ما وراء سعي إسرائيل لتعزيز علاقاتها بدول البلطيق؟

27 اغسطس 2018
بحث إسرائيلي عن الدعم بالمحافل الدولية (بيتراس مالوكاس/فرانس برس)
+ الخط -
عكست الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أواخر الأسبوع الماضي، والتي أنهاها في ليتوانيا، والتي التقى خلالها بقادة دول البلطيق، التي تضم أيضا كلا من أستونيا ولاتفيا، الأهمية الكبيرة التي تنظر بها تل أبيب لتطوير العلاقات مع هذه الدول. 

وتراهن تل أبيب، من خلال توثيق العلاقات بدول البلطيق، على تحسين مكانتها الدولية والسياسية، من خلال استغلال عضوية هذه الدول في كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، إلى جانب تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، عبر فتح أسواق جديدة أمام صناعة السلاح والتقنيات والسايبر الإسرائيلية، في ظل تبني القيادة في تل أبيب نهجا في السياسة

الخارجية يقوم على تنويع التحالفات الدولية والإقليمية.

ولعل أهم الأهداف التي حاول نتنياهو تحقيقها خلال اجتماعه بقادة البلطيق هو السعي لإحداث شرخ داخل الاتحاد الأوروبي، من خلال محاولة إقناع هذه الدول بتبني مواقف تتعارض مع مواقف الاتحاد الرسمية، وتتماهى مع مواقف إسرائيل من الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى. 

وكان نتنياهو واضحا عندما أقر، في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع قادة دول البلطيق، حيث عبر عن أمله في أن ينجح في إقناعهم بتبني موقف مغاير عن مواقف الاتحاد الأوروبي من الاتفاق النووي مع إيران، حيث توسع في الحديث عن "المخاطر" التي يمثلها المشروع النووي لإيران وتوسعها في المنطقة؛ ووصف موقف الاتحاد من الاتفاق النووي بـ"المشوه وغير المعقول".

وهاجم نتنياهو، بشكل خاص، قرار الاتحاد الأوروبي تحويل مبلغ 18 مليون يورو لإيران، حيث اعتبره "خطأ كبيرا". 

وانطلاقا من حرصه على بعث الخوف في أوساط الأوروبيين، فقد زعم نتنياهو أن الترسانة النووية الإيرانية لن تستهدف إسرائيل فحسب، بل بشكل خاص أوروبا. 

ولم يسع رئيس حكومة الاحتلال فقط إلى ضمان تجنيد هذه الدول لضمان دعم موقف إسرائيل من الاتفاق النووي مع إيران، بل إنه حاول أن يقنعها بتبني موقف تل أبيب من الصراع مع الشعب الفلسطيني. 

وعشية زيارته ليتوانيا، قال نتنياهو إنه يهدف أيضا إلى إقناع دول البلطيق بعدم تبني موقف الاتحاد الأوروبي من الصراع مع الفلسطينيين، القائم على اعتبار حل الدولتين هو الحل الأنسب لهذا الصراع.

ونقلت صحيفة "ميكور ريشون" الإسرائيلية، اليوم، عن السفير الإسرائيلي في ليتوانيا أمير ميمون، قوله إن اللقاء مع قادة البلطيق مثل "فرصة لإطلاعهم على الرؤية الإسرائيلية إزاء العديد من التحديات التي تواجهها إسرائيل، سيما التهديدات التي تمثلها حركة حماس وحزب الله والواقع في سورية".


 

وعلى ما يبدو، فإن نتنياهو لم يحرز إنجازا كبيرا في محاولته إقناع هذه الدول بتفهم المواقف الإسرائيلية من الصراع مع الشعب الفلسطيني، حيث إن رئيس وزراء لاتفيا، ماريس كوسينسكيس، شدد  خلال المؤتمر الصحافي المشترك على أن دول البلطيق تتبنى موقف الاتحاد الأوروبي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وعلى كل الأحوال، فقد ضمنت الزيارة تمهيد الأرضية لتعزيز العلاقة بين الجانبين، حيث تقرر خلال الزيارة أن تعقد مجموعة "B3"، التي تضم دول البلطيق، اجتماعها السنوي القادم في القدس المحتلة.

وهدفت زيارة نتنياهو إلى البحث عن أسواق جديدة للسلاح والتقنيات المتقدمة الإسرائيلية، حيث تم الاتفاق بشكل عام على إطار يسمح بالتوصل لصفقات لبيع العتاد ومنظومات تسليح متقدمة والسايبر إلى هذه الدول، إلى جانب التعاون في مجال الابتكارات العلمية. 

وقالت الكاتبة الإسرائيلية فيزات ربينو إن إسرائيل تهدف من خلال تكثيف اتصالاتها مع دول البلطيق، كما هو الحال مع دول أوروبا الشرقية والوسطى، إلى التوصل إلى "صفقة متكاملة" مع هذه الدول تقوم على تقديم إسرائيل دعما أمنيا وتقنيا، وتدشين مشاريع في مجال الاختراع، مقابل أن تدعم هذه الدول المواقف والرؤى الإسرائيلية المختلفة من القضايا المختلفة، وضمان دعمها عند مناقشتها في اجتماعات الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو"، وهما المنظمتان اللتان تعد هذه الدول أعضاء فيهما. 

وفي تحليل نشرته اليوم صحيفة "ميكور ريشون"، أشارت ربينو إلى أن إسرائيل تهدف أيضا إلى توظيف هذه "الصفقة" في ضمان تأييد هذه الدول إسرائيل عند التصويت على القرارات التي تمرر في المحافل الدولية والأممية؛ حيث أشارت إلى أن إسرائيل تواجه معضلة في ضمان تجنيد دول لدعمها.

ويحرص نتنياهو خلال جولاته تحديدا في أوروبا الشرقية والوسطى على تقديم المواجهة بين الاحتلال الإسرائيلي من جهة، والمقاومة الفلسطينية وحزب الله من جهة أخرى، على أساس أنه جزء من المواجهة التي تشنها تل أبيب ضد "الإسلام المتطرف"؛ بشكل يوجب دول أوروبا والغرب بشكل عام للوقوف إلى جانبها.

وفي اللقاء الذي جمعه في يوليو/تموز الماضي بقادة مجموعة "فيسغارد"، التي تضم كلا من هنغاريا، بولندا، التشيك، وسلوفاكيا، تعهد نتنياهو بأن تضطلع إسرائيل بالدور الرئيس في مواجهة "الإسلام المتطرف وتقليص مخاطره دفاعا عن أوروبا"، مدعيا أن إسرائيل تمثل "قلعة متقدمة" للدفاع عن أوروبا.

دلالات