كوريا الجنوبية عشية القمة: السلام قبل الوحدة

26 ابريل 2018
تترقّب الكوريتان اللقاء (جونغ ييون ـ جي/فرانس برس)
+ الخط -
"السلام" هو كل ما يتطلّع إليه الكوريون الجنوبيون، رغم تفاوت رغبتهم في الوحدة مع كوريا الشمالية أو إبقاء الوضع على ما هو عليه حالياً. وفي ظلّ استعداد الكوريتين لقمة بينهما، غداً الجمعة، هي الأولى منذ عام 2007، قلّل كثير من الكوريين الجنوبيين مستوى توقعاتهم منذ القمتين السابقتين، آملين في تحقيق السلام بدلاً من إعادة توحيد شبه الجزيرة سريعاً.

بالنسبة للكثيرين في كوريا الجنوبية، فقد ازدادت فكرة تحقيق الوحدة صعوبة، ما لم تكن بعيدة المنال في نظرهم، على مدى 65 عاماً مضت منذ انتهاء الحرب مع كوريا الشمالية بهدنة (1950 ـ 1953). وخلّف إرث الحرب الدامية بين الكوريتين وعشرات السنين من الاستفزازات والتهديدات العسكرية وسعي بيونغ يانغ لامتلاك أسلحة نووية، انقسامات عميقة. ولا توجد أي فكرة في الأذهان عن كيف سيتأقلم الزعيم الكوري الشمالي ونظامه في كوريا موحدة. ولا يمكن تحديد شعور الناس في كوريا الشمالية المنعزلة إزاء القمة. لكن صحيفة "رودونغ سينمون" الكورية الشمالية الرسمية ذكرت الأسبوع الماضي، أن "هناك إرادة فولاذية لتحقيق الوحدة"، واصفة كيم بأنه "الرجل العظيم الفذّ الذي يقود دفة التاريخ ويوجّه ميول العالم".

أما باك جونغ-هو (35 عاماً)، وهو موظف في سيول، فقال "تقف كوريا الجنوبية الآن جنباً إلى جنب مع الدول المتقدمة بعد أن تبدلت أوضاعها من واحدة من أفقر الدول في العالم بفضل دم وعرق جيل آبائنا". وأضاف: "بعد الوحدة سيعود كل شيء لما كان عليه عندما كنا بلداً نامياً".

وقالت سوجي لي (31 عاماً)، وهي موظفة أخرى في سيول، إن "الوحدة لن تجلب لكوريا الجنوبية سوى الدمار الاقتصادي، وإن حال الكوريتين أفضل كبلدين منفصلين". ورداً على سؤال عن أول ما يطرأ على ذهنها عند التفكير في الوحدة، ذكرت أنها "العزلة والضرر".

أما جامعة سيول الوطنية، فذكرت في تقرير سنوي بشأن رأي الكوريين الجنوبيين في الوحدة، أنهم "منقسمون مناصفة تقريباً بشأن ما إذا كانت الوحدة ضرورية، ولكن نسبة من يؤيدون الأمر بقوة تراجعت باطراد منذ صدور التقرير للمرة الأولى عام 2007. وفي العام الماضي، قال 53.8 في المائة ممن شاركوا برأيهم إن الوحدة ضرورية مقارنة بأكثر من 63 في المائة في 2007".


وذكر التقرير أن "حقيقة انتماء الكوريين في جانبي شبه الجزيرة الكورية للعرق نفسه كانت السبب الأكبر وراء تأييد الوحدة، لكن هذا التأييد تراجع مع مرور السنين". وفي عام 2007، عزا 50.7 في المائة من الكوريين الجنوبيين الذين أيّدوا الوحدة هذا الرأي إلى الهوية العرقية باعتبارها "السبب الأكبر"، بينما كان هذا رأي 40.3 في المائة في 2017.

وأفاد استقصاء أجرته جامعة سيول الوطنية بأن "الحدّ من التوترات العسكرية كان سبباً لتأييد الوحدة في الفترة الزمنية نفسها". وأظهر استطلاع فصلي أجراه المجلس الاستشاري الوطني للوحدة في كوريا الجنوبية، في مارس/ آذار الماضي، أن "50.3 في المائة ممن شملهم الاستطلاع، يعتقدون أن نزع السلاح النووي يجب أن يكون البند الذي يحظى بالأولوية في القمة، تليه تهدئة التوترات العسكرية بنسبة 36.8 في المائة". وكانت نسبة من توقعوا تحقيق الوحدة خلال السنوات العشر المقبلة 23.5 في المائة، تلتها نسبة من يتوقعون ألا تتحقق الوحدة أبداً والتي بلغت 18.3 في المائة.

وتوقع باقي من شاركوا في الاستطلاع تحقيق الوحدة خلال فترات زمنية أخرى. وقال دانييل هان (37 عاماً)، والذي يعمل في شركة تابعة للدولة، إنه "يدعم الوحدة بسبب الفرص الاقتصادية التي قد تتاح لكوريا الموحدة". وأضاف أن "هناك مخاوف كثيرة تتعلق بكلفة الوحدة، لكن منافعها أكثر من الخسائر".

ويميل كبار السن في كوريا الجنوبية أكثر إلى الوحدة بين الكوريتين، إذ إنهم ما زالوا يذكرون ما كان عليه الحال عندما كانت الكوريتان بلداً واحداً. وقال كيم يونغ - تشول (89 عاماً)، وهو من قدامى المحاربين: "إننا شعب واحد. نتحدث اللغة نفسها ونبدو بالمظهر نفسه. بالطبع علينا أن نتحد". وأضاف أنه "لمَ يجب أن نعيش، ونحن شعب واحد، كأعداء؟ كل ما علينا فعله أن نسامح قليلاً". ويسعى الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن في هذه الجولة من الانفراج بين الكوريتين، إلى السلام والمصالحة باعتبارهما الأهداف الأكثر واقعية. وسيلتقي مون بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ ـ أون في قرية بانمونجوم الحدودية خلال القمة التي تعقد غداً. وعقدت القمتان السابقتان بين البلدين في عامي 2000 و2007.

بدورها، اعتبرت وزيرة خارجية كوريا الجنوبية كانغ كيونغ-هوا، أن "القمة بين الكوريتين ستصبح نقطة انطلاق لوضع الأساس لنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، وستؤدي دوراً إرشادياً لإنجاح القمة بين بيونغ يانغ وواشنطن".

وفي كلمتها أمام الحوار الاستراتيجي في شبه الجزيرة الكورية، الذي نظمته مؤسسة السلام الكورية أمس الأربعاء، أكدت وزيرة الخارجية على أن "قمة الكوريتين من المرجح أن تشكل مفهوماً مشتركاً لسبل استبدال نظام الهدنة القائم بين البلدين منذ عام 1953 إلى اتفاق سلام دائم". وأضافت وفقاً لوكالة أنباء "يونهاب" الكورية الجنوبية الرسمية، أن "القمة ستركز على مناقشة نزع السلاح النووي، وإحلال السلام الدائم في شبه الجزيرة الكورية، وتحسين العلاقات بين الجارتين، وذلك من شأنه أن يضع حجر الأساس لبداية جديدة للسلام". وأشارت إلى أن "تسوية القضية النووية الكورية الشمالية تمثل شرطاً أساسياً لإحلال السلام الدائم في شبه الجزيرة الكورية، وأيضا أجندة رئيسية في القمتين بين الكوريتين وبين كوريا الشمالية والولايات المتحدة".
(رويترز، قنا)



المساهمون