تأخر اجتماع "المجلس الجنوبي" في اليمن... بين الترتيبات الداخلية وتأثيرات الأزمة الخليجية
لأكثر من مرة، يتم الإعلان عن قرب اجتماع لما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" في اليمن، إلا أن الاجتماع تأجل لأسباب غير واضحة، وسط تباين التفسيرات، بين من يربط ذلك بترتيبات داخلية، وبين من يربطها بالأزمة الخليجية التي تصاعدت فجأة، لتخطف الأضواء من المجلس الذي يتبنى انفصال جنوب اليمن، ويتلقى دعماً واضحاً من الإمارات.
وأكدت مصادر يمنية مقربة من "المجلس الانتقالي" في عدن، لـ"العربي الجديد"، أن الاجتماع، الذي كان من المقرر أن يُعقد في مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت شرقي البلاد، لا تزال تحضيراته جارية، مشيرة إلى حصول "إرباك" وتطورات أدت إلى تأجيل موعد الاجتماع، الذي كان من المقرر أن يعقد الثلاثاء الماضي، بعد أن سبقه تطور مثير، تمثل بمغادرة محافظي ثلاث محافظات، بينهم محافظ حضرموت، أحمد بن بريك، إلى السعودية بدعوة من الرياض. وليست المرة الأولى، التي يجري فيها تأجيل الاجتماع لأسباب غير واضحة، إذ أكدت مصادر مقربة من المجلس، في وقت سابق، أن اجتماعاً كان من المقرر أن يشارك فيه جميع أعضاء المجلس، المؤلف من 26 عضواً بقيادة عيدروس الزبيدي، كان من المقرر أن يعقد بداية شهر رمضان، إلا أنه تم تأجيله، ليتم الحديث لاحقاً عن اجتماع حضرموت، الذي تأجل هو الآخر، لكن القيادات الجنوبية تصرح بأن التأجيل لا يعني الإلغاء.
وفي أحدث التصريحات المرتبطة بالاجتماع، هاجم نائب رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي"، هاني بن بريك، من وصفهم بأنهم "يفرحون" بتأخير الاجتماع. وقال في تغريدة، على صفحته الشخصية في سياق رده على الانتقادات بتأخير الاجتماع، إنه "كلما زاد فرحهم (أي من ينتقد المجلس) بتأخر الاجتماع، أيقنت أنهم يسهمون في بزوغ فجر الجنوب، وأنهم يقدمون لنا دعاية دولية مجانية، تسهم في إظهار المجلس قوياً منذ الولادة".
وكان "المجلس الانتقالي الجنوبي" قد تألف بدعم وثيق من أبوظبي (وربما بضوء أخضر من دول حليفة لها)، في 11 مايو/أيار الماضي، وذلك بعد أسبوع من صدور ما سُمي بـ"إعلان عدن التاريخي"، وهو عبارة عن "تفويض" جماهيري، أعقب تظاهرة شهدتها مدينة عدن. وفوض الإعلان محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، بتشكيل قيادة سياسية لتمثيل وإدارة جنوب يمني منفصل عن الشمال. وعقب يوم واحد من إعلان تشكيل المجلس، توجه الزبيدي ونائبه هاني بن بريك، إلى السعودية، لتدخل التطورات في مرحلة جمود مؤقت، إذ استمرت الزيارة للسعودية لمدة أسبوع، انتقلا بعدها إلى الإمارات، الذي يعتبر يمنيون أنها المهندس الأول للمجلس. وعلى غير ما كان متوقعاً بأن تنتهي الزيارة، استمرت زيارة الزبيدي وبن بريك إلى أبو ظبي حتى اليوم، وإن كانت قد تخللتها زيارة غير معلنة للزبيدي إلى العاصمة المصرية القاهرة، عاد بعدها إلى أبو ظبي.
وأثار الجمود الذي دخلت به أزمة جنوب اليمن، عقب سفر الزبيدي وبن بريك، تساؤلات عديدة، حول السبب الذي أخر انعقاد المجلس بكامل أعضائه. وعوضاً عن ذلك، فإنه عقد اجتماعاً واحداً فقط، بغياب رئيسيه، وذلك في 13 مايو/أيار الماضي. وتتباين التفسيرات والتسريبات حول أسباب تأخر انعقاد "الانتقالي"، إذ يربطها متابعون بترتيبات داخلية في إطار التحالف عموماً ووضع جنوب اليمن على نحو خاص. وسواء كان رئيس المجلس في الرياض أو أبوظبي، فإنه لا يزال مصراً على هدف الانفصال عن الشمال، وإقامة دولة في جنوبي اليمن، بناءً على الحدود الشطرية لما قبل توحيد البلاد في العام 1990. ومن زاوية أخرى، ينظر متابعون إلى الارتباك الحاصل في جنوب اليمن، بأنه قد لا يكون بعيداً عن الأزمة الخليجية التي بدأت بحملة "شعواء" ضد قطر، تطورت إلى مقاطعة وحصار، لتصبح الموضوع الأول على مستوى المنطقة، ما خطف الأضواء عن التطورات في اليمن. وإذا كانت أبو ظبي المحور الأول إقليمياً بالتأثير على الوضع في جنوب اليمن، فإنها محور هام في تطورات الأزمة مع قطر، ما يفتح التساؤلات، عن نوع الأثر المحتمل للأزمة على مسار الأوضاع في اليمن، في ظل التأثيرات الخارجية المباشرة منذ بدء عمليات التحالف العربي، بقيادة السعودية، قبل أكثر من عامين.