وخلفت تصريحات جونسون زوبعة من الانتقادات للطريقة التي يدير بها حوار بريكست وتأليبه المستمر للشارع ضد البرلمان.
وكان عدد من النواب قد طالبوا رئيس الوزراء بـ"التخفيف من حدة لهجته" في مخاطبة معارضي سياسته، والتوقف عن اتهامهم "بالخيانة"، ووصف قانون منع بريكست من دون اتفاق بأنه "قانون الاستسلام"، لأنها "تشحن المتطرفين الذين يستخدمون مفرداته في تهديد حياتهم".
وكانت النائب عن حزب العمال باولا شيريف قد دعت جونسون إلى "التوقف عن التحريض"، مستدعية ذكرى زميلتها جو كوكس، والتي فقدت حياتها على يد يميني متطرف معارض للهجرة.
وكان رد جونسون أنه لم يسمع مثل هذا "الهراء" في حياته، موضحاً لها أن الطريقة المثلى لتكريم زميلتها تكون في "تطبيق بريكست".
وكانت كوكس قد اغتيلت قبل أسبوع من استفتاء بريكست الذي كانت تدافع فيه عن البقاء في الاتحاد الأوروبي. إلا أن النائب جيس فيليبس، عن حزب العمال، والمدافعة عن حقوق المرأة، ردت بالقول إن رسائل التهديد التي تتلقاها شخصياً تستوحي مفرداتها من خطابات جونسون.
وقالت إنها تلقت تهديداً بأن مصير من يفشلون في تطبيق بريكست هو "الموت في خندق"، وهو تعبير استخدمه جونسون لتأكيد رفضه المطلق لتأجيل موعد بريكست.
من جهته، قال نيكولاس سومس، النائب عن المحافظين، والذي فصله جونسون عن الحزب إضافة إلى 20 آخرين بعد تصويتهم ضد الحكومة قبل إغلاق البرلمان، إنه "فزع" من اللغة التي يستخدمها رئيس الوزراء، وإنها تعقد من إمكان تمرير بريكست في البرلمان.
وقال سومس، وهو حفيد رئيس الوزراء السابق ونستون تشرتشل: "لم أشعر أبداً بمثل هذا الجو المسموم. آسف جداً له، وأعتذر عنه. إني فزع جداً من اللغة التي شهدها مجلس العموم يوم أمس، ابتداء من ازدراء المدعي العام لقرار المحكمة العليا، كما أرى، وغياب التواضع والاعتراف بالذنب المنتظر من رئيس الوزراء".
ويسود إحباط في صفوف التيار الوسطي في حزب المحافظين، تيار "الأمة الواحدة"، من استراتيجية جونسون الحالية، مع وجود أصوات تدعو لاستبداله في حال فشل في التوصل لاتفاق بريكست.
ورغم أن نواب الحزب أبدوا تأييدهم لزعيمهم في جلسة أمس، نظراً لترقب الانتخابات العامة، إلا أن عدداً منهم أبدى إحباطه من تصرفات جونسون خلف الستار.
ونقلت صحيفة "ذا غارديان" عن عدد من النواب أنه أخلف بوعوده لهم بأن يحكم كرئيس وزراء وسطي، وأن يبتعد عن الأساليب "غير التقليدية"، مثل تعليق عمل البرلمان.
كما أبدى عدد منهم إحباطه من الطريقة التي يتعامل فيها معهم، حيث يقول إنه سيلتزم بالقانون، ومن ثم يسعى بعد ذلك للالتفاف عليه، ويرفض طلب تأجيل موعد بريكست.
وقال أحد النواب للصحيفة البريطانية: "ينمو الآن إحساس حقيقي بالكارثة بين نواب المحافظين، حتى أولئك الذين أرادوا منحه الفرصة. فيما يتعلق بالإغلاق البرلماني، كانت مقامرة وكانت محاولة فاشلة. أعتقد أنه قرار يجب عليه تحمل مسؤوليته".
وكانت آمبر رود، وزير العمل والتقاعد المستقيلة من حكومة جونسون، والتي تنتمي للتيار الوسطي في حزب المحافظين، قد وصفت جونسون على شاشة "آي تي في" بأنه "كاذب وخطير".
إلا أن جونسون، والمدعي العام، جيفري كوكس، وآخرين من أعضاء الحكومة، رفضوا تحمل المسؤولية في كلمتهم أمام البرلمان يوم أمس، بل هاجموا الجميع على أنهم سبب الفشل، فوصفوا قرار المحكمة العليا بـ"الخاطئ"، واتهموا البرلمان بأنه "ميت" و"يعرقل تطبيق إرداة الشعب الخروج من الاتحاد"، وطالبوا بالتوجه لانتخابات عامة فوراً.
وهو ما رد عليه زعيم العمال جيريمي كوربن بالقول إن الانتخابات العامة ستأتي بعد طلب جونسون تأجيل موعد بريكست من الاتحاد الأوروبي، قاطعاً بذلك الطريق على رئيس الوزراء، الذي أراد التصويت الثالث على تعديل موعد الانتخابات.
وينتظر أن يناقش البرلمان البريطاني اليوم تعليق عمل البرلمان لفترة قصيرة بداية الأسبوع المقبل، للسماح لنواب المحافظين حضور مؤتمر حزبهم العام السنوي. بينما كان حزبا العمال والديمقراطيين الليبراليين قد أجريا مؤتمريهما العامين خلال فترة الإغلاق.
ويستبعد أن يوافق البرلمان على الإغلاق مجدداً، وخاصة بعد التذرع بضرورة الانعقاد الدائم في هذه المرحلة الحرجة من بريكست.