أنهى وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، يوم الثلاثاء الماضي، زيارة وصفت بالناجحة إلى العاصمة السودانية الخرطوم، أكد خلالها حرص بلاده على العمل لإعادة إدماج السودان في المجتمع الدولي، عقب تشكيل الحكومة المدنية في البلاد.
وتعد زيارة ماس الأرفع لمسؤول أوروبي يزور السودان منذ سقوط نظام عمر البشير في إبريل/نيسان الماضي. وتجول ماس خلال الزيارة في ساحة اعتصام محيط قيادة الجيش بالعاصمة، والتي شهدت في 3 يونيو/حزيران الماضي مصرع أكثر من 100 معتصم بعملية فضّ عسكرية، وأشاد بسلمية الثورة السودانية وعدم لجوئها إلى العنف، كما التقى كلاً من رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مؤكداً قبل مغادرته "ضفاف النيلين" استمرار دعم برلين للسودان، والذي قال إنه سيبدأ بخمسة ملايين يورو ويصل مستقبلاً إلى 15 مليون يورو سنوياً. كذلك تعهّد رئيس الدبلوماسية الألمانية بمناقشة طرق تنمية التعاون التنموي بين برلين والخرطوم، مع العمل الجاد على شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والتي وضعته فيها الإدارة الأميركية عام 1993. كذلك أكد حرص بلاده على مساعدة السودان في تحقيق السلام.
وتعد زيارة ماس الأرفع لمسؤول أوروبي يزور السودان منذ سقوط نظام عمر البشير في إبريل/نيسان الماضي. وتجول ماس خلال الزيارة في ساحة اعتصام محيط قيادة الجيش بالعاصمة، والتي شهدت في 3 يونيو/حزيران الماضي مصرع أكثر من 100 معتصم بعملية فضّ عسكرية، وأشاد بسلمية الثورة السودانية وعدم لجوئها إلى العنف، كما التقى كلاً من رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مؤكداً قبل مغادرته "ضفاف النيلين" استمرار دعم برلين للسودان، والذي قال إنه سيبدأ بخمسة ملايين يورو ويصل مستقبلاً إلى 15 مليون يورو سنوياً. كذلك تعهّد رئيس الدبلوماسية الألمانية بمناقشة طرق تنمية التعاون التنموي بين برلين والخرطوم، مع العمل الجاد على شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والتي وضعته فيها الإدارة الأميركية عام 1993. كذلك أكد حرص بلاده على مساعدة السودان في تحقيق السلام.
وتستضيف ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية الأخرى، منذ سنوات، عدداً من زعماء الحركات السودانية المتمردة، من أهمهم رئيس حركة تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، ورئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم.
اقــرأ أيضاً
ويأتي التوجه الأوروبي نحو السودان عكس ما كان يحدث خلال حكم عمر البشير، حين امتنع جميع الدبلوماسيين الأوروبيين والأميركيين عن إجراء أي لقاء مباشر مع الأخير أو مشاركته اجتماعاً واحداً، بما في ذلك القمم الدولية والإقليمية، وذلك منذ أن وجهت المحكمة الجنائية الدولية له تهمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في 2009، عطفاً على الحرب التي كانت تدور في إقليم دارفور منذ 2003.
ولم يقتصر الاهتمام الغربي بالتطورات في السودان لجهة الدول وحدها، بل تقدمت منظمات دولية عدة خطوات للأمام نحو هذا البلد، إذ أعلن يوم الجمعة الماضي في الخرطوم عن زراعة مليون فدّان ضمن مشروع الزراعة المتكامل في أربع ولايات عبر منحة من الصندوق الدولي للتنمية "إيفاد" بمبلغ 47 مليون دولار.
على صعيد آخر، من المتوقع مشاركة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، للمرة الأولى، في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر/ أيلول الحالي، وهي الاجتماعات ذاتها التي كان يُمنع من حضورها البشير.
