وكما دأب دائماً خلال اجتماعاته بالقادة الأفارقة، حرص رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التأكيد أمام آبي أحمد على "الطاقة الكامنة" في التعاون الأمني والاستخباري مع إثيوبيا، إلى جانب تشديده على استعداد تل أبيب لتقديم مساعدات تقنية وفنية في العديد من المجالات.
ولفت نتنياهو أنظار ضيفه الأثيوبي إلى أنه بإمكان أديس أبابا أن تستفيد من القدرات الأمنية التي طورتها تل أبيب.
إلى جانب ذلك، فإن وجود عدد كبير من اليهود الذين تم نقلهم من إثيوبيا للاستيطان في إسرائيل يزيد من أهمية العلاقة بين أديس أبابا وتل أبيب، إذ إن إسرائيل معنية بمواصلة نقل ما تبقى من يهود هناك، في إطار "جمع العائلات".
وفي مسعى لتوظيف الزيارة انتخابياً، حرص نتنياهو على حضور ممثلين عن اليهود الإثيوبيين في حفل الاستقبال الذي نظّمه لآبي أحمد، لا سيما في أعقاب الاحتجاجات العنيفة التي نظّمها هؤلاء قبل 3 أشهر رداً على عمليات التمييز العرقي التي تمارس ضدهم.
وفي خطوة هدفت إلى دحض الاتهامات التي يوجهها له قادة اليهود الإثيوبيين بأنه يتجاهل قضية المستوطن من أصول أثيوبية أبراهام منغستو، الذي تأسره حركة "حماس"، حرص نتنياهو على تنظيم لقاء بين آبي أحمد وعائلة منغستو، التي طلبت منه التدخل من أجل إطلاق سراحه.
لكن على الرغم من حرص نتنياهو في ظل وجود آبي أحمد على التأكيد على "الطاقة الكامنة" في مجال التعاون الاقتصادي والأمني مع إثيوبيا، إلا أن الهدف الرئيس الذي تسعى تل أبيب لتحقيقه من حرصها على توثيق العلاقة مع أديس أبابا هو محاولة دفعها لتغيير أنماط تصويتها في المنظمات الدولية، لتتسق مع مصالح تل أبيب.
وتجاهر إسرائيل برغبتها في توظيف علاقاتها مع الدول الأفريقية في التأثير على أنماط تصويتها في المنظمات الدولية، ودفعها إما للتصويت ضد مشاريع القرارات "المعادية" لها، أو على الأقل الامتناع أو التغيب عن التصويت.
وخلال اللقاء الذي جمعه بممثلي إسرائيل في أفريقيا، الذي عقد في فبراير/شباط 2017، أوضح نتنياهو بشكل لا لبس فيه أن الهدف الرئيس لحكومته من محاولاتها تعزيز علاقتها بالدول الأفريقية هو التأثير على أنماط تصويتها في المحافل الدولية. وأضاف نتنياهو حينها: "في حال نجحنا في إحداث تحوّل على أنماط تصويت نسبة من الدول الأربع والخمسين التي تشكل القارة الأفريقية فإننا سننجح في إحداث تحول طابع التعاطي مع إسرائيل في المحافل الدولية".
واستناداً إلى هذا المعيار، فإن العلاقة مع أثيوبيا تكتسب أهمية كبيرة، لأنها أكثر دول شرق أفريقيا التي تصوّت إلى جانب مشاريع القرارات المناوئة لإسرائيل، وهو ما تفسره أوساط التقدير الاستراتيجي في تل أبيب بأنه حرص من أديس أبابا على علاقتها بالعالم العربي.
وحسب دراسة صدرت أخيراً عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، فإنه في الفترة الفاصلة بين عامي 2015 و2018، صوّتت إثيوبيا لصالح قرارات في غير صالح إسرائيل داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة 66 مرة، ولم يحدث مطلقاً أن صوّتت ضد مثل هذه القرارات، في حين امتنعت عن التصويت 8 مرات.
ولإبراز الفرق بينها وبين دول أخرى في شرق أفريقيا، فقد صوّتت دولة جنوب السودان خلال هذه المرة لصالح قرارات ضد إسرائيل 5 مرات، وعارضت مثل هذه القرارات 4 مرات، لكنها امتنعت 37 مرة عن التصويت، وتغيبت 30 مرة. في حين صوّتت راوندا 8 مرات لصالح قرارات ضد إسرائيل، وعارضتها مرة واحدة، وامتنعت عن التصويت 22 مرة، وتغيبت 44 مرة.
وتمثل زيارة آبي أحمد لإسرائيل أخباراً سيئة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على خلفية التوتر الشديد الذي تشهده العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا بسبب إصرار الأخيرة على مواصلة بناء سد النهضة، الذي ترى فيه مصر تهديداً وجودياً لها.
وعلى الرغم من أن حكومة تل أبيب نفت صحة التقارير التي أكدت أنها زوّدت إثيوبيا بمنظومات صاروخية من طراز "Spyder-MR" لتمكينها من الدفاع عن سد النهضة، إلا أن هذا النفي يفترض ألا يبدد مخاوف الجانب المصري، إذ يمكن تفسيره على أنه محاولة لتوفير بيئة تسمح في الوقت ذاته لتواصل التعاون الاستراتيجية بين تل أبيب ونظام السيسي.