"الوفاق" الليبية: سنضطر لإعادة النظر بأي حوار أمام خروقات حفتر

27 يناير 2020
تبدو الهدنة مهددة أكثر من أي وقت(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
دعا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، الأطراف الدولية المشاركة في مؤتمر برلين إلى تحمل مسؤولياتها "تجاه خروقات الهدنة ومقررات المؤتمر"، في وقت أكد مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، التابع لحكومة الوفاق، استمرار توتر محاور القتال في جنوب طرابلس وشرقي منطقة أبوقرين (130 كيلومتراً غرب سرت).
وقال المجلس الرئاسي، في بيان نشره المكتب الإعلامي عند أولى ساعات صباح اليوم الإثنين، إنه من المحتمل أن يعيد "النظر في مشاركته في أي حوارات بسبب خروقات" قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر للهدنة المعلنة منذ يوم 12 من الشهر الجاري، محمّلاً المشاركين في قمة برلين "المسؤولية عن عدم التزام الطرف الآخر"، مؤكداً أنه "وقّع على وقف إطلاق النار استجابة لتدخلهم وتقديراً لمكانتهم، لكن القوات المعتدية خرقت الهدنة، حيث تساقطت صواريخها على منطقتي عرادة، وسوق الجمعة، ومطار معيتيقة المدني في طرابلس"، مضيفاً أن قوات حفتر "نفذت، مع مرتزقة، هجوماً برياً على مناطق أبوقرين، والقداحية، والوشكة، مدعومة بطيران أجنبي".


وكانت قوات الحكومة قد استعادت منطقة أبوقرين بعد أقل من ساعة من اقتحام قوات حفتر لها، فيما أكد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التابع لحكومة الوفاق، عبد المالك المدني، في تصرح لـ"العربي الجديد"، أن الأوضاع لا تزال تشهد توتراً واشتباكات في أغلب المحاور.
وبشأن أبوقرين، أوضح المدني أنها "تحت سيطرة قواتنا بشكل كامل، وأن الاشتباكات جرت بشكل عنيف خلال الساعات الماضية في اتجاه منطقة الوشكة، على الطريق الرابط بسرت"، مشيراً إلى غرفة ثابتة وأخرى متحركة في الوشكة.
وعن محاور القتال في طرابلس، قال إنها "شهدت اشتباكات متقطعة بعضها في محور الزطارنة، وأخرى في منطقة الخلاطات وصلاح الدين، حيث استهدفت مدفعيتنا ثلاث منصات لإطلاق الهاون ودمرتها بالكامل".
وبينما حاول المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر، أحمد المسماري، تبرير الهجوم الفاشل على منطقة أبوقرين بأنه "هجوم استباقي" لهجوم كانت تعدّ له قوات الحكومة، وبالتالي الهجوم "لا يُعدّ خرقاً للهدنة"، لا يزال الصمت الدولي على حاله تجاه خروقات قوات حفتر، ولا سيما من المشاركين في قمة برلين.
من جانبها، اكتفت البعثة الأممية في ليبيا ببيان استنكرت فيه الاعتداء المتكرر على مطار معيتيقة، من دون أن تسمي الطرف المعتدي.
وطالبت البعثة، في بيانها ليل الأحد، أطراف النزاع في ليبيا بعدم التصعيد والالتزام بالهدنة.



