"6 إبريل" تتحدى القمع بانطلاقتها الحادية عشرة: استرداد مصر بإزاحة الظلم

07 ابريل 2018
الحركة تتمسك بمواصلة النضال (جانلويجي غورسيا/ فرانس برس)
+ الخط -

ما بين حبيس ومطارد ومهجر، هكذا انتهى الحال بمعظم أعضاء حركة "شباب 6 إبريل" المصرية، التي تعاني كغيرها من جبهات المعارضة السلمية، من موجة قمع أمني غير مسبوقة، أدت إلى سجن عدد من كوادرها، غير أنها تمسكت في إعلان انطلاقتها الحادية عشرة بـ"مواصلة النضال" حتى العودة إلى المسار الديمقراطي، مؤكدة أن "إزاحة الظلم هي السبيل الوحيد لاستعادة الوطن".

وتعود تسمية الحركة، التي تصنف نفسها بـ"الليبرالية المعتدلة"، إلى إضراب عمال شركة غزل المحلة (حكومية)، في 6 إبريل/ نيسان 2008، احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية إبان عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، إذ لعبت الحركة دوراً بارزاً في المشهد السياسي خلال السنوات التالية، بخاصة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، ومثلت أحد الأطراف الفاعلة في دعوات ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.


وفي أعقاب دهس العمال صورة كبيرة لمبارك بأحذيتهم، في مشهد تحول فيما بعد إلى إحدى أيقونات الثورة، تبنت الحركة دعوة إلكترونية للعصيان المدني احتجاجاً على انتشار الفساد، وموجة الغلاء آنذاك، ولاقت الدعوة استجابة كبيرة بين قطاعات واسعة من الشباب، لتساهم "6 إبريل" مع حركات معارضة أخرى في خلخلة نظام سياسي، كان يوصف بـ"القوي" حتى إسقاطه مع اندلاع شرارة الثورة المصرية.

وعارضت الحركة كافة الأنظمة السياسية الحاكمة منذ نشأتها، بدءاً من نظام مبارك الاستبدادي، مروراً بالفترة الانتقالية التي تولى فيها المجلس العسكري مقاليد الحكم، وفترة حكم الرئيس المنتخب شرعياً محمد مرسي، المحسوب على جماعة "الإخوان المسلمين"، ووصولاً إلى الانقلاب العسكري عليه في 3 يوليو/ تموز 2013، وما تلاه من إجراءات قمعية، تُوجت بتولي قائد الجيش، عبد الفتاح السيسي، مقاليد البلاد.

دعم مرسي
وشهدت الحركة انشقاقاً، عندما أعلن مؤسسها أحمد ماهر، وعدد كبير من أعضاء الحركة، دعمهم مرسي في جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة للعام 2012، إذ رفض قطاع من الحركة انتخاب "الرئيس الإخواني"، وشكلوا ما عُرفت فيما بعد بـ"الجبهة الديمقراطية"، مقابل "جبهة أحمد ماهر"، إلا أن الجبهتين طاولتهما معاً حملات التشويه، واتهامات العمالة، وتلقي التمويلات من المنظمات الأجنبية.

إلا أن خلافاً نشب بين "جبهة ماهر"، والرئيس مرسي، إثر تعديلات دستورية أجراها الأخير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، اعتبرتها الحركة "توسعاً في صلاحيات رئاسية، تؤدي إلى الانفراد بالسلطة". وفي تحول لافت، دعت الحركة إلى تظاهرات ضد مرسي أمام قصر الاتحادية الرئاسي، واعتصام في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، رفضاً للتعديلات الدستورية.



حظر الحركة
وعقب الانقلاب العسكري، أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، في إبريل/ نيسان 2014، حكماً بحظر أنشطة الحركة، والتحفظ على مقارها، وممتلكاتها، وأي هيئة أو منظمة تنتمي إليها، أو تنبثق منها، أو منشأة بأموالها، بزعم أن الحركة "تعمل لمصلحة جهات أجنبية ضد مصلحة الوطن، بغرض تهديد الأمن العام، والسلم الاجتماعي، وتهديد المواطن في حياته الخاصة والعامة".

ومع توسع السيسي في إجراءاته الأمنية، استبدلت الحركة فعالياتها في الشارع بـ "مناوشات" على منصات التواصل الاجتماعي، عقب سجن الكثير من أعضائها، ولعل أبرزهم المنسق العام للحركة، عمرو علي، الذي قُبض عليه في 22 سبتمبر/ أيلول 2015، ويواجه حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وأعضاء المكتب السياسي للحركة، شريف الروبي، ومحمود هشام، وأيمن عبد المجيد، ومحمد نبيل، لاتهامهم بالتظاهر من دون تصريح.