ويعزو القيادي في حركة "الإصلاح الآن" فتح الرحمن فضيل، الانفتاح الغربي نحو السودان، إلى رحيل البشير شخصياً، لأن الأخير كان العقبة الكبرى في طريق تطوير الخرطوم لعلاقاتها الخارجية. وأشار فضيل في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن مدى استفادة السودان من ذلك الانفتاح يرتبط أولاً وأخيراً بحسن إدارة حكومة حمدوك وتوجيه الانفتاح لتحقيق مصالح السودان العليا، مشيراً إلى أن الدول الأوروبية لن ترضى بذهاب نظام البشير فقط، إنما ستضع حزمة من المطالب والشروط للمضي قدماً في تحسين علاقتها مع السودان، ومنها تحقيق السلام مع الحركات المتمردة، بأسرع ما يمكن حتى يلتحق هذا البلد بالمنظومة الدولية.
ورفض فضيل المراهنة على الدعم المالي المباشر من الغرب للسودان، معتبراً أن الرهان الأساسي يجب أن يكون على "تحقيق السلام ووضع استراتيجية داخلية لإنقاذ الاقتصاد".
في المقابل، أعرب السفير السابق في وزارة الخارجية السودانية، الطريفي كرمنو، عن اعتقاده بـ"وجود فرص عديدة للاستفادة من الانفتاح الغربي، من ضمنها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاؤه من الديون".
وأوضح كرمنو في حديث لـ"العربي الجديد" أن التطورات الداخلية في البلاد والترحيب الداخلي بقيام الحكومة المدنية هو الذي شجع الأوروبيين على التوجه نحو السودان، مشيراً إلى أن الانفتاح ليس محصوراً في فرنسا وألمانيا وحدهما، بل أيضاً ببريطانيا التي يتوقع أن يزورها حمدوك قريباً.
أما رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين، فتح الرحمن أحمد، فرأى أن الدول الأوروبية لديها قناعة كافية بأهمية وجود شراكة مع السودان في ملفات مهمة، مثل ملف الهجرة السرية ومكافحة الإرهاب، وأداء دور إيجابي في تحقيق الأمن في دول مجاورة للسودان، خاصة الدول التي لأوروبا نفوذ تاريخي فيه.
وأضاف أحمد لـ"العربي الجديد" أن الصراع الأميركي - الصيني على أفريقيا دفع الأوروبيين إلى اعتماد الخشية والحذر، لا سيما من هذا التطاحن الذي قد تضيع فيه مصالحهم في القارة، لافتاً إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تؤمن بسياسة التعاطي الجماعي مع القضايا الإقليمية، كما أن إعجاب كل من ألمانيا وفرنسا بالثورة السودانية والإجماع الشعبي على الحكومة الجديدة يدفع هذين البلدين لبناء علاقات تحظى أيضاً مع الخرطوم بإجماع شعبي، هذا فضلاً عن اهتمام فرنسا وألمانيا بقضية دارفور التي تؤثر على دول غرب أفريقيا. واعتبر أن كل طابع التواصل الأوروبي مع السودان غرضه استكشاف رؤى ومواقف حكومة حمدوك لتحدد مقابلها هذه الدول مواقفها المستقبلية.
وأكد رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين أن أمام السودان خيارات عدة للحراك الدبلوماسي، سواء مع أوروبا أو الولايات المتحدة أو الدول العربية والأفريقية والآسيوية، وهذا ما يقود في النهاية إلى الخروج من عزلة 30 عاماً.
وبعد ساعات من انتهاء الزيارة الألمانية، اجتمع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بالسفيرة الفرنسية بالخرطوم، إيمانويل بلاتمان، التي سلمته دعوة رسمية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة باريس، من أجل عقد مباحثات ثنائية لبحث سبل الدعم الذي يمكن أن تقدمه باريس للخرطوم خلال المرحلة المقبلة. وأكدت السفيرة الفرنسية عقب اللقاء، "اهتمام فرنسا الكبير بما جرى من تطورات في السودان بعد نجاح الثورة السلمية التي أطاحت نظام البشير"، مشيرة إلى رغبة باريس في "تقديم كل ما هو ممكن للحكومة المدنية الجديدة". من جهته، أكد حمدوك استعداده لتلبية الدعوة، لمكانة باريس الدولية وثقلها السياسي، وفرص التعاون الاقتصادي معها.
