إيران تعلن الخطوات "النهائية" من تقليص تعهداتها النووية

05 يناير 2020
الإعلان يأتي بعد اغتيال قاسم سليماني (عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت إيران، مساء اليوم الأحد، عن شروعها في تنفيذ خطوات المرحلة الخامسة "والنهائية" من تقليص تعهداتها النووية، وذكرت الحكومة أنها لن تبقى ملتزمة من الآن بأي قيود في إنتاج اليورانيوم ومستوى التخصيب والتطوير النووي، في تدبير يمكن اعتباره انسحاباً غير معلن من الاتفاق النووي الموقع مع الدول الكبرى في 2015.

وفيما أعلنت الحكومة، في بيان، إيقاف تنفيذ القيود الواردة في الاتفاق النووي، شددت على أنّ "برنامجها النووي لن يواجه أي قيود من الآن وسيتقدم وفق حاجاتنا الفنية". كما قالت إنها "ستواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما في السابق"، مضيفة أنه "في حال رفع العقوبات وتمتع إيران بمصالح الاتفاق النووي ستعود إلى تعهداتها النووية"​. كما أعلنت الحكومة الإيرانية أنها ستوقف، خلال المرحلة النهائية، القيود المفروضة على عدد أجهزة الطرد المركزي.

يشار إلى أن إيران كانت تشغل قبل التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، نحو 19 ألف جهاز للطرد المركزي، لكنها بموجب الاتفاق التزمت بألا يتجاوز عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها على 5060.

كما أكدت الحكومة الإيرانية، في بيانها، أنها بعد اتخاذ هذه الخطوة "لن تواجه من الآن في المجال العملياتي، أي قيود في مجالات كمية تخصيب اليورانيوم ومستوى التخصيب وإنتاج اليورانيوم المخصب والتطوير والبحث" النووي. وشددت الحكومة الإيرانية على أنها بعد إيقاف هذه القيود ستواصل برنامجها النووي "وفقا لحاجاتها الفنية".

إلا أنها أعلنت في الوقت ذاته، أن طهران "ستواصل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما في السابق"، مشددة على أنها "ستعود إلى تنفيذ تعهداتها النووية في حال رفع العقوبات واستفادة إيران من منافع الاتفاق النووي".

وأضافت الحكومة الإيرانية أن "على هيئة الطاقة الذرية (الإيرانية) القيام بإجراءات وتحضيرات لازمة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية في هذا الإطار"، الذي أعلن عنه في البيان.

وبدوره، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في تغريدة على "تويتر"، إنّ "المرحلة الخامسة والأخيرة من خفض تعهدات إيران بالاتفاق النووي جاءت وفقاً للبند الـ36 بالاتفاق"، مؤكداً أنه "لن تكون هناك أي قيود في عدد أجهزة الطرد المركزي".

واعتبر أنّ هذه المرحلة "تأتي في إطار الاتفاق النووي"، مشدداً في الوقت نفسه على أنه "يمكن العودة عن جميع المراحل والخطوات المتخذة في حال قامت بقية الأطراف بتنفيذ مؤثر لتعهداتها". ​ كما أكد ظريف أن بلاده "ستواصل تعاونها الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

ويمكن اعتبار هذا التصعيد الإيراني في الملف النووي، جزءاً من ردة الفعل على اغتيال قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، إذ كشف المتحدث باسم الخارجية الإيراني، عباس موسوي، اليوم الأحد، خلال مؤتمره الصحافي، أن بلاده كانت قد اتخذت قرارها بشأن خطوات المرحلة الخامسة مسبقاً، لكن "ستطاولها تغييرات بعد الأحداث الأخيرة"، في إشارة إلى اغتيال سليماني.

وقال موسوي إنّ السلطات الإيرانية ستعقد "اجتماعاً مهماً"، الليلة، لاتخاذ القرار بشأن المرحلة الخامسة من خفض التعهدات النووية. وهو ما حدث بالفعل وتمخض عنه البيان الذي أصدرته الحكومة الإيرانية.