عقاب مؤسسها
وفي مطلع يناير/ كانون الثاني 2017، أفرجت السلطات المصرية عن ماهر، بعد قضائه ثلاث سنوات داخل السجن، بدعوى مخالفته وآخرين قانون التظاهر في أحداث "مجلس الشورى"، إلا أنه مطالَب بأداء عقوبة مراقبة تكميلية لثلاث سنوات أخرى، يسلم خلالها نفسه يومياً إلى مركز الشرطة التابع له، منذ السادسة مساءً، وحتى السادسة صباحاً، بزعم "ضمان عدم عودته إلى الأفعال التي عوقب بسببها".

وبحسب تدوينة أخيرة لماهر، فإن "يوم 6 إبريل 2008 كان إحدى شرارات الثورة، وإنذاراً بأن الجماهير قد تخرج فجأة من دون تنظيمات سياسية، على رغم الحصار، والرقابة، وتأميم الحياة السياسية". متابعاً: "لم يستمع أحد وقتذاك، فتكرر الخروج بشكل أكبر، وأشمل، وأعظم، في ثورة 25 يناير... تحية لكل من انتقدنا، ولفت نظرنا إلى أخطاء أو تقصير، وكل من حاول النصح والإصلاح... ونعتذر لو كان ردنا عنيفاً أو غاضباً في يوم من الأيام".



النضال مستمر
بدوره، قال المتحدث باسم حركة "الجبهة الديمقراطية"، شريف الروبي، في تغريدة له على موقع "تويتر": "6 إبريل مستمرة في طريقها حركةَ نضال شعبي، تجابه النظام السياسي، الذي يعمل على التضييق على الحقوق والحريات الخاصة للشعب المصري... أمور التضييق الأمني والسياسي لن تحيد الحركة عن طريق الشارع السياسي، على رغم كل ما يتعرض له أعضاؤها منذ تأسيس الحركة قبل عشر سنوات".

من جهته، كتب مسؤول الشباب السابق في حملة السيسي، حازم عبد العظيم، قائلاً: "تحية لشباب 6 إبريل، سواء الذين داخل السجون، أو خارجها... أعتذر عن مهاجمتكم في فترة من الفترات اختلطت بها الأمور، وكانت شديدة الضبابية، والعصبية السياسية... الأمور حالياً باتت واضحة تماماً بعد سبع سنوات... من النظيف، ومن القذر... ومن الخائن، ومن الظالم... دولة الظلم ساعة".

أوضاع مؤسفة
وقالت الحركة، في بيان صادر عنها، إن انطلاقتها الحادية عشرة "تأتي وسط أوضاع مؤسفة، ومخزية، تعيشها مصر على جميع المستويات، اجتماعياً، وسياسياً، واقتصادياً، وتراجع حاد لمكانتها في المنطقة والعالم... وجهد دؤوب من النظام في إفقار البلاد والعباد، وتقزيم دور مصر التاريخي... وسعي محموم نحو زيادة رقعة الاحتقان الداخلي، ومضاعفة أعداد المعتقلين، والمختفين قسرياً".

وأضافت الحركة: "لا ننسى تفريط النظام، الذي يتذرع دوماً بخلفيته العسكرية، ودفاعه عن الأرض، في جزء أصيل من خريطة الوطن (جزيرتي تيران وصنافير)، بل واعتقاله الشرفاء المعترضين على هذا التفريط... في تدنٍ لم يسبق لنظام، وتضييق لا مثيل له... وإغلاق للمجال العام بصورة لا تضاهيها سوءاً سوى ستينيات القرن الماضي... إن لم يكن أسوأ".

انتخابات هزلية
وتابعت: "انتخابات رئاسية، لا يسع المراقب سوى أن يصفها بالهزلية، بدءاً من استدعاء مرشح مغمور في اللحظات الأخيرة، وحتى عملية التصويت، والإعلان المسرحي عن النتيجة، لا لشيء سوى لكي يُرضي النظام غروره، ويُقنع نفسه بشعبية زائفة لحكمه ولقراراته الخانقة".
وزادت الحركة: "على مدار عشر سنوات، ناضلت الحركة من أجل مصر، وشعبها، ولسنوات أخرى قادمة سنستمر في محاولاتنا، لكي تسترد مصر مكانتها الحقيقية التي تستحقها، ولكي يعيش هذا الشعب الحياة الكريمة التي تليق به تلبيةً لنداء ثورة يناير... عيش، وحرية، وكرامة إنسانية، وعدالة اجتماعية".

وتعهدت الحركة بمواصلة نضالها خلال السنوات القادمة، إلى حين العودة إلى المسار الديمقراطي، باعتبار أن "مصر هي وطن يتسع للجميع، وأن التسامح، والتعايش السلمي بين جميع المصريين، وإزاحة الظلم عن المظلومين، هي السبيل الوحيد لاستعادة الوطن"، مختتمة بالقول: "ليس بالظلم تُبنى الأوطان، وإنما بالعدل والعدالة".

المساهمون