المعارضة الجزائرية تنتقد "تدويل السلطة للأزمة": لعمامرة بجولة خارجية لـ"شرح الموقف"
ووجدت السلطة الجزائرية نفسها في حالة "تسلل سياسي" بعدما بادرت إلى تدويل الأزمة، عبر إيفاد نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية رمطان لعمامرة إلى موسكو وروما وباريس وبروكسل، للقاء مسؤولين في هذه العواصم تزامنا مع وجود وزير الخارجية السابق عبد القادر مساهل في واشنطن.
وانتقد عضو تكتل المعارضة السفير الجزائري السابق في مدريد عبد العزيز رحابي جولة لعمامرة التي بدأها من روما ثم موسكو.
وهاجم رحابي تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن الجزائر، مؤكدا أنه "غير مقبول ويصبّ في سعي السلطة إلى تدويل أزمتنا السياسية والالتفاف على مطالب الشعب".
وقال عضو تكتل المعارضة، وهو وزير اتصال سابق: "روسيا بلد صديق وحليف، ولكن لا يجب أن تتدخل في شؤوننا الوطنية بتأييد خطة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التي تمثل الخطر الأساسي لضرب استقرار الجزائر بمصادرة إرادة الشعب".
وكان وزير الخارجية الروسي قد حذّر من مغبة محاولات زعزعة الاستقرار في الجزائر، وعبر عن "رفض موسكو القاطع لأي تدخل خارجي في الشؤون الجزائرية الداخلية".
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الجزائري: "نتابع تطورات الأوضاع في الجزائر باهتمام، ونحن ضد أي تدخل خارجي، والشعب الجزائري هو من يقرر مصيره بناء على الدستور".
وأكد القيادي في حركة "مجتمع السلم" نصر الدين حمدادوش أن "السلطة، التي تعيش حالة ارتباك لافت، قد تفتح الباب واسعا أمام الإملاءات والتدخلات الأجنبية، عبر إيفاد وزراء ومسؤولين على غرار جولة لعمامرة"، مشيرا إلى أن "تعيين لعمامرة كنائب لرئيس الحكومة واستدعاء الأخضر الإبراهيمي في حد ذاته كان رسالة للخارج من قبل السلطة، على خلفية موقعهما في المجتمع الدولي".
وأكد رئيس حركة "البناء الوطني" والمرشح الرئاسي السابق عبد القادر بن قرينة أن "محاولة السلطة الاستقواء بالخارج على مطالب الحراك الشعبي مرفوض بالكامل"، وانتقد مبادرة إرسال عدد من المسؤولين إلى العواصم الكبرى بزعم "شرح الموقف في الجزائر".
وأوضح بن قرينة، لـ"العربي الجديد" أن "السلطة التي كانت دائما تخوّن المعارضة باتهامها بأنها أداة بيد الخارج، لكن عندما فقدت شرعيتها الدستورية والشعبية والأخلاقية لم يبق لها إلا الاستقواء بالخارج، وهذه حالة إفلاس ترقى إلى مستوى الخيانة السياسية".
وفي السياق ذاته، دانت "منظمة المجاهدين" (قدماء محاربي ثورة التحرير) سعي السلطة إلى "تدويل الأزمة".
وقال الأمين العام المساعد للمنظمة خير الدين أورمضان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "تصريحات المسؤول الروسي غريبة وغير مقبولة. الجزائر ليست محمية روسية كي تعلن موسكو رفضها أي تدخل في الشؤون الجزائرية.. الروس أصدقاء للجزائر، وإذا كانت روسيا تعتقد أن شراء الجزائر للأسلحة منها يسمح لها بأن تعبر عن مواقف سياسية باسم الجزائر فهي مخطئة".
وأضاف "أي تدخل خارجي في أزمة الجزائر مرفوض، وما يحدث قضية داخلية حلّها بين الجزائريين"، منتقدا، في السياق ذاته، زيارات لعمامرة.
واعتبر أورمضان أن "التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غير مقبولة، وعلى السلطات الفرنسية أن تهتم ببلادها التي تحترق بالاحتجاجات، أما نحن فقادرون على حل مشاكلنا بأنفسنا مهما بلغت طبيعة هذه المشاكل، ولا يمكن لأي أجنبي أن يتدخل في شؤوننا الداخلية".
ويرى مراقبون أن لجوء السلطة الجزائرية إلى إعطاء أولوية للتواصل مع الشركاء والعواصم الغربية الكبرى "قد يتعلق بإبلاغ الغرب قرار السلطة الإصرار على تمرير خطة الرئيس بوتفليقة لتسليم السلطة، والمتضمنة عقد ندوة وفاق وطني، وتعديل الدستور، مهما كانت الظروف والتطورات".
وبرأي المحلل السياسي علي لخضاري، فإن الجولة الخارجية للعمامرة "لا تتعلق بشرح موقف أو وضع، لكنها تنطوي أيضا على مخاطر تدفع بالجزائر إلى دائرة مزيد من الابتزاز للبلاد في ظل وضع هش".
إلى ذلك، رفع طلبة تظاهروا في العاصمة، اليوم الثلاثاء، شعارات ترفض التدخل والمواقف الغربية إزاء التطورات والوضع في الجزائر.