وتأتي هذه الخطوة الإيرانية بعد مقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي" جمال جعفر، المعروف باسم "أبو مهدي المهندس"، برفقة خمسة عناصر من "الحشد"، وأربعة آخرين من أعضاء "فيلق القدس"، بضربة أميركية وجّهتها طائرات "أباتشي" في مطار بغداد الدولي، بعملية سمّتها مصادر أميركية "البرق الأزرق"، فجر الجمعة.

وتوعّدت السلطات الإيرانية بردّ "قاسٍ" على "الجريمة" الأميركية، مع إعلان الحداد العام ثلاثة أيام في البلاد.

كما يأتي الإعلان الإيراني عشية انتهاء مهلة الستين يوماً الرابعة، والتي منحتها سابقاً طهران للأطراف الأوروبية للوفاء بتعهداتها الاقتصادية لدعم موقفها في مواجهة العقوبات الأميركية، بعد الانسحاب الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق في مايو/ أيار 2018.

يشار إلى أنّ إيران قد نفذت حتى الآن أربع مراحل من تقليص تعهداتها النووية، وآخرها نفذتها في السادس من سبتمبر/أيلول، شملت تفعيل "منشأة فوردو" النووية الحساسة، مانحة مهلة رابعة لمدة شهرين لتنفيذ مطالبها المتمثلة في تسهيل بيع نفطها ومعاملاتها المالية والمصرفية.
وطاولت المراحل الثلاث أيضاً رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.76% وإنتاج المياه الثقيلة ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 4.5%، أي أكثر من 3.67%، المنصوص عليه في الاتفاق النووي، ورفع جميع القيود الزمنية الواردة في الاتفاق بشأن إجراء البحث والتطوير حول أجهزة الطرد المركزي، وتشغيل أجهزة متطورة جديدة.

رضائي: ردنا العسكري "حتمي"

إلى ذلك، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الأميرال علي شمخاني، مساء اليوم الأحد، أنّ "ردنا سيكون عسكرياً حتماً لكنه لن يقتصر على الإجراءات العسكرية"، مؤكداً أن الولايات المتحدة الأميركية ستعلم أنّ اغتيال الجنرال سليماني "سيكون أخطر عليهم من وجوده حياً".

وجاءت تصريحات شمخاني، في لقاء جمعه مع مستشار الأمن القومي للنظام السوري علي مملوك، في العاصمة الإيرانية طهران. وعزا مملوك سبب زيارته إلى طهران إلى تكليف من قبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لنقل تعازيه بمقتل قائد "فيلق القدس".

وأشار شمخاني إلى إقرار البرلمان العراقي قانوناً يلزم بإخراج القوات الأميركية من العراق، قائلاً إنّ "الحكومة والبرلمان والشعب في العراق تقدموا في الانتقام من أميركا"، معتبراً هذا الإجراء و"التشييع الحاشد" لجثمان سليماني في العراق "صفعة قوية لترامب وفريقه الإجرامي".

وأكد شمخاني أنه بعد إبلاغ القانون حول إخراج القوات الأميركية "سيصبح استمرار وجودها احتلالياً"، مشيراً إلى أن اغتيال سليماني ورفاقه عزز "الانسجام والوحدة في إيران والعراق وحقق المزيد من الوحدة بين شعبي البلدين".

من جانبه، ردّ أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران الجنرال محسن رضائي، على تهديدات الرئيس الأميركي بمهاجمة إيران، قائلاً خلال حفل تأبين للجنرال سليماني في طهران، إن بلاده "اذا ما تعرضت لهجوم أميركي ستسوي حيفا والمراكز الإسرائيلية المهمة بالأرض".


واعتبر رضائي وهو القائد العام الأسبق للحرس الثوري الإيراني، أنّ اغتيال سليماني "مؤامرة جديدة"، مضيفاً أنّ بهذا الاغتيال "قد هوجم الشعبان الإيراني والعراقي وجبهة المقاومة"، ليؤكد أن "جميع القوات الأميركية ستطرد قريباً من المنطقة" رداً على هذا الهجوم.
وشدد رضائي على أنّ بلاده "جادة ولن تتردد في الانتقام من ترامب وجنوده"، خاتماً بالقول إنه بعد رد إيران "إذا رددتم علينا بالهجوم فلتطمئنوا بأننا سنسوي حيفا والمراكز الإسرائيلية المهمة بالأرض".