قال مسؤولون عراقيون في مديرية الدفاع المدني بالموصل، شمال العراق، إن عدد ضحايا مجزرة الغارة الأميركية التي استهدفت حي الموصل الجديدة، وسط الساحل الغربي للمدينة، ارتفعت إلى 511 شخصاً، من بينهم 187 طفلاً دون سن الخامسة عشرة.
وفي هذا السياق، كشف مسؤول عسكري ببغداد عن معلومات قال إنها مؤكدة، تشير إلى استخدام الجيش الأميركي، الخميس، قنابل كبيرة محرمة داخل المدن وذات تدمير عال، أدت بالنهاية إلى سقوط هذا العدد الهائل من الضحايا.
وانتشلت فرق الدفاع المدني، خلال الساعات الماضية، 43 جثة تعود لعائلة عمر عبد الباقي، أحد أعيان الموصل، الذي قتل مع زوجته وأبنائه وأحفاده في منزلهم.
وقال النقيب ليث ستار، من فريق الدفاع المدني الأول، إن "عدد الضحايا بلغ 511 حتى الآن، ولا نعلم أين سنجد ضحايا آخرين، فبعضهم ألقاه عصف القصف على بعد مئات الأمتار، وبعضهم تناثر إلى أشلاء"، مضيفاً أن "هناك ما لا يقل عن 200 ضحية معالمهم غير واضحة، بسبب انصهار بعضها نتيجة الحرق والعصف، أو تهشمها تحت الحجارة والأنقاض، وغالبيتهم نساء وأطفال لم يتم التعرف على هوياتهم".
ولفت ستار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هذه أعلى حصيلة تسقط في العراق منذ الاحتلال وحتى الآن من المدنيين، وهناك فريق تحقيق دولي وصل، فجر الأحد، إلى موقع المجزرة في شارع واحد داخل حي الموصل الجديدة".
في غضون ذلك، ذكر مسؤول عسكري عراقي أن الطيران الأميركي استخدم قنابل محرمة داخل المدن بسبب قوتها التدميرية، والمعلومات بشأن مجزرة الموصل تشير إلى أنه قد جرى استعمال تلك القنابل. وبيّن لـ"العربي الجديد"، أن "ست قنابل منها دمرت الشارع المستهدف، وثلاثة أزقة مجاورة له، والآثار واضحة جدا، فحالة تفحم الجثث وانصهار الحديد والفجوات العميقة التي خلفتها القنابل في الأرض لا يمكن أن تكون من صاروخ عادي".
إلى ذلك، أفادت مصادر محلية في الموصل، لـ"العربي الجديد"، بأن تأخر انتشال الضحايا تسبّب بموت عشرات الجرحى، الذين كان يمكن إنقاذهم بعد القصف مباشرة.
وأشارت إلى أنّ "القوات العراقية علمت بالمجزرة، لكنها حاولت التكتم عليها، كما لم تقم بفعل شيء لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض، وهو ما أدى إلى ارتفاع الحصيلة".
وفي سياق متصل، وبعد يوم واحد من ظهور رئيسة مجلس قضاء مدينة الموصل، بسمة بسيم، وتنديدها بالمجزرة، واتهامها للقوات المشاركة بالهجوم بانتهاج "سياسة الأرض المحروقة والقتل الجماعي"، قال مسؤولون محليون إن أوامر صدرت من حكومة بغداد بمنع دخولها إلى المدينة ومتابعة شؤون المواطنين العالقين في مناطق القتال أو الفارين منها.
وظهرت بسيم على عدد من محطات التلفزيون الفضائية منددة بالمجزرة، وأعلنت عن رفع شكوى ضد التحالف الدولي بسبب انتهاجه "سياسة القتل الجماعي والأرض المحروقة".
وقال مسؤول قسم التنسيق والمتابعة في ديوان محافظة نينوى، محمد عمران، لـ"العربي الجديد"، إن "المنع تم بسبب تصريحاتها، وأبلغ الجيش بذلك، وأُمرت، أمس السبت، بمغادرة المدينة وعدم العودة مجددا".
من جانبها، قالت بسيم، على صفحتها عبر موقع "فيسبوك"، إنها تعتذر عن المواصلة بعد منع دخولها إلى المدينة، مضيفة "أهلي في مدينة الموصل أعتذر منكم، لم يعد بإمكاني الوصول إليكم، فقد صدر توجيه من القيادات الأمنية بمنعي من دخول الجانب الأيمن ابتداء من يوم السبت 25/3/2017، وربما حتى منعي من دخول الجانب الأيسر، لست متأكدة من موضوع الأيسر، علما أنني لم أرتكب خطأ سوى أني نقلت للإعلام الصورة الحقيقية لتدمير التحالف الدولي لمنطقة الموصل الجديدة، وطالبت بفتح تحقيق بهذه المجزرة، والنتيجة منعي من دخول الجانب الأيمن ومن أداء واجبي".
يأتي ذلك بالتزامن مع منع القوات العراقية ثلاث فرق إعلامية من دخول الموصل والتوجه إلى مكان القصف الجوي الأميركي.
ووفقا لمصادر عسكرية عراقية، فإن المنع جاء من قيادة عمليات نينوى في الجيش العراقي، إذ تمت إعادة 13 صحافيا غربيا وصلوا إلى مشارف المدينة لتغطية الحدث، في حين تم السماح لوسائل إعلام محلية تابعة للحكومة ولأحزاب سياسية ومليشيات بالدخول ونقل جانب من المعارك هناك.
خلال ذلك، قال مسؤولون عسكريون في وزارة الدفاع العراقية إن قواتها تراجعت عن بعض مواقعها في الموصل بفعل هجمات واسعة نفذها التنظيم، فجر اليوم الأحد، وخاصة في مناطق باب الطوب وباب البيض ونابلس، وسط الساحل الأيمن للمدينة، التي أنهت ستة أسابيع على بدء القتال منذ أعلن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، عن بدء عمليات استعادة ساحل المدينة الغربي، بدعم من التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بقيادة واشنطن.
وجاء الانسحاب إثر استهداف القوات العراقية بهجمات انتحارية واسعة نفذها التنظيم صباح الأحد، أوقعت خسائر في صفوفها، فيما تستمر الاشتباكات بمحاور أخرى من المدينة دون تحقيق أي تقدم كبير، على غرار ما شهدته الأيام الماضية.