إقالة بانون من فريق ترامب الأمني ... والآتي أعظم

05 ابريل 2017
بانون أقيل بطلب من ماكماستر (تشيب سومودفيلا/Getty)
+ الخط -




في خطوة تعكس مدى التخبط في الإدارة الأميركية، والتحديات والمفاجآت التي تنتظرها على خلفية التحقيقات في قضية التدخل الروسي في الانتخابات، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب أقال مستشاره الاستراتيجي، ستيف بانون، من منصبه في لجنة خاصة بالأمن القومي، وأعاد إلى اللجنة رئيس هيئة الأركان المشتركة والاستخبارات، كذلك ضم إليها مدير "سي آي إيه"، والمندوبة الأميركية الدائمة في مجلس الأمن الدولي.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن التغييرات في الفريق الأمني للرئيس جاءت بناءً على طلب مستشار الأمن القومي الجديد، الجنرال هربربت ماكمستر، والذي خلف الجنرال مايكل فلين بعد أن أجبر على الاستقالة من منصبه مستشارًا للأمن القومي، بسبب لقاء سري عقده مع السفير الروسي في واشنطن، سيرغي كيسلاك.

وعلى الرغم من أن الخطوة تقتصر على استبعاد بانون من الفريق الأمني للرئيس، إلا أنها تؤشر أيضًا إلى احتمال استبعاده من الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس في البيت الأبيض، بعد ورود اسمه في لائحة المقربين من ترامب الذين عقدوا لقاءات سرية مع مسؤوليين روس.

في المقابل، رأى مسؤول في إدارة ترامب، رفض الكشف عن اسمه، أن إقالة بانون من مجلس الأمن القومي إجراء طبيعي. وزعم المسؤول أن مهمة بانون في اللجنة المصغرة كانت مراقبة المستشار السابق مايكل فلين.

وتؤشر إقالة بانون إلى توقع إدارة ترامب حصول تطورات دراماتيكية في التحقيقات الجارية في التدخل الروسي بالانتخابات، خصوصاً بعد الكشف عن اجتماع سري عقده مستشار ترامب وممول حملته الانتخابية، إريك برنس، مع مساعدين للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في جزر السيشيل، لتأمين قناة سرية بين الكرملين والبيت الأبيض.


من جانب آخر، تداخلت الأسماء المتداولة في التحقيقات الأميركية في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وما عاد هدف التحقيقات يقتصر على المقربين من الرئيس الأميركي، والذين عقدوا لقاءات مشبوهة مع مسؤولين روس قبل وبعد الانتخابات، مع كشف مسؤولين أمنين سابقين عن دور قامت به مستشارة الأمن القومي في إدارة الرئيس باراك أوباما، سوزان رايس، في عملية تسريب أسماء مسؤولين في فريق ترامب أجروا اتصالات مع المسؤولين الروس، ومن هؤلاء مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، مايكل فلين، بعد الكشف عن تسجيلات محادثاته مع السفير الروسي في واشنطن، سيرغي كيسلياك، والتي عقدها في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقد خرجت سوزان رايس عن صمتها، ونفت في عدد من الأحاديث الإعلامية في الساعات الماضية تسريب معلومات إلى وسائل الإعلام، موضحة أن طلبها معرفة أسماء أميركيين تناولت تقارير استخباراتيه اتصالاتهم مع مسؤولين روس هو في صلب عملها وصلاحياتها بصفتها مسشارة للأمن القومي. ورفضت رايس الاتهامات الموجهة ضدها باستخدام معلومات أمنية، واستغلال منصبها لاعتبارات سياسية. كذلك نفت اتهامات وجّهها الرئيس الأميركي وفريقه، تشير إلى أنها طلبت من الأجهزة الأمنية التجسس على الحملة الانتخابية لترامب، وزرع أجهزة تنصت في "ترامب تاور"، مقر الحملة في نيويورك.