وعما يمكن أن تفعله الأطراف الدولية الموقعة على اتفاق برلين، في 19 من الشهر الجاري، حيال خرق الهدنة وعودة القتال، يؤكد الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش، أن كل ما قدمته برلين هو إفساح المجال لحفتر لترتيب قواته وغض الطرف عنه مقابل عرقلة دول مثل تركيا عن المضي في تقديم عونها للطرف الآخر، وهو حكومة الوفاق.
ويؤكد الأطرش في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مؤتمر "برلين، والمشاركين فيه، لا يمكنهم فعل أكثر مما توصلوا إليه، وخصوصاً أن الفشل بات واضحاً الآن بتحرك الأطراف المشاركة فيه بشكل فردي، بعيداً عما اتُفق عليه"، متسائلاً: "أين إيطاليا وألمانيا اللتين أعلنتا استعدادهما لإرسال قوات للفصل بين القوتين في جنوب طرابلس وفي محيط سرت؟".
وكانت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق قد عبّرت عن قلقها، في بيان، منتصف يوليو/ تموز الماضي، من نشاط شركة "أجنحة الشام" في بنغازي، فيما قالت عملية "بركان الغضب"، مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، إن "الطائرات السورية التابعة لشركة أجنحة الشام المعروفة بتورطها في نقل أسلحة ومقاتلين من روسيا إلى سورية تنشط حالياً في بنغازي".
كما ذكرت البعثة الأممية، في بيان لها، في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن "هناك عدداً من الطائرات تصل من سورية إلى بنغازي، من دون معرفة طبيعة تلك الطائرات".
وأكدت المصادر أن هؤلاء المقاتلين جيء بهم لتعويض النقص في جبهات القتال، بعد تراجع أعداد مقاتلي شركة "فاغنر" الأمنية، وانسحاب مقاتلي شركة روسية أخرى من مهام تأمين مواقع النفط في منطقة الهلال النفطي، مشيرة إلى أن "المقاتلين السوريين الذين تم نقلهم من قاعدة بنينه في بنغازي إلى قاعدة الجفرة قبل نقلهم براً إلى محاور القتال في جنوب طرابلس يُظهر عتادهم العسكري أنهم تلقوا تدريبات عالية"، ولا تتوفر لدى المصادر تفاصيل أخرى بشأن العدد النهائي المستهدف من المقاتلين السوريين، لكنها أكدت أنه عمل يجري بمعرفة وموافقة من الجانب الروسي.
وتعليقاً على هذه المعلومات، يقول المحلل السياسي الليبي عبد الحميد المنصوري، إنها "معلومات تؤكد استعداد حفتر لخرق معلن للهدنة، وإن موافقته على وقف مبدئي لإطلاق النار ما هو إلا للحصول على فترة لترتيب جنوده، وجلب المزيد من الدعم"، لافتاً إلى أن وصول مقاتلين يعني بكل تأكيد وصول دعم عسكري من جانب داعميه وتحديداً من أبوظبي.
وحول الحراك الدولي بشأن مستجدات الوضع في ليبيا، يؤكد المنصوري في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الدول الداعمة لحفتر عادت لحراكها السياسي من أجل حشد الدعم لمعركته المقبلة.
وبعد ساعات من انتهاء زيارة رسمية أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للجزائر، يُنتظر أن يزورها، اليوم الإثنين، وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد.
وجاء في بيان للخارجية الجزائرية أن عبد الله بن زايد "سيجري محادثات مع نظيره الجزائري، صبري بوقدوم، كما سيحظى باستقبال الرئيس عبد المجيد تبون ورئيس الحكومة عبد العزيز جراد".
وكان أردوغان قد وصل إلى الجزائر، أمس الأحد، بعد تصريحات أكد فيها أن الملف الليبي سيحظى باهتمام خلال لقائه بالمسؤولين في الجزائر، مشدداً على أن الجزائر "عنصر مهم للسلام في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة"، معرباً عن ثقته في أن تكون للجزائر "إسهامات بناءة لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا".
وعلى غير آراء كثير من المتابعين بأن زيارة أردوغان لم تنته لشيء لصالح تحالفه معه حكومة الوفاق، يرى المنصوري أن إعلان الجزائر عن زيارة وزير الخارجية الإماراتي بشكل مفاجئ، قد يعكس نجاح أردوغان في الوصول إلى عدة نتائج لصالح حكومة الوفاق، اضطرت بن عبد الله للمجيء على وجه السرعة، في محاول لتقويض أي تقارب تركي جزائري لا يخدم مصالحها في ليبيا من خلال حفتر.
وبحسب المحلل السياسي الليبي، فإن تركيا بعد الفشل الأوروبي في برلين، اتجهت للتعويل على دول الحوار الأفريقي لبناء تحالف في اتجاه تغيير موازين القوى الإقليمية، مقابل حلف غربي تقوده الإمارات، داعم للطرف المعتدي على الشرعية في ليبيا.