التظاهرات التي تتضاعف أعداد المشاركين فيها من مختلف شرائح العراقيين، خاصة في العاصمة بغداد، واتسعت في اليومين الماضيين لتشمل مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، تواصل السلطات الحكومية العراقية مواجهتها بمختلف وسائل القمع، المتمثلة بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي. إلا أن التحدي الجديد الذي برز هذا الأسبوع، هو الهجمات التي تنفذها مجاميع مسلحة مجهولة على ساحات الاعتصام، وأدت إلى مقتل وإصابة أكثر من 40 متظاهراً حتى الآن، بينهم ناشطة، وتتمثل بفتح النار من مسافات بعيدة على ساحات التظاهر.
ووقعت ثلاثة حوادث حتى الآن، خلال أسبوع واحد، في كربلاء والبصرة والناصرية، سببت مقتل 5 متظاهرين وجرح ما لا يقل عن 40 آخرين، ليكون مجموع من سقط من متظاهري العراق، خلال الأسبوع الذي أوشك على الانتهاء 12 ضحية، بينهم فتى في الخامسة عشرة من العمر، فضلاً عن قرابة 200 جريح، من بينهم نحو 80 أصيبوا بالرصاص، 11 منهم بحالة حرجة، وفقاً لمصادر خاصة في وزارة الصحة العراقية، أكدت لـ"العربي الجديد" أنّ أسر بعض المصابين نقلوا ذويهم إلى مستشفيات في إقليم كردستان العراق، خوفاً من اعتقالهم على غرار ما حصل مع آخرين في أوقات سابقة.
وحتى الآن، تقدّر حصيلة غير رسمية عدد ضحايا التظاهرات العراقية، بأكثر من 600 قتيل ونحو 25 ألف مصاب، منذ تفجر الاحتجاجات مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سقط أغلبهم بنيران قوات الأمن العراقية، فضلاً عن اعتقال أكثر من 3 آلاف متظاهر، أُطلق سراح أغلبهم، بينما ما زال مصير أكثر من 30 ناشطاً جرى اختطافهم مجهولاً.
وسجل، اليوم الخميس، مقتل متظاهر عراقي على طريق محمد القاسم الذي يحيط ببغداد من جهة الجنوب.
وقالت مصادر حقوقية إنّ المتظاهر يدعى كاظم محمد، وتوفي متأثراً برصاص الأمن العراقي، كذلك أُصيب آخرون بجروح واختناقات بفعل الغاز.
وأطلق الأمن سراح مسعفة عراقية كانت بين المتظاهرين لتقديم المساعدة لهم، وأكدت المصادر ذاتها إصابة ناشط بكسور عدة في اليد والساق وضرب على مناطق حساسة بهراوات الأمن على جسر محمد القاسم جنوبي بغداد أيضاً.
وردد المتظاهرون شعارات مختلفة مناهضة لعمليات القمع ومماطلة السلطات العراقية في تنفيذ مطالب المتظاهرين، بما فيها تشكيل حكومة مؤقتة لحين الذهاب لانتخابات مبكرة في مدة لا تتجاوز عاماً واحداً، وتقديم المتورطين بجرائم الفساد للقضاء.
وتتركز التظاهرات التي تواصل اجتذاب مزيد من الشبان العراقيين، في مناطق الرصافة من بغداد، في وقت تواصل فيه قوات الأمن العراقية تعزيز قوات الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الشغب بمحيط وجود المتظاهرين.
وقطع المتظاهرون في جنوب العراق عدة طرق رئيسة، أبرزها طريق النجف ـ كربلاء، وسمح فقط للزوار الدينيين ومواكب العزاء والأعراس بالعبور من قبل المتظاهرين الذين كثفوا وجودهم عبر إحراق إطارات سيارات وتكديس حجارة على الطريق، كذلك قطع طريق البصرة ـ العمارة، وطريق بغداد ـ بابل وطريق المثنى ـ بغداد وطريق، الناصرية ـ بغداد، فضلاً عن عشرات الطرق الداخلية والجسور، بما فيها تلك المؤدية إلى موانئ البصرة على مياه الخليج العربي وحقول وشركات نفطية في ميسان وذي قار والديوانية.
وأمهل متظاهرو البصرة، اليوم الخميس، محافظ البصرة مهلة 48 ساعة لتقديم استقالته أو سيكون لهم موقف آخر، في إشارة إلى تصعيد أكثر بالاحتجاجات، وفقاً لما ذكره ناشطون في البصرة، وبيان تلاه متظاهرون في ساحة ذات الصواري وسط المدينة.
وقال الناشط حمزة الزبيدي من النجف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة كانت تنتظر منا أن نملّ ونعود إلى منازلنا، لكنها - كالعادة - لا تعي حجم الغضب والقهر بالشارع العراقي، لأنها معزولة عنه ولا تنتمي إليه".
وأضاف الزبيدي أنّ "قوات الأمن لا تواصل القمع فقط، بل تسكت عن جرائم مليشيات وعصابات مسلحة تستهدف المتظاهرين منذ اليوم الأول للتظاهرات"، متهماً الحكومة بأنها "تعرف من هي تلك الجهات التي تقتل المتظاهرين والناشطين، وتسكت عنهم، لأنه بالمحصلة هدفهم واحد، وهو إنهاء التظاهرات وقمع الانتفاضة".
وكشف عن وصول عشرات التهديدات، خلال اليومين الماضيين، إلى ناشطين ومتظاهرين على هواتفهم من جهات مجهولة.
وفي غضون ذلك، أعلنت شرطة محافظة ذي قار، الخميس، حصول اتفاق على إرسال وفد عشائري لمفاوضة المعتصمين على الطريق الدولي من أجل إعادة فتحه.
وقالت شرطة محافظة ذي قار، في بيان، إنّ "مديرية الشرطة عقدت مؤتمراً عشائرياً لمناقشة الأوضاع في المحافظة، وقررت خطة لتأمين الحماية للمتظاهرين المعتصمين في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية، وتقرر تشكيل وفد من شيوخ العشائر للتفاوض مع المتظاهرين على الطريق الدولي لإيجاد طريقة سلمية لفتحه، وذلك لتأثيره بالمحافظات الأخرى".