ويرى الديمقراطيون في الكونغرس أن إثارة قضية سوزان رايس، واتهامها بتسريب أسماء المتورطين في الاتصال مع الروس، هو محاولة من فريق ترامب لحرف التحقيقات عن هدفها، وهو كشف المتورطين بتدخل دولة أجنبية، هي روسيا، في الانتخابات الأميركية، خصوصًا مع الكشف عن أسماء ولقاءات جديدة عقدها مسؤولون في حملة ترامب الانتخابية.

في المقابل، يسعى الجمهوريون إلى استدعاء رايس إلى جلسة استجواب في الكونغرس لمناقشة الاتهامات الموجهة إليها، وهم يشيرون إلى دورها عام 2012، بعد الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، والذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي في ليبيا. حينها تبنت مستشارة الأمن القومي فرضية عدم وجود عمل إرهابي، وأدلت بتصريحات لوسائل الإعلام، نفت فيها وقوف تنظيم إرهابي وراء هجوم بنغازي، وهو ما اتضح بطلانه في وقت لاحق، الأمر الذي حرمها من تبوء منصب وزارة الخارجية في إدارة أوباما الثانية، خلفًا لوزيرة الخارجية في الولاية الأولى، هيلاري كلينتون

ومن بين الأسماء الجديدة التي سلّط الإعلام الأميركي الضوء عليها، برز اسم مؤسس شركة "بلاك ووتر" للخدمات الأمنية، إريك برنس، وهو أحد الممولين المقربين من ترامب وأبرز المتبرعين لحملته الانتخابية. فقد أشار تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" إلى اجتماع سرّي عقده برنس في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، في جزر السيشل، مع شخصيات روسية قريبة من الرئيس فلاديمير بوتين. وذكرت الصحيفة أن شخصيات من العائلة الحاكمة في دولة الإمارات العربية المتحدة لعبت دورًا في ترتيب اجتماع السيشل، في إطار جهود بذلتها لتأمين قناة اتصال سرّية بين الكرملين والرئيس الأميركي الجديد.

وحسب الصحيفة الأميركية، فإن الهدف الإماراتي من وراء هذا الدور هو السعي للتقارب مع موسكو، وإبعادها عن المحور الإيراني الذي يوسع نفوذه في المنطقة العربية.

ونقلت "واشنطن تايمز" عن مسؤولين أميركيين أن اجتماع سيشيل جاء بعد اجتماعات منفصلة عقدت في نيويورك، شارك فيها ممثلون عن روسيا والإمارات وفريق ترامب الانتقالي. وقد أقر البيت الأبيض بمشاركة مايكل فلين، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس وكبير مستشاريه، في اجتماعات عقدت في نيويورك مع السفير الروسي في الولايات المتحدة سيرغي كيسلياك. كذلك شارك كوشنير وفلين، بالإضافة إلى بانون، في اجتماع سرّي عقد في نيويورك مع ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد.

ونفى البيت الأبيض أيّ دور رسمي لإريك برنس في فريق ترامب، على الرغم من تردده المتكرر إلى مقر الحملة الانتخابية، وتبرعه بمبلغ 250 ألف دولار للحملة، إضافة إلى كونه شقيق وزيرة التربية في حكومة ترامب، بيتي دافوس.

ولا يحظى برنس بسمعة جيدة في واشنطن، خصوصًا بعد تورط شركته "بلاك ووتر" بعمليات أمنية في العراق، خلال وجود القوات الأميركية، وقد تسبب أحد الحوادث الأمنية التي تورط فيها حراس "بلاك ووتر" بمقتل عدد من المدنيين العراقيين عام 2007.

وبعد رفع قضايا ضد الشركة، وإدانتها أمام القضاء الأميركي، سارع برنس إلى بيعها، لكنه ما زال يقوم بأعمال مشابهة، ويدير شركات وتعهدات في دول الشرق الأوسط وآسيا.