "المجلس يؤكد تمسكه بحقه في الدفاع عن أرضه، وعلى قدرته في التصدي وردع أي قوة تحاول تجاوز خطوط التماس الحالية، ويدعوها للانسحاب فوراً"، وهو تصريح يعزز توجه المجلس للحفاظ على سيطرته، خلافاً لاتفاق الرياض، الذي يتضمن دمج مختلف التشكيلات في إطاري وزارتي الدفاع والداخلية، وتسليم أمن المدن إلى قوات الشرطة". 

في المقابل، وفي أول تصريح من قبل مسؤول في الحكومة، حول التصعيد جنوباً، قال وزير النقل اليمني صالح الجبواني إن من وصفه بـ"مجلس المتمردين" في عدن يقوم بعملية تعبئة لقواته في عدن ويرسلها إلى مدينة زنجبار بمحافظة أبين، وقال إن المجلس "يتصرف كدولة في عدن، وهو ما لم يعمله أيام الوجود الإماراتي"، وأضاف أن "هذا يثير أكثر من تساؤل حول دور الجيش السعودي في عدن، ولماذا أتى إن لم يكن لنصرة الشرعية"، معتبراً أن "على السعودية تحديد خياراتها بوضوح قبل أن تغرق في رمال عدن المتحركة". 

 

من زاوية أخرى، جاء التحشيد العسكري في أبين، ليمثل تجلياً للعقبات التي تواجه تنفيذ الاتفاق المبرم بين الحكومة والمجلس، إذ تشكلت، الأسابيع الماضية، لجنة عسكرية وأمنية من ممثلين عن الطرفين، لتنفيذ الملحقين العسكري والأمني بالاتفاق، على صعيد الترتيبات في عدن، والانسحابات المطلوبة إلى ما قبل أغسطس/آب الماضي، ومع ذلك فإنها لم تتمكن، حتى اليوم، من قطع خطوات معتبرة، تتصل على الأقل، بتلك المحددة بـ15 يوماً و30 يوماً من توقيع الاتفاق. 

وعلى الضد من خطوات التنفيذ، فقد أظهرت مجمل تحركات قيادات الانتقالي، بما فيها رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، في عدن خلال الأيام الماضية، أن الوضع لا يسير بالاتجاه المرسوم بالاتفاق، والذي يتضمن جملة من الخطوات تعيد الحكومة إلى عدن في مقابل إشراك "الانتقالي" بحكومة جديدة. 

في السياق، أكمل الاتفاق، أمس الخميس، المهلة المحددة لتشكيل حكومة جديدة من 24 وزيراً خلال 30 يوماً، بعد أن تعرضت الخطوات المزمنة بالاتفاق لتجريف، ابتداءً من عودة رئيس الحكومة الذي نصت الاتفاقية على عودته إلى عدن خلال أسبوع من التوقيع وتأخر لأسبوعين، مروراً بالترتيبات الخاصة بالانسحابات العسكرية والأمنية من عدن، إلى ما قبل أحداث أغسطس/ آب الماضي، وهو ما يعني أن الاتفاق يواجه عقبات كبيرة، أبرز ملامحها تنصل أحد طرفيه من المقتضيات التنفيذية، وتحويله إلى شعارات وتصريحات، في حين ما يجري في الواقع يمضي في الاتجاه المعاكس.