ولم يقتصر الاهتمام الغربي بالتطورات في السودان لجهة الدول وحدها، بل تقدمت منظمات دولية عدة خطوات للأمام نحو هذا البلد، إذ أعلن يوم الجمعة الماضي في الخرطوم عن زراعة مليون فدّان ضمن مشروع الزراعة المتكامل في أربع ولايات عبر منحة من الصندوق الدولي للتنمية "إيفاد" بمبلغ 47 مليون دولار.
على صعيد آخر، من المتوقع مشاركة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، للمرة الأولى، في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر/ أيلول الحالي، وهي الاجتماعات ذاتها التي كان يُمنع من حضورها البشير.
ويعزو القيادي في حركة "الإصلاح الآن" فتح الرحمن فضيل، الانفتاح الغربي نحو السودان، إلى رحيل البشير شخصياً، لأن الأخير كان العقبة الكبرى في طريق تطوير الخرطوم لعلاقاتها الخارجية. وأشار فضيل في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن مدى استفادة السودان من ذلك الانفتاح يرتبط أولاً وأخيراً بحسن إدارة حكومة حمدوك وتوجيه الانفتاح لتحقيق مصالح السودان العليا، مشيراً إلى أن الدول الأوروبية لن ترضى بذهاب نظام البشير فقط، إنما ستضع حزمة من المطالب والشروط للمضي قدماً في تحسين علاقتها مع السودان، ومنها تحقيق السلام مع الحركات المتمردة، بأسرع ما يمكن حتى يلتحق هذا البلد بالمنظومة الدولية.
ورفض فضيل المراهنة على الدعم المالي المباشر من الغرب للسودان، معتبراً أن الرهان الأساسي يجب أن يكون على "تحقيق السلام ووضع استراتيجية داخلية لإنقاذ الاقتصاد".
في المقابل، أعرب السفير السابق في وزارة الخارجية السودانية، الطريفي كرمنو، عن اعتقاده بـ"وجود فرص عديدة للاستفادة من الانفتاح الغربي، من ضمنها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاؤه من الديون".
أما رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين، فتح الرحمن أحمد، فرأى أن الدول الأوروبية لديها قناعة كافية بأهمية وجود شراكة مع السودان في ملفات مهمة، مثل ملف الهجرة السرية ومكافحة الإرهاب، وأداء دور إيجابي في تحقيق الأمن في دول مجاورة للسودان، خاصة الدول التي لأوروبا نفوذ تاريخي فيه.
وأضاف أحمد لـ"العربي الجديد" أن الصراع الأميركي - الصيني على أفريقيا دفع الأوروبيين إلى اعتماد الخشية والحذر، لا سيما من هذا التطاحن الذي قد تضيع فيه مصالحهم في القارة، لافتاً إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تؤمن بسياسة التعاطي الجماعي مع القضايا الإقليمية، كما أن إعجاب كل من ألمانيا وفرنسا بالثورة السودانية والإجماع الشعبي على الحكومة الجديدة يدفع هذين البلدين لبناء علاقات تحظى أيضاً مع الخرطوم بإجماع شعبي، هذا فضلاً عن اهتمام فرنسا وألمانيا بقضية دارفور التي تؤثر على دول غرب أفريقيا. واعتبر أن كل طابع التواصل الأوروبي مع السودان غرضه استكشاف رؤى ومواقف حكومة حمدوك لتحدد مقابلها هذه الدول مواقفها المستقبلية.
وأكد رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين أن أمام السودان خيارات عدة للحراك الدبلوماسي، سواء مع أوروبا أو الولايات المتحدة أو الدول العربية والأفريقية والآسيوية، وهذا ما يقود في النهاية إلى الخروج من عزلة 30 عاماً.